الجدة سندلر
الثلاثاء 2024/12/03
إسرائيلية تحتفي بدمار كفركلا: لا أريد عودة سكانها
increase
حجم الخط
decrease
مشاركة عبر
كعادتها، وجدت إسرائيل في هدنة الستين يوماً في لبنان، فرصة لاستعراض دعايتها بشأن حصيلة القتال الذي دار بين جيشها و"حزب الله" في الجبهة الشمالية لأكثر من سنة، بهدف تمرير رسائل أمنية وسياسية ونفسية للبنانيين والعرب والعالم، وللإسرائيليين أنفسهم أيضاً!
وبرزت رسائل دعائية مباشرة ومستترة في تقرير بثته قناة "كان" العبرية، واكب تفاصيل "زيارة تفقدية" أجرتها عائلة سندلر الإسرائيلية إلى منزلها في مستوطنة المطلة المحاذية للبنان بعد غيابها عنه لمدة 14 شهراً بسبب الحرب، علماً أن المطلة هي إحدى المستوطنات الأكثر تضرراً في الحرب، نظراً لقربها من الحدود، وسارعت الحكومة الإسرائيلية إلى أمر قاطنيها في الأيام الأولى للمواجهة إلى النزوح جنوباً، لسببين: الأول إبعادهم عن خطر الصواريخ وسيناريو اقتحام مقاتلي "حزب الله" للجليل، والثاني، تحويل هذه المستوطنات إلى خطوط أمامية للجيش الإسرائيلي واستخباراته خلال الحرب.
وارتأى روبي همرشلاغ، معد التقرير الذي ترجمته قناة "مكان" من العبرية إلى العربية، أن يرافق عائلة سندلر إلى منزلها في المستوطنة. ورصد التقرير المشاهدات الأولى من قبل العائلة الإسرائيلية للأضرار التي تعرضت لها منازل المطلة عموماً، ومنزلها خصوصاً، مروراً بعقد مقارنة بين الأمس واليوم، وكيف أصبحت الأمور في المستوطنة.
صاروخ في غرفة النوم
ونوه التقرير الإسرائيلي بأن أبناء وأحفاد سندلر لم يأتوا لمعاينة ما حل بمنزلهم، وإنما الجدان فقط، ليكتشفا أن صاروخاً لـ"حزب الله" اخترق غرفة النوم، لكن المنزل في العموم يعد أقل ضرراً من غيره في المطلة، بالنظر إلى أن منازل إسرائيلية أخرى دمرت واحترقت بشكل كامل، علماً أن الجدين جاءا فقط لتفقد المنزل، لا العودة إليه في هذه المرحلة، لأن المطلة تقع في المنطقة التي مازالت الحكومة الإسرائيلية تمنع العودة إليها لأسباب مختلفة.
لكن السبب الذي يحول دون العودة، بمنظور الجدة سندلر، هو ترددها وخشيتها من العودة إلى منزلها بحجة خوفها من أن يتكرر لها ولأبنائها وأحفادها، سيناريو ما جرى في مستوطنات غلاف غزة، حسبما سردت المسنة الإسرائيلية. وتابعت: "ما حدث في الجنوب مازال يسيطر على تفكيري. هناك من تم قتله وآخرون خطفوا".
لكن تلك السردية تعكس العقلية الإسرائيلية القائمة أصلاً على إنكار ما يتعرض له اللبنانيون والفلسطينيون من أوجاع وآلام جراء ممارسات اضطهادية تقوم بها تل أبيب منذ عقود، وبالتالي تحاشت البروباغندا الإسرائيلية رواية أصل الحكاية، وتمحورت حول الدعاية المزعومة لـ"الإسرائيلي ضحية. والآخرون متوحشون وقاتلون".
"لا وجود للمسجد.. برافو"
كان ذلك جلياً في ثناء الإسرائيلية المسنة على تحويل الجيش الإسرائيلي لبلدة كفركلا الواقعة قبالة منزلها إلى "أطلال"، بقوة نيرانه، خصوصاً المسجد الذي استذكر وجوده وهي تنظر إلى المنازل والأبنية المدمرة كلياً في البلدة اللبنانية قائلة: "حسناً، لا وجود للمسجد، برافو!. كان معلماً لمن راقبونني طوال الوقت، عندما كنت أعمل في الفناء، كنت أعلم أنهم كانوا ينظرون إلي".
والحال أن هذه المرأة تجسد الإسرائيلي الذي تسوده عقلية الانتقام، والعقاب الجماعي، والتلذذ بدمار ودماء كل ما هو لبناني وفلسطيني وعربي، بقولها: "جيد أن أرى هذه البيوت مدمرة. كانت تشكل بالنسبة لي رمزاً للتهديد". كما حرضت عائلة سندلر على حرمان سكان كفركلا وغيرها من البلدات الجنوبية المحاذية للحدود، من العودة إليها، بدعوى أنها تفضل "ألا يكون وجود لمثل هؤلاء الجيران. لا أدري كم سأنام هادئة عندما يعودون، هذا أكثر ما يخيفني، آمل أن تصر حكومتنا على عدم عودتهم، آمل ذلك كثيراً جداً".
رسائل الإحباط
تختزل تلك التعليقات دعاية إسرائيل الرسمية، القائمة على رسالتين. تركز الأولى على أن "اللبناني والفلسطيني الجيد، بعيون إسرائيل، هو الذي ينزح ويهاجر بعيداً عن منزله وأرضه.. وإلا فهو كائن متوحش"! أما الرسالة الثانية، فيمكن تلسمها في صورتين متناقضتين أظهرهما التقرير. الأولى من المطلة، بإظهارها "الأقدر على إعادة البناء والحياة"، والثانية لبلدة كفركلا، حيث أظهرت منازلها وأبنيتها مدمرة بشكل كبير فباتت "أطلالاً"، كما وصفها تقرير التلفزيون الإسرائيلي.
وتهدف هذه المقارنة البصرية واللفظية إلى إحباط وكسر اللبنانيين والفلسطينيين وعموم العرب، من خلال مخاطبتهم: "دماركم أضعاف ما حل بنا. ونهوضنا أسرع منكم"، في مسعى لتجسيد معادلة انتقامية ترتكز عليها العقلية الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وأساسها "جعل القتل والدمار في صفوف العدو.. أكبر بأضعاف ما يحصل لنا"، وكأن الردع يتحقق بمعادلة "التفوق" الحسابي والرقمي.
رغم ذلك، نوه التقرير إلى أن أكثر من نصف المنازل في المطلة، أصيب بشكل مباشر بصواريخ وقذائف "حزب الله" خلال الحرب الطويلة، والنصف الآخر يحتاج وقتاً كي تعود الحياة إليه. فيما تبقى آثار الحرب ماثلة في الشوارع والساحات التي تحولت إلى خطوط أمامية للقتال.
"علم إسرائيل" على تلة الحمامص
واختم التقرير بصورة لـ"تلة الحمامص" المقابلة لحدود فلسطين، وقد رفع عليها العلم الإسرائيلي، مع تعليق جاء فيه: "علم إسرائيل يرفرف الآن على التلة بعدما كانت راية حزب الله هي التي ترفرف عليها، ومنها تعالت سابقاً أصوات حزب الله الداعية إلى احتلال المطلة والجليل. أما الآن فقد تلاشت هذه الأصوات اليوم". هي جملة ختامية أراد التقرير بها أن يكرس مزاعم تل أبيب الرسمية، بشأن ادعاء "الانتصار والتغيير في جبهة لبنان، كمفتاح لتغيير المنطقة"، وكأن معيار التغيير، يكمن باستبدال راية "حزب الله" بعلم إسرائيل فوق تلة الحمامص، ولو مؤقتاً!
تعليقات: