المغتربون حجزوا مقاعدهم لدى شركات الطيران، تهميداً لزيارة لبنان في عيد الفطر (getty)
لا يزال اللبنانيون يحاولون ترتيب أحوالهم بعد حرب استنزفتهم كثيراً. ورغم التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لا يزال التوتّر قائماً والاحتمالات مفتوحة نحو الأسوأ، فالعدوّ الإسرائيلي يستبيح الأجواء اللبنانية ويقصف ما يصفه بـ"الأهداف"، وآخرها قصف الضاحية الجنوبية لبيروت يوم أمس. هذه القصف أحدَثَ حالة هلع بين سكّان المنطقة المستهدفة، وأطلَقَ علامات استفهام حول ما قد تؤول إليه الأمور.
ولأنَّ الحدثَ الأمني يؤثّر سريعاً على الجانب الاقتصادي، وخصوصاً على القطاع السياحي، توجّهت الأنظار نحو حركة حجوزات المغتربين والسيّاح على أبواب عيد الفطر.
التصعيد يُسقِط المعايير
استهدَفَ العدوّ الإسرائيلي، قبل أيام، أكثر من قرية جنوبية إثر إطلاق صواريخ من لبنان. ومع تكرار هذا الحدث، صعَّدَ العدوّ تحرّكه العسكري وصولاً إلى استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت، يوم أمس. ومع ذلك، لم يتطوَّر الوضع إلى تغيير في قرارات المغتربين والسيّاح الذين حجزوا مقاعدهم لدى شركات الطيران، تهميداً لزيارة لبنان في عيد الفطر.
وحتّى اللحظة، يؤكّد رئيس نقابة أصحاب مكاتب السفر والسياحة جان عبود، أنّ "حركة مطار بيروت طبيعية جداً، حتّى أنّ شركات الطيران نظّمَت رحلات إضافية منذ نحو 5 أيام، والرحلات مستمرة حتى 31 آذار الجاري". ويشير عبود في حديث لـ"المدن"، إلى أنّ حركة المسافرين استعداداً لعيد الفطر "كبيرة وجيّدة". ويوضح أنّه "إذا لم يحصل أي تصعيد امني جديد، فإن فترة عيد الفطر ستكون جيّدة"، وفي حال العكس، فإن "التصعيد يُسقِط كل المعايير".
ومع أنّ الحركة جيّدة، إلاّ أنّ القادمين إلى لبنان "هم لبنانييون مغتربون وأردنيون وعراقيون. أمّا السيّاح من الدول الخليجية، وخصوصاً السعودية، فما زالوا غائبين، فالتأييد السياسي للبنان لم يتحوَّل بعد إلى تأييد اقتصادي، بل لا يزال حظر التوجّه إلى لبنان قائماً رغم الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى السعودية. فرفع الحظر له شروط، عبَّرَت الحكومة في البيان الوزاري عن التزامها بها". وأمل عبود أن تلتزم الحكومة بالإصلاحات وأن يؤدّي ذلك إلى انفتاح خليجي ودولي، ما يساهم في استعادة لبنان حركته السياحية واستقراره.
واستعداداً لاستقبال المغتربين والسيّاح، أكّدت نقابة المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري أنها على "أتمّ الجهوزية لاستقبال المغتربين". وأشارت في بيان إلى "الاعتماد على السياحة الداخلية".
وأعلنت النقابة أنّه ستقدّم "تجربة استثنائية تُضفي على العيد نكهة لا تشبه أي مكان آخر، فالعيد في لبنان له رونقه الخاص الذي لا يُضاهى".
التحديات موجودة
في البيان الوزاري، أعلنت الحكومة التزامها بالكثير من الإصلاحات في الكثير من القطاعات الاقتصادية، وعلى مستوى تطوير البنية التحتية أيضاً، إلاّ أنّ أكثر ما يغيّر في الوضع القائم، هو العمل على طمأنة الدول العربية والأجنبية لناحية تأمين الاستقرار الأمني والسياسي. وفي السياق، نصَّ البيان الوزاري على "امتلاك الدولة قرار الحرب والسلم"، وأيضاً على "اعتماد سياسة خارجية تسهم في استعادة لبنان رصيده العربي وموقعه الدولي، مع الحرص على عدم استعمال لبنان منصة للتهجّم على الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة".
وهذا الالتزام لا يزال ينتظر السير بالإصلاحات التي يُفتَرَض بها ترجمة الأقوال إلى أفعال، الأمر الذي يعني أنّ التحديات لا زالت موجودة وانعكاساتها السلبية على القطاعات الاقتصادية، قائمة، خصوصاً على القطاع السياحي. وعبَّرَ المجلس الاقتصادي والاجتماعي عن هذه المخاوف، من خلال بحث لجنة السياحة والتنظيم المدني والنقل في المجلس، آليات تفعيل المشاريع العالقة ومنح القطاع السياحي دفعاً جديداً على مدى العقود المقبلة، والبحث في آليات المعالجة التي تضمن استثماراً فاعلاً ومستداماً للمقدرات السياحية في لبنان. ولأنّ الأوضاع في لبنان غير مستقرّة، اعتبرت اللجنة أنّ الاستحقاقات التي يفترض بالدولة القيام بها "لم تعد تحتمل التأجيل".
المغتربون وبعض السيّاح العرب قرّروا عدم الاكتراث للتهديدات الإسرائيلية المتكرّرة. فهُم يريدون زيارة أهلهم رغم أنّ الأحوال غير مستقرّة. إلاّ أنّ هذا التفاؤل لا يغني الحكومة عن العمل لتعزيز الاستقرار وإرسال إشارات إيجابية تكسر الجمود العربي والدولي تجاه لبنان.
تعليقات: