تسود في موريتانيا تقاليد خاصة للزواج والطلاق، فالموريتانيون عادة لا يسجلون عقود الزواج، إلا أن الزواج الموريتاني لا يعتبر، من وجهة نظر الموريتانيين، عرفيا بسبب اشهاره في المجتمع. ويحتفل الموريتانيون بالطلاق كما يحتفلون بالزواج، ويعتبرون الاحتفال بالطلاق توثيقا له.
والسبب في عدم تسجيل اغلب الزيجات في موريتانيا هو أن المجتمع كان في معظمه إلي حد قريب يتنقل في البادية الواسعة.
غير ان توثيق الزواج يتم بطرق خاصة يلخصها أحمد ولد امبيريك، وهو استاذ جامعي، فيقول: "يتم الإعلان عن الزواج بشكل واسع في الحي وفي المدينة. إذا كان الزواج في المدينة فينتشر الخبر ويحضر القريب والبعيد، كما يحضر وفد كبير من أهل الحل والعقد. ويتم هذا الزواج بحضور الولي والشهود وجمع غفير من أهل العروس والعريس، والعامة من أهل القرية أو الحي، وتطلق الزغاريد والذخيرة الحية وتقرع الطبول حتي يشهد الجميع علي قوة هذا العقد".
ويقول البعض ان هذا زواج عرفي، إلا أن هذا المصطلح غير معروف في موريتانيا إلا من خلال المسلسلات المصرية.
ويؤكد امبريك انه ليس زواجا عرفيا، بل هو مؤسس علي قوة الشهود وعلي قوة حضور الناس وعلي قوة الاعلان التي تعطيه تدوينا في ذاكرة المجتمع، وفي ذاكرة أهل الحل والعقد وفي ذاكرة الشهود ولا مجال لإنكاره بعد ذلك".
ويعرف الموريتانيون نوعا آخر من الزواج ينظر إليه كما ينظر في المشرق إلي الزواج العرفي، اذا كان لا بد من مقارنة بين الزواج العرفي والزواج في موريتانيا، فهناك ما يسمى زواج السرية، وهو تام الاركان والشروط لكن ينقصه الاعلان والدعاية.
الاحتفال بالطلاق
والسؤال الذي من المنطقي ان يتطرق الى الذهن هو كيف إذن يكفل الزواج غير المسجل حقوق المرأة والأطفال؟
في ذلك يعتمد الموريتانيون على الإحتفال بالطلاق كما يحتفلون بالزواج. الطلاق ترافقه الزغردة أيضا، فالمرأة حينما تطلق تنادي من يزغرد علي رؤوس الاشهاد ويعلن طلاقها للملأ حتي لا يستطيع الزوج أن ينكر هذا الطلاق. ويبادر أقرباؤها إلي نحر الذبائح، ويأخذون جملا أو ثورا ضخما يذبحونه ويطعمون الناس احتفالا بهذا بالطلاق.
وخلال الاعوام الاخيرة صادق البرلمان الموريتاني علي مدونة للأحوال الشخصية تفرض تسجيل الزواج. وتعمل الحكومة من خلال وزارة شؤون المرأة علي تطبيق نصوص هذه المدونة. وتستقبل الوزارة شكاوي الأزواج والزوجات، وتعقد بين الطرفين صلحا أو ترفع الملفات إلي القضاء.
وتقول السيدة بنت أحمد رئيس مصلحة النزاعات الاسرية في الوزارة: "نستقبل المرأة والرجل ليستفيدوا من جميع الخدمات التي تقدمها الوزارة في مجال حل ومعالجة النزاعات الأسرية، نرافقهم إلي زوجاتهم ونصلح الأسرة داخل بيت الزوجية ونشرف علي تعهد الزوجة بهذا الصلح".
كما يستفيد المواطنون في موريتانيا من الخدمات الصحية، مثل خدمات الفحوص الطبية المجانية، ومن خدمات الدعم والمؤازرة القضائية سواء في المحاكم أو لدي المحامين المتطوعين.
حقوق المرأة
وتتهم النساء في وزارة شؤون المرأة بأنهن أميل إلي المرأة علي اعتبار أنهن تعملن أكثر علي انتزاع حقوق المرأة استنادا إلي المدونة الجديدة.
لكن السيدة بنت أحمد تدافع عن موقفهن فتقول "لسنا منحازين لأي طرف ويستوي أمامنا الرجل والمرأة. هناك البعض الذي لا يدرك أن النفقة حق عليه وأن الحضانة للمرأة. نقول له هذا حقها عليك وهذا حق أبنائك".
وجدير بالاشارة الى ان معظم الذين يتقدمون إلي وزارة شؤون المرأة أو إلي القضاء من الطبقات الفقيرة. ولا تلجأ بنات الاسر الكبيرة إلي العدالة لانتزاع حقوقهن أو حقوق أطفالهن، اذ تتركن المسألة لمروءة الرجل طبقا لقيم المجتمع في عصر تتراجع فيه القيم.
* الشيخ بكاي - مراسل بي بي سي في موريتانيا
تعليقات: