بعد الحرب، اتسعت دائرة الطلاب غير القادرين على الوصول إلى تعليم جدّي وفعال من قرى الحافة الأمامية إلى القرى المحاذية لها وصولاً إلى النبطية، وإن بنسب متفاوتة بين بلدة وأخرى. «التعليم بما تيسّر وبالوسائل المتاحة والتفاعل من الطلاب ضعيف». هذه العبارة تتردّد على ألسنة معظم المديرين في مدارس وثانويات رسمية في الجنوب يشعرون بأنهم منسيّون ويعيشون خارج «كوكب» وزارة التربية. إذ «لا أحد يسأل عنا ونضطر إلى وضع حلول فردية بالنسبة إلى شكل التعليم، وسط غياب الأجوبة على اقتراحاتنا وأسئلتنا التفصيلية الكثيرة». ولم تجِد دعوات بعض المديرين في القرى الحدودية لتعليق استئناف العام الدراسي فيها، في انتظار انتهاء مهلة الـ 60 يوماً وإحصاء المباني المدمرة، آذاناً صاغية.
وفيما تتشارك معظم المدارس الجنوبية في معاناة الإنترنت والكهرباء وتعثّر التعليمَين الحضوري و«أونلاين» معاً، فإن المشهد في الحافة الأمامية أكثر قتامة. «هنا لم تنته الحرب»، كما يؤكد المديرون الذين سارعوا منذ الأيام الأولى لانطلاقة العام الدراسي، وكانوا لا يزالون في مراكز الإيواء، إلى بدء التعليم عن بعد «أونلاين» و«أوفلاين»، في محاولة للحفاظ على الكيانات المعنوية للثانويات المدمرة تدميراً كلياً. لكن العملية باتت أصعب الآن مع عودة معظم الأهالي إلى أماكن النزوح الأولى في صور والنبطية وغيرهما. وفيما يبدو أن مدارس رميش ستكون الوحيدة من بين المدارس الحدودية القادرة على العودة إلى التعليم المدمج (حضوري وأونلاين في الوقت نفسه مع مشاكل الإنترنت نفسها)، ستكون العودة الحضورية في باقي القرى مستحيلة هذا العام، على ما أكّد أحد المديرين، إلا إذا لحظت خطة الوزارة استئجار مبان بديلة في القرى المحاذية أو الخلفية.
واللافت أن معظم الثانويات في القرى الحدودية والمحاذية شهدت هذا العام ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد المسجلين فيها، من دون أن يعني ذلك بالضرورة مشاركة هؤلاء في التعليم «أونلاين» المرتبط حالياً بعودة الكهرباء والإنترنت وتفعيل الوزارة لبطاقة الـ 20 جيغابايت التي لم تطل بعد الكثير من الطلاب. وقد يكون هذا العائق سبباً لاستعجال مدارس قضاء النبطية العودة الحضورية بعد إصلاح الأضرار الناجمة عن العدوان، لكنها ستواجه أيضاً مشكلة حضور الطلاب الذين دمرت بيوتهم ونزحوا إلى أماكن بعيدة.
إلى ذلك، لم يُخْفِ المديرون في القرى والبلدات الجنوبية الخلفية قلقهم من العودة الحضورية، في ظل استمرار التهديدات الإسرائيلية. فالمدارس قد تكون صالحة للاستخدام ولكن غير آمنة، ما يطرح مجدداً تنسيق وزارة التربية مع الجيش والأجهزة المعنية من شرطة بلدية ودفاع مدني وهيئات صحية، ولا سيما في ظل عدم وجود خطط للإخلاء وما شابه.
ومن المسائل التي أثارها المديرون أيضاً أن وزارة التربية، التي قررت العودة إلى التعليم الحضوري، لم تصدر أيّ توجيهات حتى الآن بشأن عودة الأساتذة والطلاب المسافرين إلى العراق أو إيران أو غيرهما بسبب الحرب والذين سيواجهون مشاكل في العودة بسبب «حجوزات» الطيران. فيما علمت «الأخبار» أن بعض الأساتذة الذين سافروا إلى الدول الأوروبية، قرروا عدم العودة هذا العام وتقديم طلبات استيداع أو إجازات مفتوحة.
تعليقات: