لو كان كل المسؤولين للدول ذات الشأن والقدرة في هذا العالم ، يتحدثون بذات الأسلوب الذي أدخله الرئيس دونالد ترامب ، إلى قاموس السياسة الخارجية الأميركية ، حيث ملأ وسائل الإعلام بمبادرات يعرضها على حلفاء اميركا التاريخيين وأعدائها أيضاً على حدٍّ سواء ، ويرفق مبادراته عادة بمجموعة تهديدات مبطنة وظاهرة ، للطرف الذي يوجِّه إليه المبادرة ، إضافة لتوجيهه مجموعة نصائح للذين قد يفكرون برفض مبادراته لا قدَّر الله ، لدرجة لا تعود المبادرة التي يقدمها ، إقتراحاً قابلاً للنقاش ، بل هي أقرب للأمر العسكري منها إلى المبادرة ، ويتواصل مع زعماء الدول الذين يوجه اليهم مبادراته بكل ايجابية ، وبعد الإتصال بهم مباشرة يفرض على دولهم ضرائب ثانوية ، ما أنزل الله بها من سلطان ، وقد يعلن حرباً على دولة مستضعفة مثل اليمن ، التي تعبر عن رفضها العملي للعدوان والحصار والتجويع والإبادة التي يقوم بها ويمارسها بمنتهى التوحش ، النظام الصهيوني والاميركي المجرم على فلسطين ، ويتهم الرئيس ترامب اليمن بأنها تعيق الملاحة في مضيق باب المندب ، وفي البحرين الأحمر والهندي ، وتعيق بذلك حركة التجارة العالمية ، الأمر الذي يعتبره الرئيس ترامب ، مخالفاً للقانون الدولي الذي يحبه ويحترمه ، في وقت يدعم ويغطي حرب ومجازر الإبادة الجماعية التي تقوم بها اسرائيل منذ ما يزيد على السبعة عشر شهراً في غزة والضفة الغربية في فلسطين ، ولا يسمح لمجلس الأمن الدولي ولا لمحكمة الجنايات الدولية ان تستنكرا هذه الإبادة وهذا التطهير العرقي ، ولا ينسى الرئيس ترامب ، بأن ينقل للعالم قلقه الناتج عن صغر مساحة الكيان الصهيوني ، وانه يفكر دائماً بضرورة توسعة وزيادة هذه المساحة ، وكذلك يريد ضم كندا التي تعتبر مساحتها قريبك من مساحة الصين ، يريد الرئيس ضمها الى اميركا رأفة بالكنديين ، الذين يجب ان تنخفض عليهم الضرائب ، بعد انضمام بلدهم لأميركا . هذا الأسلوب المبتكر للرئيس الأميركي الفذ دونالد ترامب ، ماذا لو قررت الصين وروسيا والهند والبرازيل مثلاً ، أن يتصرفوا بذات الأسلوب الذي يتبعه ، وكيف سيصبح عالمنا اليوم بهكذا أداء ، هل يمكن لأحد أن يتصور أي جحيم سيعيشه العالم عندها ؟ لو حصل مثل هذا الأمر ؟ لذلك فإن السياسة الأميركية الحاصلة اليوم تذكرنا بأداء الرئيس الألماني أودولف هتلر قبل الحرب العالمية الثانية ، حيث بدأ بضم منطقة الراين وبعدها قام بضم النمسا التي كانت امبراطورية في يوم من الايام ، وبعد ذلك قام بضم جزء من تشيكوسلوفاكيا ثم ضمها بالكامل ، واستتبعها بضم بوهيميا ومورافيا ، وعندما غزا بولندا ، انطلقت شرارة الحرب العالمية الثانية التي ذهب ضحيتها ما يقارب الخمس وخمسون مليون ضحية ، إضافة لدمار اوروبا ، والاتحاد السوفياتي وجزء من شمال افريقيا وغرب آسيا . من هنا نطرح سؤالاً بديهياً " متى يستشعر العالم الحر مخاطر ما تقوم به اميركا من مغامرات استعمارية توحشية مكشوفة ، بقيادة معتوه مثل السيد الرئيس دونالد ترامب ؟" الذي يمثل الناتج الأقبح والأوقح والأكثر فجاجة للمشروع الإستعماري الغربي التاريخي ، الذي تتزعمه أميركا اليوم ، والذي على العقلاء في هذا العالم الحر اليوم ، أن يتحدوا لمواجهته وتعطيل مفاعيل جنونه ، نظراً لما يمثله هذا الجنون من خطر وجودي على مستقبل الإنسان في هذا العالم ، وذلك قبل فوات الأوان .
تعليقات: