عدنان سمّور: ليلة القدر هي أروع عناق بين روح هذا العالم ومادته

المهندس عدنان سمّور: ليلة القدر هي أروع عناق بين روح هذا العالم ومادته
المهندس عدنان سمّور: ليلة القدر هي أروع عناق بين روح هذا العالم ومادته


أحببت ان أفكر وتفكروا معي في ليلة القدر المباركة هذه ، بمعانيها ودلالاتها الجميلة ، من زاوية مختلفة ، قلما يتطرق إليها الناس عادة ، فجاءت نتيجة محاولتي على الشكل التالي :

كل الذين حاولوا ، عبر التاريخ البشري المتمادي في القِدم ، أن يبرهنوا أن هذا الوجود وهذا العالم ، ليس سوى مادة ، وكل ما ينتج عن هذه المادة من حركة وأحداث وظواهر وتجليات ، بما في ذلك الإنسان ، لا تعدو كونها نتائج خاضعة لقوانين صارمة يمكن التحكم بها وتوقع سلوكها وردات فعلها ، بدقة متناهية ، من قبل الأقوياء المالكين لمصادر القوة وللعلوم والتقنيات والمعرفة اللازمة لهذا الأمر ، لكن الظاهرة التي استعصت على برهنة وإثبات وتحقيق هذه القناعة وهذا الإستنتاج ، رغم مساعي البشر التي لا حصر لها خلال التاريخ الطويل ، تمثلت في الإنسان المتمرد على كل المحاولات البشرية المعتمدة على مبدأ القوة المادية ، الساعية الى فرض إرادتها بالتخويف والحصار والمقاطعة والتهديد ، أو بالترغيب والخداع والتآمر ، وقد فشل كل القادة الذين بنوا الدول والإمبراطوريات والجيوش وترسانات الأسلحة ، والمؤسسات والإعلام ، فشلوا في إخضاع الإنسان أو في تدجينه ، والقضاء على أحلامه وآماله وطموحاته بأن يكون حراً وساعياً لبناء تجربته الخاصة به ، بناء على معتقداته ، وقناعاته ومفهومه للوجود ، وهكذا يعيش عالمنا اليوم ، لحظة الذروة في محاولة إخضاع شعوب منطقتنا ، منطقة غرب آسيا ، من قبل أشرس واعتى وأكثر مشروع توحش بشري تقوده اميركا ، المتزعمة للمشروع الإستعماري الأنغلوساكسوني ، ويبدو بوضوح للمتابعين والمهتمين ، مستوى المقاومة والتمرد على هذا المشروع المتغول من قبل أحرار المنطقة والعالم ، ويمثل صمود ومقاومة شعب فلسطين المحاصر والمعتدى عليه أحد أرقى وأروع تجليات هذه المقاومة وهذا التمرد ، كما يمثل وقوف لبنان والعراق واليمن وايران ، مع شعب فلسطين المظلوم والمعذب ، إحدى الظواهر الإنسانية الإستثنائية ، في الوقوف الى جانب القضايا المحقة ، مهما بلغت الأثمان والتضحيات ، في زمن غلبت فيه المادة في تأثيرها على بني البشر ، لدرجة باتوا معها عاجزين عن استيعاب الدوافع الحقيقية لهؤلاء المقاومين الأسطوريين والملحميين ، الذين يؤسسون لانعطافة هائلة في المشروع الحضاري الإنساني ، وبذلك يثبتون للعالم ، أن الروح الإنسانية بما تختزنه من بعدٍ غيبي إلهي غير مادي ، تمثل أعظم ثروة في هذا الوجود ، وبدونها يفقد الوجود معناه وتفقد الإنسانية معناها ، ولا يبقَ في هذا العالم إلا غابة مليئة بالوحوش والضحايا ، وتصبح الحضارة الإنسانية ، خبراً بعد عين ، ومن يدري ربما يكتشفها بعد سبعين مليون عام من اليوم كائنات ذوات أرواح ، تتمتع بالأخلاق والقيم ، وتتحسس قيمة الغيب الذي لا حضارة إنسانية في هذا العالم بدونه ، يومها سيسخرون من الانسان المعاصر الحالي ، ويشفقون عليه وعلى ضيق افقه وقلة عقله ، وسيستعرضون مستويات غبائه في مدارسهم ومتاحفهم وجامعاتهم ،

وما احوج العلماء والمثقفين والاستراتيجيين والمستقبليين والمفكرين على امتداد عالم اليوم ، الى فهم واستيعاب اهمية هذه الحقائق ، قبل أن تهدر وتبيد اميركا واتباعها الأغبياء ، المشروع الحضاري الإنساني الرائع ، الذي بنته الإنسانية بجهود وموارد ودماء ودموع ، لا تقدر بثمن .

وأما ما ينفع الناس ، فيمكث في الأرض

ع.إ.س

باحث عن الحقيقة

21/03/2025

تعليقات: