ديوان المحاسبة يسأل جوني القرم: من سمح لك بتقسيط الاشتراكات؟

وزير الاتصالات جوني القرم - ديوان المحاسبة فنّد في قراره السابق كل مخالفات وزارة الاتصالات (هيثم الموسوي)
وزير الاتصالات جوني القرم - ديوان المحاسبة فنّد في قراره السابق كل مخالفات وزارة الاتصالات (هيثم الموسوي)


في 20 كانون الثاني الجاري، أحال رئيس ديوان المحاسبة القاضي محمد بدران، إلى وزير الاتصالات جوني القرم، مذكرة صادرة عن القاضي في الديوان عبد الرضى ناصر مذكراً إياه بأن ديوان المحاسبة هو محكمة إدارية على القضاء المالي والأموال العمومية، وأنه يمارس دور الرقيب على الوزارات ومحاكمة المسؤولين عن مخالفة القوانين. وقد جاء هذا التذكير، إثر المعلومات التي نشرتها «الأخبار» عن وجود اشتراكات إنترنت مترتبة على شركات وجهات أخرى، تقاعست وزارة الاتصالات في تحصيلها. إذ تراكمت مبالغ على شركات مزودي الإنترنت تصل إلى 10 ملايين دولار. وقد تعاملت وزارة الاتصالات مع هذا التراكم عبر اعتماد مبدأ التقسيط من دون مبررات واضحة، علماً أن المشتركين تُقطع عنهم الخطوط في حال تراكمت عليهم الفواتير والاشتراكات ضمن حدود قصيرة الأمد، فلماذا يتم التعامل مع الشركات ومزوّدي الخدمات بهذا التساهل في تحصيل المال العام؟

وكانت الأخبار قد أثارت هذه المسألة في 17 كانون الأول الماضي في مقال بعنوان: «رعاية وزارة الاتصالات للإنترنت غير الشرعي». مضمون المقال، عدّه ناصر إخباراً عن المال العام، لذا طلب من وزير الاتصالات، إفادته حول تقاعس وزارة الاتصالات عن تحصيل متأخرات اشتراكات الإنترنت المترتبة على مزوّدي الإنترنت، إضافة إلى جهات أخرى. أيضاً طلب ناصر تزويده بأسماء الشركات المتأخرة وأعدادها، وتفاصيل الفواتير المستحقة عليها، فضلاً عن سبب عدم مبادرة الإدارة للمطالبة بالمتأخرات رغم مرور نحو عام على استحقاقها. كما طلب تفاصيل إضافية حول «مبدأ التقسيط». وسأل عن شمول هذا المبدأ جميع المقصرين عن الدفع، والسند القانوني الذي اعتمدت عليه وزارة الاتصالات للسماح بالتقسيط، والمهل القصوى، والإجراءات المتخذة من الإدارة لضمان عدم ضياع الواردات. ولم يترك ناصر للقرم المجال لإعطاء أجوبة مقتضبة. فطالبه في مذكرته، بإبراز النصوص القانونية التي تبيح تقسيط الفواتير، فضلاً عن الفائدة القانونية المفروضة من وزارة الاتصالات على الشركات الراغبة بتسديد الفواتير المترتبة عليها بالتقسيط.

ويذكر أنّ ديوان المحاسبة فنّد في قرار سابق، رقمه 177/ر.م. كلّ مخالفات وزارة الاتصالات في ملف الإنترنت غير الشرعي. ورأى أنّ من أبرز المؤشرات على عدم قيام وزارة الاتصالات بواجبها، سواء جهلاً أو عمداً، تجاه مكافحة شبكات الإنترنت غير الشرعي، هو التلكؤ عن تنفيذ المرسوم 9458 الصادر في تموز من عام 2022. بحسب الديوان، حتى إحصاء الشبكات المخالفة كان ناقصاً، إذ إنه من أصل 638 شبكة غير شرعية، كوّنت وزارة الاتصالات على مدى سنتين 106 ملفات فقط. ويظهر تقصير الوزارة أكثر في الامتناع عن تكليف أصحاب هذه الشبكات بأيّ رسوم، أو وضع اليد عليها، ما حرم الخزينة من موارد حتمية، ولم تُحَل أيّ من الشبكات المضبوطة إلى القضاء للبتّ بأمرها.

ويقول الديوان إنّ تبرير الوزارة «إخفاقها في ضبط الشبكات المخالفة»، سببه أنه «تعذّر على الإدارة عملياً وقانونياً استكمال عملية الضبط والإدارة بغياب عقود الصيانة» (هذه العقود نصّ عليها المرسوم 9458 ولا سيما المادة 16 منه، التي يرى الديوان أنها هدفت إلى تنظيم وضعية شبكات اتصالات أنشأتها جهات غير مرخص لها، أي وضع قواعد استثنائية لوضع غير قانوني وتنظيمه على نحو يضمن استمرارية تقديمها الخدمة). لذا، يرى الديوان أنه «يجدر عدم الأخذ بقول وزير الاتصالات، طالما أن هذا القول يؤدي عملياً إلى مخالفة ساطعة للمرسوم 9458 وإلى قلب التصوّر الذي نصّت عليه المادة 16 من المرسوم في هذا الخصوص ليجعل عقود الصيانة سابقة لضبط المخالفات وليس العكس.

تعليقات: