شاكر العبسي ايضاً وأيضاً


‏ شاكر العبسي شاغل الدنيا ومالئ الصفحات، والحديث عنه تجدد كما الأيام الماضية حين احتدمت ‏معارك نهر البارد وبعدها يوم الفرار الكبير، الذي جعل من امير تنظيم فتح الاسلام لغزاً ‏جهد المعنيون والاعلاميون في فك طلاسمه يومها قيل الكثير عن وفاته، بعضهم شاهد صوره مضرجاً ‏بدمائه على شاشة تلفزيون العربية، زوجته زارت المشرحة، خرجت توكد ان الجثة تعود ‏لزوجها، بعدما عاينت 12 موضعاً فيها حسب العلم الجنائي.

شقيقه اقام مجلس عزاء في الاردن، ‏ليعود بعدها الى التنديد بالغموض الذي رافق وفاة شقيقه، والشيخ ماهر حمود، امام مسجد ‏القدس يؤكد ان زوجة العبسي اخبرته ان شاكر مات والجثة تعود اليه، لكن تدخلات المحققين ‏والقضاة عدّلت في افادتها بعدما اكدوا لها : لا تجزمي بأن الجثمان يعود لزوجك، بعدها سنؤمن ‏خروجاً سليماً لك وللعائلة الى سوريا او الى الاردن.

‏ والسوال: هل مات العبسي؟ أم إنه حيّ يرزق في احد السجون السورية؟ الشيخ ماهر حمود لا ‏يزال يشكك بمصير شاكر العبسي، لكن المعلومات تفيد أن أمير تنظيم فتح الاسلام، خرج من ‏المخيم صباح يوم الاحد، حين هاجمت مجموعة مسلحين من التنظيم الخطوط الامامية للقوى العسكرية ‏فيما آثر هو وبعض اركانه الفرار عبر طريق فرعية متجهاً الى جرود الضنية، ولاحقاً بدأت ‏القوى الأمنية دهم هذه الجرود، فخرج العبسي متوارياً، لاجئاً الى مخيم البداوي، حيث مكث ‏هناك في ضيافة آمنة لدى إمام مسجد النور الشيخ حمزة قاسم.

‏ استمر شاكر العبسي مقيماً لدى الشيخ قاسم في محيط امني بعيداً عن أعين الأمن الفلسطيني ‏والأمن اللبناني، لكن الإقامة الطويلة دفعته الى التفكير جدياً بأن عيون الأمن تتربص به، ‏خصوصاً وانه الضليع في عالم الامن حيث الخبرة تفيد أن طول الإقامة تعرض المطلوب لشتى أنواع ‏الهمسات وخبريات المخبرين، لذا قرر المغادرة بعدما أمّن الطريق عبر ممرات يستخدمها عادة ‏‏(المكارية) اي الطريق الترابية البرية، كذلك اتصل عبر مخابرة هاتفية مشفرة مع مناصريه في ‏سوريا حيث استطاع الوصول الى وجهته الأصلية بعد تخفّيه بثياب امرأة، استطاع عبر هذه ‏التورية ان يجتاز كافة الحواجز العسكرية اللبنانية والسورية، ليستقر لاحقاً في مخيم ‏جرمانة الفلسطيني، وساعده في الاقامة الآمنة بعض من محازبيه في التنظيم استطاعوا عبر عملهم ‏السريّ والمتقن ابعاد الملاحقات الأمنية للقوات السورية.

‏ وتشاء المصادفات، وحظ العبسي العاثر، ان تشتبك قوات الامن السورية مع بعض المتطرفين ‏الاصوليين، سقط خلال الاشتباك قتيلان من الاصوليين وجريح فيما اعتقل اثنان، احدهما شاكر ‏العبسي، ما أثلج قلوب رجال الأمن ان كنزاً نادراً اصبح بحوزتهم، خصوصاً وان المعتقل يحمل ‏كمّاً هائلاً من الاحاجي والتفاصيل.

‏ اما عن التفاصيل التي رافقت اعتقال العبسي فان المصادر تعتبر ان خطة سوريا عبر انتشارها ‏على الحدود اللبنانية كانت لأسباب أمنية، استفحل خلالها المتطرفون في عمليات ارهابية كادت ‏تطيح كافة الركائز الاساسية للأوضاع السورية، وان الضجيج الاكثري في لبنان حول اهداف ‏الحشد العسكري السوري ازاله الايضاح الاوروبي والدولي حول مدى الحاجة السورية لهذا ‏الانتشار وللنوايا الصادقة في المحاربة السورية لكافة انواع التطرف.

‏ فسوريا من خلال هذا الانتشار استطاعت ان تمشط اراضيها، وأطلقت على عملية الانتشار، اسم ‏‏«تنظيف السجاد قبل حلول فصل الشتاء»، اي ان اليوم الامني السوري استمر لاسابيع استطاعت ‏خلاله القوى الامنية السورية من القاء القبض على اكثر من 150 مطلوباً متطرفاً، بعضهم من ‏رجال الدين الذين يجيّشون المجاهدين في سبيل محاربة الصليبيين في العراق وقتال عناصر ‏السلطة، وخلال هذه الاسابيع الامنية استطاعت المخابرات السورية من خلال اشتباكات مخيم ‏جرمانه، القاء القبض على شاكر العبسي الذي دوّخ الجميع، اجهزة الأمن اللبنانية ‏والسورية وبعض الأجهزة الدولية.

‏ بعد الاتهامات التي اطلقتها بعض القوى اللبنانية والاقليمية، انها هي صانعة ظاهرة شاكر ‏العبسي وفريقه الارهابي، سارعت سوريا الى الاتصال مع الفاعلين في المجتمع الدولي، الذين ‏أوفدوا المعنيين والخبراء ورجال المخابرات للقاء سجين سوريا، شاكر العبسي.

فالتقت القوى ‏الهامة والفاعلة الاوروبية بالمعتقل الفلسطيني في مقر المفوضية الاوروبية، حيث عقد ‏الاختصاصيون جلسات تحقيق واسعة استمرت لساعات، أظهرت خلالها سوريا ان لا شيء تخفيه عن ‏المجتمع الدولي، وان ظاهرة العبسي هي صنيعة الارهاب الاصولي وجذوره تعود الى منظمة ‏القاعدة.

‏ وهكذا استطاعت سوريا ان تبعد عن اجهزتها التهمة التي طالما رددها فريق 14 آذار بأن ‏العبسي ومنظمته هما صنيعة سوريا، حضرت الى الشمال بناء لإيعاز سوري، فالسوريون يعيشون ‏الآن تحت الأضواء الدولية، ولن يقدموا على اي «فاول» يعيدهم الى أيام المقاطعة والحصار، ‏فالانفتاح هو هدف اساسي للعمل الديبلوماسي السوري، من هنا فان التحقيقات الاوروبية، ‏خصوصاً لرجال الأمن الاوروبيين مع المطلوب الاول في لبنان وسوريا شاكر العبسي، ما هي الا ‏ثقة سورية بالبراءة من الاتهامات التي كيلت لها بأن سوريا هي فتح الاسلام.

وان فتح الاسلام ‏هي صنيعة المخابرات السورية.

تعليقات: