عدنان سمّور: وصمة عار على جبين كل المتخاذلين


ما الذي يمكن ان نشعر به كبشر ، أمام مشهد هذه الأم الفلسطينية التي تحضن الهيكل العظمي لطفلها ، وكأنها تحضن كل مآسي البشرية منذ خلق الله البشر على وجه هذه البسيطة ، طفلها الذي مذ علمت أن صورته بدأت تتكون داخل احشائها ، راحت ترسم في ذهنها وأمام شريك عمرها وأمام أهلها ومحبيها ، أحلاماً وردية رائعة لمستقبله ، وكيف ستعلِّمه الكلام والمشي وكيف ستلاعبه في طفولته ، وكيف ستشتري له الهدايا والألعاب الطفولية التي ستسعده وتنمّي مواهبه ، وكيف سترسله الى المدرسة ، وكيف ستمشط له شعره ، وتنسق له ملابسه ، وكيف ستهتم برفاقه ورفيقاتها في الحي ، وكيف ستساعده وتعلمه ، ليكون شجاعاً وقادراً على مواجهة مصاعب الحياة ، وكيف سيتخرج من الجامعة ، ويعمل ويحب ويتزوج ويؤسس أسرة ، ويندمج في خضم الحياة ، منتجاً مساهماً في نهضة وتطور مجتمعه ، لتكون شريكته في كل انجازاته ومساهماته ، ولكن أدعياء الإنسانية واعداؤها ، جاؤا من خلف البحار منذ ما يزيد على قرن من الزمان ، بكل حقدهم وانانيتهم وقسوتهم ، وزرعوا كيانا غصباً على أرضها ، أرض فلسطين ، سموه اسرائيل ، وهذا الكيان لا تقوم له قائمة ولا يمكن له أن يستمر في الوجود ، إلا إذا تمكن جنوده ومستوطنوه وداعموهم من المستعمرين الكبار ، من اجهاض وتدمير وتحطيم ، احلام وآمال وتطلعات كل امهات وآباء وأطفال وشباب وشابات فلسطين ، وإلا إذا تمكنوا من قتل إرادة الحياة والأمان والأمل بالمستقبل ، لدى أي شعب أو مجموعة تتعاطف مع قضية فلسطين العادلة والمحقة ، سواءً جاء هذا التعاطف من فنزولا في قارة اميركا ، أو من إيران أو اليمن أو العراق أو لبنان ، أو أو أو ، حتى ينقطع النفس ، فتغتال العلماء المتنورين في تلك البلاد ، وتقاطع وتحاصر وتهدد وتشن الحروب ، وتستفر الأساطيل وتستبيح الأوطان فتدمر مقدراتها ومراكز قوتها وبناها التحتية ، والعالم صامت يتفرج ، قد يستنكر أحياناً وقد لا يشعر بضرورة أن يستنكر ، ولكن رغم كل هذا الإجرام والتوحش والقسوة ، ستبقى نساء فلسطين تنجبن وتحلمن بمستقبل ابنائهن ، وبناتهن ، وسيبقى العالم الحر الشريف يحمل هم فلسطين ، ويتعاطف معها ويدافع عنها ، لتستعيد حقوقها ، وتحقق أحلام شعبها ، وأنت أيتها الحاضنة لحلم عمرك ، وفلذة كبدك ، قدَرُك ان تكوني حاملة لرحمٍ مباركٍ زودك به ربٌ كريم ، تنجبين من خلاله أطفالاً رائعين ، أطفالاً أسطوريين وملحميين ، سيأتي يومٌ يغيِّرون فيه وجه الحاضر الصعب وينتصرون ، ويؤسسوا لمستقبل باهر عظيم ، شروقه لا مفر آتٍ ، وآهٍ أيتها العزيزة ، المعذبة ، الصابرة ، المحتسبة ، ما أعظمك وما أعظم موقفك الأخاذ ، الذي تنحني أمامه هامات كل من لا يزال في قلبه ذرَّة إنسانية ، ومهما حاولنا أيتها الكبيرة الرائعة العملاقة ، نظل نشعر بصغرنا أمام عظمتك ، ولن يوفيك أجرك إلا ربٌ كريم ، لا يضيع عنده أجر المحسنين والمحسنات أمثالك ، وستبقى ذكرى موقفك تشكل صفحة مشرقة في كتاب الجهاد الفلسطيني المقدس ، وكما ستبقى حكايتك وصمة عارٍ على جبين كل الذين خذلوكم ، وتآمروا عليكم ، ورفضوا دعمكم ، وهم يهدرون موارد امتهم وشعوبهم شمالاً ويميناً بغير حساب .

ع.إ.س

باحث عن الحقيقة

تعليقات: