أكد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ان الفشل الاسرائيلي في حرب تموز وخاصة على صعيد التنسيق بين الاذرع المختلفة في وحدات الجيش الاسرائيلي دفع العدو ومنذ ذلك الحين للقيام بعمل دؤوب وجاد ومناورات مستمرة واخرها عملية "تشابك الأذرع"
السيد نصرالله الذي كان يتحدث امام حشود شعبية وشخصيات سياسية في مراسم احياء يوم الشهيد التي اقيمت في مجمع سيد الشهداء في منطقة الرويس بضاحية بيروت الجنوبية اكد
انه وبعيداً عن الجدل والسجال وكل المناخ السائد في لبنان هناك رجال يعملون في الليل والنهار ليكون لبنان الاقوى والأقدر وكلمته هي الاعلى، وان في لبنان اليوم مقاومة هي الأقوى والأقدر من أي زمن مضى، وإن الأذرع الإسرائيلية إذا امتدت الى لبنان ستقطع كما قطعت أقدام الإسرائيليين في الأنصارية.
الامين العام لحزب الله اكد تماسك المعارضة في لبنان وخوضها المعركة الانتخابية موحدة مشدداً على الالتزام القاطع والحاسم لحزب الله مع حلفائه بمعزل عن المصالحات الجارية. واكد سماحته على تأييد تواصل مساعي المصالحة والتهدئة في لبنان وكل اشكال المصارحة والعتاب الداخلي ولو كان مؤلماً، كما ايد سماحته مد الايدي حتى ولو كان كل على رأيه، مشيراً الى ان التهدئة هي لمصلحة الجميع وانها مصلحة وطنية. واعتبر ان التهدئة ليست قراراً يمن به فريق على فريق. واوضح السيد نصرالله ان من اهم شروط نجاح التهدئة هو وقف التحريض والتحريض المقابل، وان التهدئة تساعد على اجراء الانتخابات في موعدها مشيراً الى انه من
مصلحة الجميع الذهاب الى انتخابات صحيحة في موعدها.
واكد الامين العام لحزب الله اصرار الحزب على جعل سن الاقتراع في الانتخابات النيابية اللبنانية القادمة 18 سنة مؤكداً مواصلة العمل لتعديل الدستور تحقيقاً لذلك.
وحول الشبكات الاسرائيلية التي تكتشف في لبنان دعا الامين العام لحزب الله الى تقديم كل الدعم والمساعدة للاجهزة الامنية اللبنانية ولمخابرات الجيش في الكشف عن شبكات التجسس.
الامين العام لحزب الله ايد التنسيق الأمني اللبناني-السوري ودعا لتعزيزه وعدم تعطيله لأن فيه مصلحة البلدين.
وعن الاستراتيجية الدفاعية التي شدد السيد نصرالله على الاصرار في بحثها على طاولة الحوار لفت من يعنيه الامر الى ان هناك توافقاً على مركزية دور الجيش اللبناني في الدفاع عن الوطن، وان اي جيش ليقوم بهذه المهمة يجب ان يمتلك نظام دفاع جوي واسلحة مضادة للدروع والا تحول الى قوى امن داخلي بثياب عسكرية.
لكن السيد نصرالله اسف لتحول موضوع مهم كموضوع الاستراتيجية الدفاعية لم يناقش على طاولة الحوار بل على الاعلام والمنابر، وقال : "ان اهم مسألة تعني سلامة وأمن لبنان هي الإستراتيجية الدفاعية تحولت إلى قضية للسخرية وتحولت إلى مسألة للمزايدات الإنتخابية".
واوضح السيد نصر الله ان خلفية مطلب حزب الله توسيع الحوار أننا نناقش أمراً استراتيجياً يعني جميع اللبنانيين، وتساءل : "لماذا تريدون إستبعاد بعض القيادات عن قرار الحرب والسلم وأنتم تقولون دائماً أن هذا القرار لا يجب أن يتخذه أحد بمفرده؟"
الامين العام لحزب الله وفي موضوع مسألة حوار الأديان دعا الدول العربية والاسلامية لمنع
القتلة الصهاينة مرتكبي جرائم الحرب من حضور المؤتمر، مذكراً بتوصيف الدول العربية لاسرائيل بانها دولة مجرمة عنصرية وارهابية والحركة الصهيونية انها حركة عنصرية.
وحول الانتخابات الاميركي اكد الامين العام لحزب الله ان نتيجة التصويت هي اعتراف من الشعب الاميركي بفشل سياسات بوش الخارجية والداخلية التي لم تجر الا الفشل على الصعيد الداخلي والخارجي، معتبراً ان الفضل في هزيمة المشروع الاميركي هو لشعوب المنطقة ومقاوماتها . واوضح السيد نصر الله انه في الوقت الذي لا يستطيع الإنسان العادي إلا ان يكون سعيداً بسقوط الجمهوريين لأنه يرى بذلك سقوط بوش، دعا لعدم الذهاب بعيداً في التعويل على التغيير والادارة الجديدة بل التريث والإنتظار.
وقال السيد نصرالله في هذا الاطار: "في يوم الشهيد يعلمنا الشهداء، يا شعوبنا الذين يشاهدون التغييرات لا تراهنوا عليها، لن تجديكم نفعاً إذا انتم ضعفاء، رسالة الشهداء ضمانة كرامتنا وبقاء وطننا، ضمانة شرفنا وعزتنا، هو في هذا الدم الذي يجري في عروقنا، الدماء التي تجري في عروقنا هي التي تجعل جبيننا جديراً بأن يكون شامخاً".
وختم سماحته بالقول: "عهدي وعهدكم اليوم وعهد كل شعبنا الابي، قسما بأحبتنا الذين سقطوا سنواصل دربكم وسنبقى أوفياء لدمائكم وبدمائكم التي سقطت لن يكون حليف لبنان الا النصر والنصر والنصر بإذن الله".
وهنا نص الكلمة كاملة:
... في كل عام وفي مثل هذا اليوم في الحادي عشر نجتمع لنحي مناسبة عزيزة أُعلنت منذ السنوات الأولى لانطلاقة المقاومة وسميت يوم الشهيد. ومن تعبيرات يوم الشهيد أننا نقف هنا في حركة المقاومة وفي شعب المقاومة وفي وطن المقاومة لنجدد في كل عام، وإن كنا نجدد في كل يوم وفي كل ساعة، لنجدد في كل عام اعتزازنا بالشهداء وافتخارنا بالشهداء وتكريمنا للشهداء، ونحن قوم نستحضر شهداءنا دائماً، نذكرهم في السر والعلن، في السراء والضراء، ونتذكرهم في كل مناسبة ليس فقط في مناسبات الحزن وحتى في أعراس الفرح. نستحضرهم في أدبياتنا في خطابنا في فكرنا في شعرنا في فننا في وجدانياتنا وفي علاقتنا الشعبية العادية العامية، نستحضرهم ونستلهم أرواحهم وتضحياتهم، ونستنهض من خلالهم أمتنا وشعبنا وأنفسنا من خلال تعلم دروس الصبر والعزم والإرادة، ونشكر جهودهم وجهادهم لأن من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، وهؤلاء قدموا أرواحهم ودماءهم الزكية من أجل ان نحيا نحن بعز وشرف وحرية وكرامة وأمن وسلام ودون منة من أحد في هذا العالم.
أتصور أنها قليلة حركات المقاومة في العالم، بل قليلة الشعوب والأمم التي تقدر شهداءها وتقدسهم وتتعامل مع ذكراهم ومع أسمائهم ورموزهم وآثارهم كما نفعل، وهذا ليس بالصدفة، بل له جذور عميقة في ثقافتنا في عقيدتنا في حضارتنا في فكرنا في عواطفنا وفي تاريخ أمتنا. ولعل إيماننا بدرجة الشهداء ومقام الشهداء عند الله سبحانه وتعالى وقداسة موقع الشهداء في هذا الفكر، ولعل اتصالنا السنوي والدائم منذ قرون بأرقى حادثة استشهاد في تاريخ البشرية، أعني كربلاء، قد نجد في بعض هذه الجوانب تفسيرات لهذا الارتباط العميق والوثيق بالشهداء، من موقع العقل والفكر ومن موقع القلب والعاطفة ومن موقع الالتزام والسلوك والممارسة.
نحن اليوم نحي ذكرى الشهداء، ليس الشهداء الأموات بل الشهداء الأحياء والشهداء لا يمكن أن يكونوا أمواتاً، الآن هم أحياء. نحن نجتمع هنا والشهداء أحياء، والقرآن المجيد عندما حدثنا عن حياة الشهداء لم يكن يتحدث عن حياتهم يوم القيامة ويوم تقوم الساعة ويوم يبعث الناس جميعاً في صحراء المحشر ليقفوا بين يدي الله سبحانه وتعالى ويواجهوا أعمالهم وما جنتهم أيديهم وليسألوا عن كل صغيرة وكبيرة في يوم الحساب العظيم، في ذلك اليوم الكل أحياء، الطغاة والشهداء، الصالحون والطالحون، المظلومون والظالمون، لا نتحدث عن حياة الشهداء في ذاك اليوم، القرآن يتحدث عن حياتهم الآن، والله تعالى في الآيات المشهورة والتي يحفظها الناس، يخاطب أولئك الذين اعترضوا على المجاهدين في صدر الإسلام وفي حركة الأنبياء وخرجوا للقتال وقتلوا واعتبروهم أمواتاً، فقال الله تعالى " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله" يعني الآن هم أحياء عند ربهم، الآن هم يرزقون، الآن هم فرحون بما آتاهم الله من فضله وهم يستبشرون "ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون" إذاً هو يتحدث عن الشهداء الأحياء الذين لم يلحق بهم بقية الأخوة وبقية الرفقة، هو يتحدث عن شهداء أحياء يستبشرون بإخوانهم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وما زالوا ينتظرون، يستبشرون بأصدقاء الخط ورفاق الدرب. هناك سابق على قيد الحياة بل في حقيقة الحياة، وهناك لاحق والسابق يستبشر باللاحق واللاحق يشتاق إلى السابق ويصر على عهده وصدق وعده ويسعى بقلبه وعقله وقدميه ليكون ذاك اللقاء وليحصل على ذاك الشرف العظيم.
في يوم الشهيد نستحضر شهداءنا القادة، السيد عباس، الشيخ راغب، الحاج عماد وكوكبة من قيادات وكوادر هذه المقاومة، نستحضر الاستشهاديين وأميرهم أحمد قصير ، ونستحضر المجاهدين وكل الشهداء من الرجال والنساء والكبار والصغار من أبناء مقاومتنا ومن أبناء مقاومة كل القوى الإسلامية والوطنية والجيش ومن أبناء شعبنا الصامد الأبي الصابر صاحب العزم والمدافع عن الشرف والمحتضن للمجاهدين.
في يوم الشهيد نستحضر أصل المناسبة وأساسها في الحادي عشر من تشرين الثاني 1982، المناسبة التي أصبحت عنواناً لكل شهيد وعنواناً لكل جراح وعنواناً لكل جهاد وعنواناً لكل انتصار للمقاومة وعنواناً لكل هزيمة للعدو. لماذا 11 تشرين الثاني 82 ؟ لماذا عملية الاستشهادي أحمد قصير بالتحديد؟ لأنها كانت العملية الأولى، لأنها تعبر عن القيام المبكر للشباب اللبناني في مقاومة الاحتلال، لأنها صرخة الشعب والأمة المدوية في الحاضر والمستقبل والتاريخ، ولأنها التأسيس لمسار طويل من العمل الاستشهادي والعمل الجهادي المقاومة الواعي المدروس المخطط الهادف الدؤوب الواضح الحريص الملتزم، ولأن تلك العملية أيضاً عبّرت عن المضمون الانساني الرائع لشباب المقاومة ومجاهديها وشهدائها واستشهادييها في ريعان الشباب ووعي وإرادة أحمد قصير، ولأن تلك العملية أيضاً كانت الأقوى في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي منذ نشأة هذا الصراع وما زالت حتى هذه اللحظة هي الأقوى ولم تضاهيها أي عملية حتى الآن. عندما اقتحم الشهيد أحمد قصير مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي في 11 تشرين الثاني 82 ودمره بالكامل، أولاً كانت أول عملية استشهادية من هذا النوع يتحول فيها الانسان إلى مفجر يشظى جسده ودمه ولحمه ليدمر أعداءه الذين قتلوا شعبه وهتكوا حرمته وداسوا مقدساته وأرادوا السيطرة على مصير ومستقبل وطنه وأمته، فهي العملية الاستشهادية الأولى من هذا النوع في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وهي العملية الأقوى بالمعنى العسكري والفني والتقني وما ألحقته بالعدو من خسائر عندما اعترف العدو في لحظة واحدة عن سقوط 140 قتيل إسرائيلي بين ضابط وجندي واضطرت حكومة بيغن لإعلان الحداد ثلاثة أيام. أعتقد أن عملية الاستشهادي أحمد قصير التي سميت بعملية خيبر كانت تحمل رمز ودلالات عملية خيبر، في 11/11/ 82 أُسس للانتصار اللبناني الكبير في 25 أيار 2000 وللانتصار اللبناني الأكبر في تموز 2006، ولذلك تحول هذا اليوم وهذه المناسبة إلى يوم شهيدنا، سواء كان هذا الشهيد قائداً أو أميناً عاماً أو عالماً أو قائداً جهادياً أو استشهادياً أو مجاهداً في صفوف المقاومة أو مقتولاً في مواقع الصبر ومواجهة الاعتداء من قبل الصهاينة.
في هذه المناسبة العزيزة العامرة بالمعاني والقيم والمفاهيم والعواطف والأحاسيس والمشاعر، أود أن أتناول عدداً من القضايا الراهنة والتي تعنينا جميعاً.
أولاً في الوضع المحلي اللبناني، وطبعاً كل هذه العناوين لها صلة بالشهداء وبالمقاومة وأنا أتحدث إنشاء الله من هذا الموقع من موقع المقاومة ومن موقع الشهداء.
في الموضوع المحلي نحن نؤيد تواصل مساعي المصالحة والتهدئة وكل أشكال المصارحة والعتاب الداخلي ولو كان مؤلماً، ونؤيد مد الأيدي لبعضنا البعض كلبنانيين حتى لو بقي كل في موقعه وعلى رأيه وفي تحالفاته المعروفة.
التهدئة اليوم في لبنان وعلى أبواب الانتخابات هي مصلحة الجميع، وهي مصلحة وطنية، وأنا قلت لكل من التقيت بهم في هذا الإطار وعلى هذا الصعيد أن التهدئة ليس قراراً يمن به أحداً على أحد أو طرف على طرف أو فريق على فريق، مصلحة الجميع أن تهدأ الأجواء السياسية في لبنان بعد كل الذي حصل وبالأخص بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية والتوجه العام لاستحقاق الانتخابات النيابية، التهدئة ليس فقط هي التي تسحب التشنج من الشارع، التهدئة تساعد على إيجاد مناخات إيجابية وطبيعية في البلد نحتاجها على كل صعيد لمواجهة الأزمات القائمة، وأهم شروط التهدئة هو وقف التحريض والتحريض المقابل لأن التحريض هو الذي يشنج الشارع. ليس مطلوباً أن يمدح أحدنا الآخر، وليس ممنوعاً أن ينتقد أحدنا الموقف السياسي للآخر، ولكن لو التزمنا بمجموعة من الضوابط الأخلاقية والسياسية، فأعتقد أن كل فريق يستطيع أن يعبّر عن قناعاته وعن آرائه ويمارس نشاطه السياسي دون إساءة للآخر ودون توتير للأجواء.
التهدئة والمصالحات بالتأكيد تساعد على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها. نحن في حزب الله نصر على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، ومن الطبيعي ونحن الذين كنا نطالب في المعارضة بانتخابات نيابية مبكرة فليس من المنطق أن يتوقع أحد منا موقفاً مختلفاً، نحن نطالب بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها أياً تكن التوقعات، أياً تكن النتائج، أياً يكن ما يكشفه أو تتوقعه استطلاعات الرأي، لأن عدم إجراء الانتخابات النيابية في موعدها هي مسألة خطيرة جداً بالنسبة للبنان أياً تكن الأسباب التي تؤدي إلى ذلك، ولا داعي لتراشق الانتخابات بين مختلف القوى السياسية من الآن للاتهام بالتأجيل أو التعطيل. أعتقد أن مصلحة الجميع الذهاب إلى انتخابات نيابية صحيحة وسليمة في موعدها.
في هذا الإطار في الموضوع الانتخابي يجب أن أشير إلى أمرين:
الامر الاول : نحن نصر على مطلب خفض سن الاقتراع الى 18 سنة, انظروا ايها الاخوة والاخوات كم كان عمر احمد قصير عندما قام بهذه الملحمة التاريخية وجدد خيبر 19 عاما. احمد قصير لا يحق له ان ينتخب بحسب الدستور اللبناني, هؤلاء الشهداء هم الذين صنعوا مصير لبنان خلال العقود الماضية وما زالوا. بكل الاحوال للاستفادة من الوقت لست بحاجة الى الاستدلال ولا الى البرهان على احقية هذا المطلب. من حق الشباب اللبناني الذي بلغ سن 18 عاما ان يكون شريكا حقيقيا كاملا في الانتخابات النيابية كما هو بالفعل, شريك حقيقي كامل في مختلف انشطة الحياة السياسية بل هو الخط الامامي ورأس الحربة في مواجهة العدوان وتحرير البلد , قد يقول البعض ان هناك اسباب تقنية او فنية او ادارية قد لا تسمح لهؤلاء الشباب ان يشاركوا في الانتخابات الحالية , نحن نصر على الاخوة النواب ان يواصلوا العمل لايجاد هذا التعديل الدستوري ونصرّ على ان ينتخب هؤلاء الشباب في هذه الانتخابات, ولكن لو فرضتا ان الاسباب التقنية والادارية صحيحة وجدّية فليعدّل القانون من الآن ويحتفظ هؤلاء الشباب بحقهم في الانتخابات المقبلة, ولكن أي تأجيل لهذا التعديل الآن بحجج لوجستية او ادارية هو مماطلة وهو الغاء لحق طبيعي جدا من حقوق الشباب على البرلمان وعلى الحكومة وعلى كل الطبقة السياسية الموجودة حاليا في لبنان.
والامر الثاني: في مسألة التحالفات الانتخابية النيابية وان كان هذا قد قاله اخواني ولكن من المفيد ان اقوله ايضا: نحن في حزب الله ملتزمون تحالفاتنا في المعارضة بشكل قاطع وحاسم وجازم, وكل ما قد يكتب هنا او يقال من هناك في محاولة لايجاد حالة من التشويش او القلق لا اساس له من الصحة. على كل حال حتى في الانتخابات النيابية بعض الاطراف تخوض حربا نفسية ضد بعضها الاخر. انا اؤكد ان التزامنا مع حلفاءنا في المعارضة هو قطعي ونهائي وحازم ولا تردد فيه على الاطلاق, وان أي مصالحة او لقاء او تهدئة او مصارحة او تواصل على أي صعيد من الاصعدة لا يمس هذا الموقف الحازم والجازم في موضوع الانتخابات النيابية المقبلة على مستوى التحالفات. النقطة الاخيرة في الملف الداخلي فيما يرتبط بالوضع الامني هناك تطورات امنية حصلت في الاونة الاخيرة ومن جملتها اعتداءات وتفجيرات استهدفت الجيش اللبناني والمدنيين في لبنان وكذلك استهدفت مراكز ومدنيين في سوريا وحصلت اعتقالات وبثّت اعترافات ووجهت اتهامات وما شابه, نحن دائما في مثل هذه القضايا كنا وما زلنا نطالب بالتحقيقات الجدية التي تقدّم فيها الادلة والبراهين ومن حق الرأي العام الاطلاع على الحقائق ليكون على بينة مما يحصل. هناك الآن تنسيق امني لبناني سوري نحن نؤيد هذا التنسيق وعلى كل مستوى ونشجعه وندعو الى تعزيزه ودعمه وعدم تعطيله تحت أي ذريعة من الذرائع لان فيه مصلحة البلدين وامن البلدين, واليوم لا نريد ان نستبق أي تحقيق لكن موقفنا واضح لجهة ان تأخذ العدالة مجراها بعيدا عن الاتهامات السياسية , فليكن هناك تعاون لبناني سوري في كشف هذه الحقائق ولتراع موازين العدالة ايضا في لبنان سواء في التوقيفات التي تجري او يمكن ان تجري او في توجيه الاتهامات او في الادانة, وهذا الامر بحاجة الى تعاون الجميع بشكل جدي وواقعي.
اكتفي بهذا المقدار في الملف الداخلي لانتقل الى العنوان الثاني وهو الوضع الاسرائيلي, ( الوضع الاسرائيلي طبعا معنا, مع لبنان , مع المقاومة) . من الواضح ايها الاخوة والاخوات ان الصهاينة ومنذ انتهاء حرب تموز يواصلون العمل على اكثر من خط, الاول: التدريب المتواصل , المناورات المتواصلة , ما يسميه الاسرائيليون بسد الثغرات بعد استخلاص العبر من حرب تموز ومعالجة العيوب والنواقص ولذلك نشهد منذ ذلك الحين عملا اسرائيليا دؤوبا وجادا ومناورات دائمة في شمال فلسطين المحتلة وفي الجولان السوري المحتل, يعني في كل الاحوال على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة, وآخر المناورات واهمها كان ما اطلق عليه بعملية تشابك الاذرع , طبعا لماذا الحاجة الى عملية تشابك الاذرع , اجراء مناورات تنسيق بين مختلف الاسلحة الاسرائيلية سواء في القوات البرية او في القوات الجوية وفي اجهزة الاستخبارات لان من اهم عناوين الفشل في حرب تموز كان الاخفاق في التنسيق بين هذه الاذرع الاسرائيلية. بالمناسبة مثلا واحدة من ابسط عناوين الاخفاق ان المروحيات كان المطلوب ان ترمي بعض المؤن للمجموعات المتسللة في المواقع الامامية فكانت ترميها في مواقع خطأ واحيانا كانت ترميها عند المجاهدين. كان هناك اخطاء وفشل ذريع في التنسيق هم يحاولون من خلال هذه المناورة معالجة هذا الفشل.
يتحدثون ايضا في مناورة تشابك الاذرع ان هذه المناورة تعدّ الجيش الاسرائيلي لحرب في آن واحد مع سوريا ولبنان, وفي كل مناسبة يخرج المسؤولون الاسرائيليون ليهددوا ويتوعدوا اثناء المناورات واثناء التدريب ( هذا ما ساعود اليه في العنوان التالي). اذا العنوان الاول والامر الاول, التدريب والمناورات وسد الثغرات وما شاكل, العنوان الثاني هو العمل المكثّف لجمع المعلومات سواء من خلال الجو , طائرات الاستطلاع التي لا تغادرنا وهي الآن موجودة في سماء الضاحية الجنوبية في هذه اللحظات وايضا من خلال شبكات الجواسيس وتقوية هذه الشبكات وتكثيف الاتصال بعملاء كانوا سابقين او تجنيد عملاء جدد , والشبكة التي تم اكتشافها في الاونة الاخيرة هي واحدة من شبكات كثيرة تعمل في اكثر من مكان وعلى اكثر من صعيد وفي اكثر من منطقة, وهذه الشبكة الاخيرة التي تعدّ انجازا امنيا لبنانيا وطنيا تشكر عليه مديرية المخابرات في الجيش اللبناني التي ما زالت تواصل العمل على مختلف جوانب هذه الشبكة , في الحقيقة تثير المخاوف لانه انظروا الى شخصية المجندين والى الغطاء الذي يستخدم في عمليات التجسس , الغطاء الانساني الخدماتي الطبي, ولذلك هذه مسألة طبعا خطيرة جدا ويجب التنبه اليها, الخط الثالث: الجهد العملياتي الامني لاغتيال قادة في المقاومة كما حصل في عملية اغتيال الشهيد القائد الحاج عماد , او العمل على تخريب الداخل اللبناني , وانا ما زلت اصرّ من موقع الفهم والتقدير والاستنتاج والتحليل وآمل ان يأتي اليوم الذي تتكشف فيه خيوط حقيقية تؤدي الى هذا التحليل ان اسرائيل تقف خلف الكثير من عمليات القتل التي تجري في لبنان والتي تستهدف تخريب الداخل اللبناني وضرب الحصانة الوطنية والمنعة الوطنية, لان هذا من اهم الاسباب التي تؤدي الى الضعف الوطني وبالتالي تمكن العدو من الحاق الهزيمة بلبنان, والامر الرابع الحرب النفسية والتهويلية عبر وسائل متنوعة ومتعددة يساعد عليها وسائل اعلام عربية ومواقع الكترونية عربية وبعض الصحافة العربية, هذه الحرب النفسية التي تريد ان تنال من ثقة حركات المقاومة بنفسها, بقياداتها, بكوادرها, بشعوبها, التي تريد ان تنال من الآمال التي تعقدها شعوب منطقتنا على حركات المقاومة, وهناك امثلة كثيرة لا وقت الآن لذكرها وهي معروفة لكم, وسلسلة متمادية من الاكاذيب والافتراءات والاختراعات وصنع الوقائع التي تقدم كوقائع وهي مجرد اوهام.
في المقابل ماذا نفعل في لبنان او ماذا يفعل اللبنانيون , اذا نظرنا ووجدنا بالفعل ان عدونا الذي ما زال يحتل جزءا من ارضنا ولكن عدونا الذي يخترق حدودنا وسيادتنا ويهدد امننا واستقرارنا ويطمع في ارضنا ومياهنا وخيراتنا , هو يعمل بشكل جدي وبشكل يومي من اجل ذلك اليوم الذي لا نعرف ان كان سيأتي او لا, ماذا يصنع اللبنانيون في المقابل, اللبنانيون الذين يتدرب الصهاينة ويناور الصهاينة ويعمل الصهاينة على ترهيبهم او التحضير للاعتداء عليهم في يوم من الايام , للاسف ( نعمل قليلا من النقد الذاتي) لاشيء مهم, في لبنان القوى السياسية بشكل عام غارقة في المسائل الداخلية, نحن جميعا مستنزفون في المسألة السياسية الداخلية, طبعا مستنزفون في اعداد العدة للانتخابات النيابية المقبلة على اهميتها, لو كان الامر فقط هكذا فهو بسيط, ولكن حتى عندما نأتي الى بعض عناصر القوة المتوفرة عندنا نعمل على اضعافها وتسخيفها والمس بها, يعني في مواجهة احتمالات او تحديات من هذا النوع نحن احرص واحوج ما نكون الى الاسراع في حسم مسألة الاستراتيجية الدفاعية الوطنية , المؤسف ان البعض يتهم حزب الله بانه يريد تأجيل هذا البحث , نحن نصرّ على حسم هذا البحث وانهاء هذا البحث حتى نعرف كلبنانيين جميعا كيف نبني قوتنا في مواجهة التهديدات ومن اهم عناصر الجدية التي يمكن ان نواجه بها التهديدات والتحضيرات الاسرائيلية هو حسم هذا النقاش على المستوى الوطني, ولكن ما الذي يحصل على طاولة الحوار وخارج طاولة الحوار , في الجلسة ما قبل الاخيرة على سبيل المثال طلب فخامة الرئيس ميشال سليمان من العماد ميشال عون ان يقدم استراتيجية دفاعية كونه كان قائدا سابقا للجيش اللبناني, قام الرجل بمجهود كبير وقدّم من وجهة نظره على اساس علمي واكاديمي رؤية حول الاستراتيجية الدفاعية , لم تناقش على طاولة الحوار ولكنها للاسف تناقش في وسائل الاعلام وفي المنابر وفي التصريحات وفي البيانات ويا ليتها تناقش, هي لا تناقش اصلا , العتب هنا على اطراف طاولة الحوار انه اذا كان عندهم نقاش فليتفضلوا وليناقشوا على الطاولة , ولينتظروا الجلسة القادمة حتى اذا سألهم احد , (الآن البعض احتج انه يسأل) جيد يقدر ان يقول انه نحن لدينا تقييم مختلف وسنطرح رأينا ولاحظاتنا ورؤيتنا المختلفة على طاولة الحوار, لكن الامر تحول الى جانب منه جانب هجومي تهجمي, وفي جانب آخر استهزاءي , اهم مسألة مصيرية تعني اللبنانيين, تعني بقاء لبنان وسيادة لبنان ومنعة لبنان وامنه وسلامته, هي الاستراتيجية الدفاعية تحولت الى قضية للاستهزاء وللسخرية وللجدل العقيم بل تحولت الى مسألة للمزايدات الانتخابية وهذا مؤسف جدا, لا يجوز التعاطي مع مسألة الاستراتيجية الدفاعية بهذا الشكل, على كل حال, من جملة ما استوقفني واحب ان اعلّق عليه في يوم الشهيد انه بعد ان نقل ما طرحه العماد عون من استراتيجية دفاعية وتكلم عن تسليح الجيش وخصوصا في موضوع الدفاع الجوي, قرأت تصريحات لوزير المال في الحكومة الحالية يقول بان الحكومة اللبنانية لا تملك الاموال الكافية وان تسليح الجيش بدفاع جوي يحتاج لتكلفة باهظة جدا لا نقدر عليها وان الحل لحماية لبنان هو الاحتماء بالقرارات الدولية , طبعا اذا كان هذا رأي شخصي لوزير المال فهو حر ان يقول رأيه, وانا اريد ان اناقش قليلا لانه ليس على طاولة الحوار ولكن اذا كان هذا رأي فريقه السياسي طبعا فهنا مصيبة كبرى, لماذا؟ , لانه يوجد هنا نقطتان: النقطة الاولى- ايا يكن الخلاف حول الاستراتيجية الدفاعية بين الافرقاء السياسيين , يوجد نقطة مشتركة ايها الاخوة والاخوات, وهي الجيش, لا خلاف على ان الجيش له الدور الاساسي في الدفاع عن لبنان وفي أي استراتيجية دفاعية وانه يجب ان يكون لدينا جيش قوي, وليكون لدينا جيش قوي يجب ان يكون لدينا جيش مسلّح ومجهّز ومدرّب, ليس فقط برشاشات مع القليل من المقنبلات او رشاشات ترمي قنابل, اول امر يجب تملكه أي قوة تدافع, فيجب ان تملك دفاعا جويا وسلاحا مضادا للدروع, وهذا يعرفه كل جيوش العالم, الجيش الذي لا يملك دفاعا جويا وسلاحا ضد الدروع هو قولى امن داخلي بلباس عسكر وجيش, يعني هو مؤسسة امنية بثوب عسكري لمهام امنية. فاذا نقطة الاشتراك التي نتحدث عنها جميعا هي ضرورة تسليح الجيش اللبناني, اذا من اول الطريق " نريد ان نكسر يدنا ونشحذ عليها ونقول لا مال لدينا لشراء سلاح للجيش اللبناني " فكيف ستدافع عن البلد وهذا يعني اننا لسنا جديين في الدفاع عن البلد, هذا اولا , ان نسلّح جيشنا الوطني هو اولوية كما تجد الحكومة الكثير من الاموال لتمويل مشاريع هنا او هناك يجب ان تعطى اولوية لتسليح الجيش اللبناني بما يمكنه من الدفاع لبنان, واذا كانت هذه السياسة هي موضع نقاش او اعتراض, فاذا النقطة الاجماعية في الاستراتيجية الدفاعية سقطت, ولا نحتاج ان تصل النوبة الى نقاش المقاومة.
والامر الثاني: انا استغرب واتساءل كيف يمكن منذ 1948 الى اليوم التجارب الفلسطينية واللبنانية والسورية والعربية واليوم التجارب العراقية والافغانية والباكستانية والايرانية وغيرها مع القرارات الدولية, هل حمى القرار الدولي, أي قرار دولي صدر حتى الآن , هل حمى شعبا ؟ او دفع الاذى عن دولة؟ او اعاد حقا الى صاحب حق مشروع؟ على الاطلاق. اذا بعد ستين سنة من التجارب المرة والاليمة لشعوب منطقتنا مع العدو الصهيوني ومع سادته في واشنطن وغير واشنطن ومن التجارب الاليمة مع مجلس الامن الدولي والقرارات الدولية هي كافية لاقناع بعضنا بان القرارات الدولية لا تحمي احدا وبأن ما يحميك هو قوتك , هو جيشك , هو مقاومتك, هو شعبك, اذا كل هذه التجارب خلال ستين سنة لم تبدل قناعات والتزامات سياسية من هذا النوع فانا اتساءل ما هو جدوى الحوار على طاولة الحوار وتعريض القيادات السياسية في لبنان الى مخاطر الذهاب روتينيا الى القصر الجمهوري؟
ما نحتاجه فعليا هو أن نبت الإستراتيجية الدفاعية، أنا أوافق معالي الوزير بأنّ الدفاع عن الوطن له أعباء كبيرة وهذا صحيح، هكذا تحفظ الأوطان بالأعباء الكبيرة ، بالتضحيات الجسام، بالجهود الجبارة، ولذلك كنّا ندعو وما زلنا ندعو إلى توسيع طاولة الحوار ليس من أجل تعطيله بل من أجل أن يكون هناك أكبر عدد ممكن من التمثيل اللبناني لنكون سويا في قرار الدفاع وفي تحمل أعباء المسؤولية، الدفاع عن لبنان بحاجة إلى أكتاف وبحاجة إلى قامات، بحاجة إلى رجال كالجبال، ليست كلمات تقال على منبر من هنا أو هناك.
الشهداء الذين نجتمع اليوم في مناسبة يومهم هم شاهد على العبء الكبير الذي يتحمله أي شعب يريد أن تعود عاصمته إلى الحرية كما عادت بيروت ويعود جبله وبقاعه وجنوبه من صيدا إلى صور إلى النبطية إلى جزين إلى مرجعيون إلى بنت جبيل إلى حاصبيا. هكذا تصان الأرض ويحفظ الشعب وتحمى الحرمات والأعراض والكرامات.
إذا في هذا الجانب أكتفي بالدعوة إلى حسم قضية توسيع طاولة الحوار بهذه الخلفية، الموضوع ليس نقاش هذا من يمثل وذاك من يمثل وهذا نقاش له أول وليس له آخر، الخلفية هي أننا نناقش أمرا وطنيا استراتيجيا وطنيا يعني كل اللبنانيين. الإستراتيجية الدفاعية هي أهم نموذج لقرار الحرب والسلم، لماذا تريدون استبعاد بعض القيادات والقوى الإساسية عن قرار الحرب والسلم وأنتم تقولون دائما أنّ هذا النوع من القرارات يحتاج إلى التعاطي معه بطريقة مختلفة، فلنحسم مسألة التوسيع ولتتحول طاولة الحوار إلى طاولة جدية ولتحسم استراتيجية الدفاع الوطني ولنذهب لتطبيق هذه الإستراتيجية بأسرع وقت ممكن لنكون الأقوياء القادرين على حماية بلدنا في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية القادمة سريعا على منطقتنا وعلى العالم.
لكن في الجانب الآخر بعيدا عن الجدل وعن السجال وبعيدا عن كل هذا المناخ الذي لا يشعر بالجدية أحيانا أؤكد لكم أنه هنا في لبنان كما في كيان العدو، رجال يعملون في الليل والنهار منذ نهاية حرب تموز أيضا، نحن أيضا شعب جاد ونحن مقاومة جادة لا تعرف الهزل ولا اللعب ولا تضييع الوقت، هنا أيضا في لبنان المقاومة عملت وتعمل في الليل والنهار ليكون لبنان الأقوى والأقدر وليكون لبنان كلته الأعلى، هذه المقاومة التي تتدرب وتتجهز وتتعلم وتحضّر كل مقتضيات الدفاع إلى جانب الجيش وإلى جانب الشعب هي تنجز مهامها بجدية عالية وبالغة، وأنا عندما كنت أطلق مواقف في المناسبات السابقة لم أكن أمارس حربا نفسية وإن كان ما أقوله يخدم في الحرب النفسية، وإنّما كنت جادا فيما أقول وأردد وأكرر.
في لبنان المقاومة اليوم في نهايات عام 2008 هي أقوى من أي زمن مضى، المقاومة اليوم هي أقدر من أي زمن مضى، وإنّ الأذرع الإسرائيلية التي ستمتد إلى لبنان ستقطّع كما قطّعت أقدام الإسرائيليين في الأنصارية إنشاء الله. هذا الجهد الجاد والمتواصل لن يتوقف على الإطلاق وعلى اللبنانيين أن يطمئنوا في جانب من الجوانب أنّ هناك عقولا وعيونا وقلوبا ساهرة عاملة مجاهدة جاهدة في الليل والنهار ومحتضنة من أكثرية شعبها لا يمكن أن تغفل عن هذا العدو أو عن ما يعده هذا العدو.
في البعد الأمني، يجب تقديم كل الدعم لمديرية المخابرات في الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اللبنانية المختلفة لكشف شبكات التجسس والتعاون الشعبي والحزبي من مختلف القوى اللبنانية والفلسطينية مطلوب وحي ولازم. أمّا مسألة الحرب النفسية فردوا أيها الإخوة والأخوات أيديهم على أفواههم وأكاذيبهم إلى نحورهم وقولوا لهم : نحن هنا باقون هنا في أرضنا وفي إرادتنا وفي عزمنا، بندقيتنا في يدنا وإيماننا في قلوبنا وأقدامنا راسخة في أرضنا وسهولنا كرسوخ جبالنا الشامخة العاتية، لن يهتز لنا جفن ولن ترتجف لنا قبضة من حرب نفسية وأكاذيب إعلامية ونحن الذين يعترف الإسرائيلي أنّه شنّ علينا خلال 33 يوما من الغارات ما يفوق مجموعه مجموع الغارات التي شنّتها إسرائيل في كل حروبها الإسرائيلية ـ العربية، هل تزلزل أحد هل خاف أحد هل استسلم أحد هل تراجع أحد؟ على الإطلاق.
في مسألة حوار الأديان، فيما يتعلق بدعوة شيمون بيريز أو (تسيبي) ليفني أو غيرهما من الصهاينة على مؤتمر حوار الأديان. طبعا التوضيح الذي أصدره السفير السعودي جيد ويدعو إلى الإرتياح لجهة توضيح هوية الداعين إلى المؤتمر ولكن ما أريد أن أتوجه به اليوم إلى جميع الدول العربية والإسلامية التي تنوي المشاركة في هذا المؤتمر إلى المملكة العربية السعودية وإلى الجمهورية الإسلامية في إيران وإلى سوريا، كي لا يقال أننا نناشد جهة دون جهة، إلى كل الدول العربية والإسلامية أن يعملوا لمنع حضور هؤلاء القتلة العنصريين الإرهابيين مرتكبي جرائم الحرب في مؤتمر حوار الأديان.
ما هي صلة شيمون بيريز وبحوار الأديان وهو مرتكب المجازر في لبنان وفلسطين، ما هي صلة أولمرت أو ليفني وهي جزء من الطاقم الوزاري الشريك في مجزرة قاما الثانية، ما هي علاقتهم بالأديان وبحوار الأديان؟ إسرائيل دولة عنصرية مجرمة إرهابية، الحركة الصهيونية حركة عنصرية إلاّ إذا تخلت جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي عن هذا التوصيف. لو جاء اليوم من يقول أنّ حركة المقاومة الفلانية الإسلامية أو غيرها تريد أن تشارك في حوار الاديان سيقف الأمريكيون ليقولوا هذه حركة إرهابية وستحترم الدول العربية والإسلامية الفيتو الأمريكي .
لماذا لا نحترم أنفسنا ونضع فيتو على إسرائيل، ونقول للعالم نحن مع حوار الأديان، هناك يهود كثر ورجال دين يهود ورجال فكر يهود في العالم لا صلة لهم بالصهيونية وبجرائم إسرائيل فليشاركوا في حوار الأديان.
في يوم الشهيد وبحرمة دماء الشهداء، أنا أتوجه إلى جميع الدول العربية والإسلامية أن يعملوا على طرد إسرائيل من هذا المؤتمر وعلى منع أمثال شيمون بيريز القاتل العنصري من أن يصعد إلى منبر ليتحدث عن حوار الأديان، وفي أي زمن؟ في زمن تهوّد فيه القدس وفي الزمن الذي يصادر فيه منازل فلسطينيين وتهدم ويقام على أنقاضها احتفالات للمستوطنين المتطرفين، في الزمن الذي يشدد فيه الحصار على أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني في غزة ليغرقوا في الظلام والجوع، في اليوم الذي تتزايد فيه اعتداءات المستوطنين الصهاينة على الفلسطينيين في الضفة تحت عين حكومة العدو ورعايتها، يكرم شيمون بيريز ويقدم له منبر حوار الأديان؟
ما ندعو إليه هو هذه الوقفة، وهل حرب تموز حرب حصلت قبل مئة عام أيها العرب والمسلمون أو أنها حصلت قبل عامين ونيّف حتى نتسامح مع القتلة والمجرمين والجزارين، فنرحب بهم ونصفق لهم ونجلس معهم تحت سقف واحد وتحت عنوان يسيء إليها عندما نلتقيهم تحت عنوان حوار الأديان.
يبقى أن أشير إلى مسألة الإنتخابات الأمريكية الأخيرة وأنظر إليها من زاويتين، الأولى أنّ الشعب الأمريكي نفسه هو من خلال تصويته، لأنّ الإنتخابات في أمريكا هي الفرصة التي يحاسب فيها الشعب الأمريكي حكومته أو الحزب الحاكم، هذا الشعب حاكم الحزب الجمهوري وبوش وإدارة بوش، ونتيجة التصويت هي اعتراف من الشعب الأمريكي بفشل سياسات حكومة بوش الخارجية والإقتصادية، هذه الحكومة التي لم تأتِ على أمريكا وعلى شعوب العالم إلاّ بالحروب من أفغانستان إلى العراق ومئات الآلاف الذين قتلوا حتى الآن في العراق إلى استمرار قتل المدنيين في أفغانستان، وفي باكستان وأخيرا في سوريا تحت عنوان مكافحة الإرهاب، وصولا إلى حرب تموز التي كانت حربا أمريكية بامتياز، حربا أمريكية بالقرار وحربا أمريكية بالدعم وحربا أمريكية بالإدارة وحربا أمريكية بالإستمرار الزمني وحربا أمريكية بالفشل والهزيمة أيضا.
الأمريكيون وقفوا وقالوا للعالم إنّ سياسة حكومتهم فشلت، أنا لا أريد أن أتحدث عن انهيار المشروع الأمريكي في العالم أو في المنطقة، والبعض مِنْ مَنْ يسمون أنفسهم بالمتنورين والمفكرين سياسيين ويحكموا آمالهم أكثر من تفسيرهم للوقائع يعتبرون أنّ هذا الكلام فيه مبالغة، لكن بالحد الأدنى يأتي الأمريكيون ليشهدوا عليه وهو فشلهم الكبير والذريع في مختلف مناطق العالم وبالأخص في منطقتنا، وهنا يعود سبب هذا الفشل الأمريكي ليس إلى العجز الأمريكي ولا قلة الإمكانات الأمريكية ولا قدرة أمريكا على التخطيط ولا لقلة أنصارها ومؤيديها والمراهنين عليها في منطقتنا، الذي يسجل له بالدرجة الأولى الفضل الأكبر في إلحاق الهزيمة في المشروع الأمريكي والمشاريع الأمريكية هي شعوب المنطقة وحركات المقاومة في المنطقة والدول الصامدة التي كانت مستهدفة من قبل المشروع الأمريكي في المنطقة.
هنا بين هلالين، للأسف رغم عدة توضيحات هناك أناس في لبنان لا يزالون مصرين يقولون أنّ سماحة الإمام القائد السيد الخامنئي قال : سنلحق، يعني نحن الإيرانيين أو إيران أو أنا أي هو ، "سنلحق الهزيمة بأمريكا في لبنان:"، وهو لم يقل هذا. السيد الإمام الخامنئي قال : "أمريكا ستفشل وتهزم في لبنان". الذي يستطيع أن يلحق الهزيمة في لبنان هو الشعب اللبناني، الذي يلحق الهزيمة بأمريكا في فلسطين هو الشعب الفلسطيني ومقاومته وصموده وتشبثه بحقوقه، الذي يلحق الهزيمة بالمشروع الأمريكي في العراق أو أفغانستان هو الشعب العراقي والشعب الأفغاني. الفارق هو أنّ الإمام الخامنئي هو قائد كبير يثق بشعوب العالم العربي والإسلامي يثق بهذه الشعوب وبقدرتها وإرادتها وعزمها ولذلك يتوقع للمحتلين المغتصبين الهزيمة ويتوقع للشعوب الصابرة المظلومة المقاوِمَة صاحبة العزم يتوقع لها الإنتصار، هذا أمر يشكر عليه وليس موضع إدانة ولم تستخدم إيران لبنان لتلحق الهزيمة بالمشروع الأمريكي.
الشعب اللبناني هو المتضرر من المشروع الأمريكي لأنّه مشروع إسرائيلي بالدرجة الأولى وهو الذي ألحق الهزيمة بالمشروع الأمريكي ولو في هذه الجولة، وهل ستكون جولات آتية هذا يأتي في المستقبل؟
الزاوية الثانية في النظر للانتخابات ألأميركية لا يستطيع الانسان العادي إلا أن يكون سعيداً بسقوط جون ماكين والحزب الجمهوري، لأن يرى في ذلك سقوط بوش وجماعة بوش وعصابة بوش. لكن هل يجوز أن نغرق في الآمال وأن نذهب بعيداً للتعويل على التغيير الذي تحدث عنه الرئيس الأميركي المنتخب في المرحلة المقبلة، لا نريد أن نعطي صورة سوداء ولا نغرق بالتفاؤل، أيضاً، العقلانية الواقعية السياسية المنطق يقول التريث الانتظار "خلينا نشوف" صعب هذا الأمر لأن أمريكا تحكمها مؤسسات ومصالح واستراتيجيات ثابتة. قد يتعاطف عالمنا العربي وعالمنا الثالث وعالمنا الإفريقي مع أوباما نتيجة ماضيه أو لون بشرته، لكن السياسة والمصالح هي شيء آخر، أنا أقول لا يبالغ أحد في الآمال ولا تعطوا للناس آمالاً كبيرة حتى لا يصاب أحد بخيبة أمل أو بالخطأ في الحسابات، وأنا لا أريد أيضاً أن أستبق الأمور، لكن ما أريد أن أقوله في يوم الشهيد مسألة ثقافية وسياسية وفكرية تعني شعبنا وأمتنا.
ليس المنطق أن تراهن على التغيير عند الظالم فقط، عند المتجبر عند المتكبر عند المستكبر، تجلس وتقول جيد هناك أوضاع جديدة سوف تحصل لأن هذا الظالم سيكون أرئف بنا قد ينظر إلينا من زاوية لم ينظر إلينا بها الظالم الذي سبقه، هذه حالة أمة ضعيفة، أمة هزيلة، أمة تراهن على المتغيرات عند الآخرين وترضى بركودها وضعفها وقلة حيلتها وضعف عزمها ووهن إرادتها، أمّا الأمة الحية والشعب الحي وأما المنطق فيقول أنّ عليك أمام ما يجري في العالم وأيّا يكن هذا الذي يجري في العالم ان تعمل أن تكون قويا، قويا في وحدتك، قويا في تضامنك، قويا في علمك وثقافتك، قويا في اقتصادك، قويا في بنيتك الإجتماعية، قويا في قوتك العسكرية، قويا في بنية دولتك، قويا في تواصل وتماسك أمّتك، أن تكون قويا ليحترمك العالم وليحترمك الظالم وليقف الظالم الطاغي عند أعتابك ليعرف أنّ الذي يقف عند أعتابنا لا يستطيع أن يتجاوزنا، لماذا لا يتجاوزنا؟ ليس لأنّه ضعيف بل لأننا أقوياء، نحن حماة الديار وحماة الأعتاب وحماة الكيان وحماة الوطن وحماة الأمة.
في يوم الشهيد يعلمنا الشهداء، أيها الإخوة أيها اللبنانيون أيها العرب يا شعوب منطقتنا الذين تراهنون أو تشاهدون أو تواكبون تغيرات مهمة في العالم، لا تراهنوا على أي شيء من هذه التغيرات، لن تجديكم نفعا إذا كنتم ضعافا. رسالة الشهداء في يوم الشهيد، رسالة عرقهم ودمائهم وجهادهم وتضحياتهم ضمانة وجودنا وضمانة كرامتنا وضمانة بقاء وطننا وضمانة حريتنا وضمانة شرفنا وعزتنا هو في هذا الدم الذي يجري في عروقنا، هل هو دماء الشهداء الماضيين، هل هو دم عباس الموسوي وراغب حرب وبلال فحص وعماد مغنية وأحمد قصير وسناء المحيدلي ودلال المغربي وفتحي الشقاقي وأحمد ياسين وأبو علي مصطفى وكل الشهداء الذين سبقوا؟ أم هي دماء الخنوع والترف واللهو والإستكانة والضعف والتخاذل؟ الدماء التي تجري في عروقنا هي التي تجعل جبيننا جدريا بأن يكون شامخا مرتفعا أو خاضعا ذليلا.
في يوم الشهيد ، عهدي وعهدكم وعهد كل إخواننا وأخواتنا وعهد كل شعبنا الأبي لشهدائنا الأطهار، قسما يا أحبتنا الذين مضوا ووصلوا سنواصل دربكم وسوف تبقى دماؤكم هي التي تجري في عروقنا وبدمائكم التي سفكت وبدمائكم التي تجري في عروقنا لن يكون حليف لبنان إلى النصر والنصر والنصر الآتي بإذن الله عز وجل. بارك الله فيكم جميع وأشكر للجميع حضورهم وتشريفهم وأعود وأخص بالتحية عوائل الشهداء على ما قدّموا من تضحيات جسام في هذا الطريق العظيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعليقات: