كامل جابر: الإسرائيليون دمروا قرى لبنان الحدودية واللصوص ينهبون منازلها

محاولات الجنوبيين للعودة صعبة جداً وهم ينتظرون أعمال إزالة الردم وإحصاء الوحدات المتضررة وبدء عملية التعويض (كامل جابر- اندبندنت عربية)
محاولات الجنوبيين للعودة صعبة جداً وهم ينتظرون أعمال إزالة الردم وإحصاء الوحدات المتضررة وبدء عملية التعويض (كامل جابر- اندبندنت عربية)


يشكو أهالي القرى الحدودية في جنوب لبنان بعد دمار منازلهم جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة ضد "حزب الله"، من موجة سرقات نهب خلالها اللصوص ما تيسر لهم من ممتلكات الناس المنكوبين.

..

في وقت يبحث فيه أبناء القرى والبلدات الحدودية في جنوب لبنان عن كيفية العودة إلى قراهم التي دمر الجيش الإسرائيلي معظمها، وأحدث أضراراً بالغة في المنازل والأبنية الأخرى، وإنقاذ ما أمكن من أغراضهم الشخصية والأشياء ذات القيمة المعنوية، أو من أثاث يمكن استخدامه، شاعت في عدد من هذه المناطق أخبار سرقات منظمة يقوم بها مجهولون فرادى وجماعات، تتضمن نقل ما سلم من القصف من أثاث ومقتنيات وصولاً إلى مواد تصلح للاستخدام في البناء كالخشب والحديد والألمنيوم والآلات الكهربائية وغيرها.


سرقات في القرى الحدودية

وخلال الـ28 من يناير (كانون الثاني) الماضي ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية نقلاً عن مصادر أمنية في منطقة مرجعيون (جنوب)، أن القوى الأمنية أوقفت سيارتين من نوع "رابيد" على متنهما عدد من الأفراد أثناء محاولتهم الخروج من مدينة الخيام الجنوبية، و"تبين أنهم متورطون بأعمال سرقة داخل المدينة، وسُلموا لجهاز أمن الدولة".

تكرر هذا الأمر في مدينة الخيام التي أصاب ساحتها وطرقاتها الرئيسة وأسواقها ومتاجرها المنتشرة على الجانبين وفي الأحياء القريبة، مما يشبه زلزالاً كبيراً خلف فيها دماراً ضخماً وأضراراً بالغة في الأبنية والممتلكات، بعد أن بدأ سكانها بالعودة إليها منذ الـ12 من ديسمبر (كانون الأول) 2024، بعد يوم من انسحاب الجيش الإسرائيلي منها وانتشار قوة للجيش اللبناني تباعاً عند مداخلها وفي أحيائها ثم تنظيفها من الألغام والمتفجرات التي خلفها الإسرائيليون إبان احتلالهم لها. وسادت حال من الفوضى في فترة عودة الأهالي للبحث عما سلم من بيوتهم بين أكوام الردم الهائلة وما بقي من ممتلكاتهم ومقتنياتهم، وبخاصة بين الأبنية المتصدعة.

وكتب المهندس أسعد رشيدي المتحدر من بلدة الخيام منشوراً على مواقع التواصل الاجتماعي جاء فيه، أنه "بعد بدء الحرب المدمرة نزح كثر من أهالي الخيام إلى أماكن أقل خطورة، حاملين معهم وجعهم وما وجدوه ضرورياً أو ذي أهمية من أوراق مهمة ومال ومقتنيات، ومنهم من نزحوا دون أن يحملوا سوى حياتهم وحياة عيالهم ورحلوا. ولم يسلم أي بيت من الأضرار جراء العدوان الهمجي والوحشي التي تعرضت له بلدتنا، والبيت الذي لم تدمره القذائف أو يسوى بالأرض تخلعت أبوابه ونوافذه تحطمت، وبالتوازي مع العمليات العسكرية تعرضت ممتلكات الأهالي للنهب المنظم في مدينة الخيام، إذ أصبحت هدفاً سهلاً للسارقين الذين وجدوا في المدينة الغائب عنها غالبية سكانها، مرتعاً لنهب كل ما يمكن حمله".


لصوص يستغلون نزوح السكان

وأضاف رشيدي "في البداية، استهدفت السرقات ما خف وزنه وغلا ثمنه، لكن سرعان ما تطورت إلى نهب كل ما يمكن تحميله، بعد السماح بعودة المدنيين. وحدثني بعض الأهالي عن عمليات سلب شملت حتى الأشياء الثقيلة كبطاريات الليثيوم، وعن شاحنات تدخل إلى البلدة فارغة وتغادرها محملة بالغنائم. وأحدهم أخبرني عن أشخاص دخلوا أحد المنازل المتضررة، وعندما فوجئوا بوجود صاحبه بالداخل ادعوا أنهم دخلوا لسؤاله إن كان لديه شيء للبيع، وآليتهم المتوقفة في الشارع كانت محملة بالمسروقات".

وتابع "لم يكن مستغرباً أن جنود العدو الذين زرعوا الموت والدمار في قرانا وبلداتنا الحدودية أن يقوموا، بعد توغلهم في بعض المناطق بتنفيذ عمليات سرقة ونهب وسطو على البيوت التي نجت من الدمار والعبث بمحتوياتها وحمل ما يحلو لهم حمله، وتخريب أو إحراق أو نسف وجرف ما بقي، بما في ذلك الحقول والبساتين كجزء من عملية الانتقام الشاملة التي تطغى على الحرب ضد أبناء القرى والبلدات الحدودية. لكن المستغرب أن يستغل اللصوص عديمو الشرف والأخلاق نزوح الأهالي لنهب البيوت والمحال المهجورة، وكأن المصائب التي جلبها العدو لا تكفي، ليضاعفوا خسائر أهل البلدة بأيديهم. وكل هذا يجري دون أي تحرك جدي من المسؤولين، على رغم الشكاوى العديدة". وتساءل المهندس رشيدي "أين البلدية من كل هذا؟ أليس من واجبها حماية ممتلكات المواطنين؟ وكأنها غير مبالية بما يحصل من سرقات. الحرب تفتح أبواب الفوضى وتصنع أغنياء حرب على حساب المنكوبين. وكأن الدمار والقتل والتهجير لا يكفي، ليأتي لصوص الأزمات ويسرقوا ما بقي من أرزاق الآخرين، مُستغلين غياب الأمن والنزوح الجماعي ولا مبالاة المسؤولين، في مشهد لا يقل خسة ودناءة عن أفعال العدو وإجرامه".


الخيام في عهدة الجيش اللبناني

يقول رئيس بلدية الخيام المهندس عدنان عليان إن "الأمور تداخلت في الخيام، إذ هناك من يسرق وهناك من يبيع من أغراضه التالفة أو أثاثه الممزق، وأمس مررت إلى جانب بيتي فرأيت شاحنة تحمل أغراضاً من بناية مجاورة ورأيت ابن صاحب البناء فأخبرني أنه يبيع بعضاً من أغراضهم الخاصة، نحن كبلدية لا يمكننا أن نمنعه حتى بالقانون لا توجد مواد تجعلني أمنعه من أن يبيع ما يريد، فهذا بيته. ونحن من جهتنا أبلغنا الجيش اللبناني والقوى الأمنية أن هناك أناساً يسرقون من هذا البيت قليلاً ومن ذاك قليلاً، لكن ليس إلى درجة ما يشاع عن عمليات كبيرة".

ويشير عليان إلى أن هناك "قوى أمنية متنوعة وقوى أمن داخلي، فليتفضلوا وينزلوا على الأرض للقيام بدورهم، الخيام اليوم بحماية الجيش اللبناني ولا يمكن للبلدية بعد كل ما حصل في الخيام من تدمير منهجي أن تقوم بدور الشرطي والحارس، وعليها أن تنهض بالبلدة مما هي فيه، وأن تساعد الناس على العودة وإعادة تعمير ما تهدم، وتأهيل وبناء شبكات الكهرباء والمياه والاتصالات والصرف الصحي بعدما دمر الاحتلال الإسرائيلي مجملها وبصورة كبيرة".


"فوضى العدوان والسرقة"

وشدد رئيس البلدية على أن هناك "فوضى سببها ما حصل من عدوان وتدمير كبيرين. ومحاولات الأهالي للعودة صعبة جداً وهم ينتظرون أعمال إزالة الردم وإحصاء الوحدات المتضررة وحجم الخراب وبدء عملية التعويض وما هي الجهة التي ستعوض عليهم. وهناك من يستغل هذا الأمر ويمد يده ليسرق، لذا نطلب إلى الجيش اللبناني أن يضرب بيد من حديد وكذلك من القوى الأمنية، وهناك مخفر في الخيام، أين هو؟ وأين عناصره؟".

وأكد عليان أن "جنود العدو الإسرائيلي كسروا وحطموا وأحرقوا البيوت بصورة همجية وهناك من يقول إنه فقد أغراضاً من بيته، ووسط هذه الفوضى ضاعت الطاسة، لكن يمكنني الجزم بأن جنود العدو سرقوا جهاراً أشجار الزيتون المعمرة منذ مئات الأعوام بعدما اقتلعتها جرافتهم من أرضها ونقلتها بواسطة شاحنات كبيرة إلى فلسطين المحتلة، وشاهدنا ذلك بالأفلام المصورة، ناهيك بما دمروه من مصادر رزق الناس على نحو معمل صفاوي للبلاستيك في الخيام الذي تبلغ قيمته نحو مليوني دولار وفيه معدات ضخمة وآلات لنفخ البلاستيك، ومن الواضح أنهم دمروا رأس الكمبيوتر الذي تساوي قيمته قيمة المصنع تقريباً".

* المصدر: (independentarabia.com اندبندنت عربية)

لم تسلم معظم المنازل في بلدة الخيام بجنوب لبنان من الضربات الإسرائيلية (كامل جابر- اندبندنت عربية)
لم تسلم معظم المنازل في بلدة الخيام بجنوب لبنان من الضربات الإسرائيلية (كامل جابر- اندبندنت عربية)


في البداية، استهدفت السرقات ما خف وزنه وغلا ثمنه في قرى جنوب لبنان الحدودية المهجورة، لكن سرعان ما تطورت إلى نهب كل ما يمكن تحميله (كامل جابر- اندبندنت عربية)​​​​​​​
في البداية، استهدفت السرقات ما خف وزنه وغلا ثمنه في قرى جنوب لبنان الحدودية المهجورة، لكن سرعان ما تطورت إلى نهب كل ما يمكن تحميله (كامل جابر- اندبندنت عربية)​​​​​​​


تعليقات: