هيفاء نصّار: قصتي مع الكتابة للخيام

الكاتبة هيفاء نصّار
الكاتبة هيفاء نصّار


لا أذكر بالضبط كيف يقع القلب في يدي لأكتب القلب وما فيه، ولكني أذكر تماما، وبمنتهى الوضوح، ان الصنعة، صنعة الكتابة في هذه الفترة الحرجة تستعصي عليّ. وأحسّ واشعر أيضا ان هناك بين روح القلم والكتابة وروحي تماثلا يقارب الامتزاج، لكني لا استطيع ان اكتب، رغم كل الألم الكبير في طريقة التعبير الذي طرحته المرحلة. أكتب المرحلة وتعبير المرحلة وادرك تماما ان زماني قد اكرمني بان أعيش في هذا العصر ومنحني القدرة والفرصة. فرصة التواصل مع خيام دوت كوم وفرصة التتلمذ على يدي الظروف، ظروف الغربة والشوق للقاء الوطن الأصغر الخيام ولقاء احبة فيها وفي الوطن الأكبر لبنان.

إن قصص العصر وتاريخ المرحلة لا يحدث الا لمن يعرف كيف ينقله ويحكيه. وبالنسبة لي تاريخ المرحلة شبح كلما اقتربت منه نأى.

أعتقد ان قصتي مع الكتابة وفي احد جوانبها على الأقل قد حدثت وتطورت لكي تختبر قدرتي على الكلام، ولا كلام في هذه المرحلة الا إعادة ما صيغ في الماضي. وقصتي مع صياغة ما كتبته في الماضي قصة تستحق أن تروى، ولها سنوات وهي تطالبني ملحّة ان احكي وان اشهر الكلام. أشغر بعدم تمكني من الكتابة في هذه المرحلة وبشكل شديد الصعوبة فألجأ في هذه الفترة الى إعادة قولبة ما كتبته في الماضي. فالمرحلة ما هي الا انزلاق فيما كتبته في السابق وما هي الا خيط دقيق في كتابات الماضي الذي يكرر نفسه بحيث اكتب ما يحسّه القلب المرهف والعين الصادقة، خيط يكاد يستعصي على الرؤية بالعين المجردة.

فقد اصبت بالصميم كالكثيرين بعد الاحداث الأخيرة. ترى ما نفعل بالعواطف والمشاعر المصابة. ترى من يسمع نبضات القلب ونحن نبحث عن طمأنينة. وكيف نطمئن وحولنا الآلاف من المعذبين والمقهورين. نعم بهم نقوى ونتحدى المستقبل. افنترك الكتابة للخيام والجنوب والبقاع كئيب؟

فقط رائحة البارود تعبق في المكان. مسكين انسان هذه الحدود كم يتحمل من عناء.

أخيرا، ما حصل في الحرب ليس غريبا ان يصدق فقد كان من الفظاعة بحيث لا يصدق. الخيام والجوار يمطر بقذائف الطائرات والدّبابات تقذف صواريخها مدمرة الحجر والشجر والبشر. والدخان يلف الارجاء. يلفّ البيوت والسماء.

أخيرا، ليت الفرح يغمر الوطن الصغير الخيام والجوار فيدخل من الأبواب ويعصف من النوافذ خيمة حب والانتصار آت لا محالة.

عندها فقط سوف تشرق الشمس على الوطن الكبير الصغير الخيام.

تعليقات: