كامل جابر: هل يتحول تل العباد إلى نقطة اشتعال جديدة بين لبنان وإسرائيل؟

الجيش اللبناني قال إنه يتابع الموضوع بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار (اندبندنت عربية)
الجيش اللبناني قال إنه يتابع الموضوع بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار (اندبندنت عربية)


متدينون يهود يثيرون أزمة بسبب زيارتهم ضريحاً يقع ضمن الأراضي اللبنانية

..

يعود الخلاف بين لبنان وإسرائيل حول "العباد" إلى القرن الماضي، وتحديداً إلى عام 1972، عندما قررت إسرائيل التعامل مع القبر الذي يتوج التل العالي هناك على أنه ضريح يهودي يعود إلى الحاخام راف آشي.

أزمة قديمة جديدة تفتعلها إسرائيل مع لبنان حول نقطة حدودية قرب بلدة حولا في قضاء مرجعيون سببها الظاهر هذه المرة قيام متدينين يهود بزيارة الضريح الواقع فوق "تل العباد"، ولا سيما الجزء اللبناني منه في محاذاة الحدود الدولية الفاصلة، بحجة أن القبر يعود إلى حاخام يهودي يدعى راف آشي، مما خلق بلبلة وتوتراً جديدين، خصوصاً أنه يأتي بعد أسابيع قليلة من سيطرة إسرائيل على خمس نقاط حدودية جنوبية تقع فوق تلال استراتيجية وتكشف الأراضي اللبنانية، ولم تنسحب منها مثلما انسحبت من قرى حدودية احتلتها في إبان الحرب الأخيرة، تطبيقاً لبنود القرار الأممي 1701، مما اعتبرته الجهات اللبنانية احتلالاً جديداً وطالبت بانسحاب فوري منها ومن النقاط الحدودية اللبنانية المحتلة سابقاً.


زيارة دينية تفجر مشكلة

تفاعلت المشكلة أمس الجمعة مع توغل عدد كبير قُدِّر بالمئات من المتدينين اليهود (تردد أنهم من أتباع طائفة بريسلوف الحسيدية اليهودية ومن اليهود الحريديم) فجراً إلى الجزء اللبناني من القبر المعروف محلياً في الأوساط اللبنانية بقبر "الشيخ العباد"، وأدوا طقوساً دينية بموافقة الجيش الإسرائيلي وتحت حراسته بعدما سمح بمشاركة يهود متدينين في هذه الطقوس، على رغم أنه كان قد منعهم في فبراير (شباط) الماضي من الوصول إلى الموقع لـ"أسباب أمنية" قبل أن يتراجع عن قراره أمس.

ولوحظ من أشرطة الفيديو والصور التي بثت للزيارة التي نظمت تحت عنوان "زيارة دينية إلى ضريح الحاخام آشي" أن المتدينين انتشروا فوق مساحة القبر الذي طُلي باللون الأزرق، لون نجمة العلم الإسرائيلي، وبخاصة في الجهة اللبنانية منه، مما يوضح أن الجيش الإسرائيلي قام بإزالة السياج الفاصل بين الحدود التابعة له والحدود اللبنانية من فوق القبر وضم الجزء اللبناني من "العباد" إلى سيطرته الأمنية والعسكرية بصورة تامة.


"خرق للسيادة الوطنية"

وصدر عن مديرية التوجيه في الجيش اللبناني بيان قال فيه، "في سياق مواصلة الجيش الإسرائيلي اعتداءاته وخروقاته لسيادة لبنان عمد عناصره إلى إدخال مستوطنين لزيارة مقام ديني مزعوم في منطقة العباد - حولا في الجنوب، مما يمثل انتهاكاً سافراً للسيادة الوطنية اللبنانية".

وأضاف البيان أن "دخول مستوطنين من الكيان الإسرائيلي إلى الأراضي اللبنانية هو أحد وجوه تمادي الجيش الإسرائيلي في خرق القوانين والقرارات الدولية والاتفاقات ذات الصلة، ولا سيما القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار". وقال البيان إن "قيادة الجيش تتابع الموضوع بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار وقوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان - يونيفيل".


أصل المشكلة تاريخي

يعود الخلاف بين لبنان وإسرائيل حول "العباد" إلى القرن الماضي، وتحديداً إلى عام 1972، عندما قررت إسرائيل التعامل مع القبر الذي يتوج التل العالي هناك على أنه ضريح يهودي يعود إلى الحاخام راف آشي، ويعد قبره نقطة جذب رئيسة لليهود المتدينين. وبحسب الروايات الدينية اليهودية، فإن الحاخام آشي كان أحد محرري التلمود البابلي، ويقال إن أبناءه دُفنوا بجواره في الموقع ذاته، ومنذ سنوات يسعى أتباع "بريسلوف" لتحويل القبر إلى موقع دائم للصلاة.

بعدها بدأت مجموعات يهودية دينية صغيرة تزور القبر للصلاة فيه تحت حماية ورعاية الجيش الإسرائيلي، ولم تستطع الدولة اللبنانية أن تفعل شيئاً حيال هذا الأمر، خصوصاً أنه بعد سنوات قليلة من تحريك قضية قبر الحاخام اليهودي اشتعلت الحرب الأهلية في لبنان (1975) ودبت الفوضى في المناطق الجنوبية من لبنان، لا سيما مع انتشار الحركات والقوى الفلسطينية المناهضة لإسرائيل في المنطقة.

في عام 1976 عمدت إسرائيل إلى ضم جزء كبير من المنطقة الحدودية في جنوب لبنان إلى عباءتها الأمنية والعسكرية، أطلقت عليها تسمية "منطقة الشريط الحدودي" وأنشأت فيها ما يشبه "دويلة" صغيرة يرعاها ما يعرف بـ"جيش لبنان الجنوبي" الذي موَّلته إسرائيل ودرَّبته وسلَّحته، وبقيت هذه المنطقة مع مناطق أخرى تقع جنوب نهر الليطاني وشماله ضمتها لاحقاً تحت وصايتها إلى تاريخ الانسحاب الإسرائيلي "الكامل" من جنوب لبنان بعد ربع قرن، في مايو (أيار) سنة 2000.

الجيش الإسرائيلي قام بتنظيم الزيارة للأراضي اللبنانية (مواقع التواصل الاجتماعي)
الجيش الإسرائيلي قام بتنظيم الزيارة للأراضي اللبنانية (مواقع التواصل الاجتماعي)


تعليقات: