إن اميركا المتزعمة للغرب الجماعي ، تقع اليوم ، فريسة استخدامها الخاطىء لفائض القوة الذي امتلكته لقرون خلت ، والذي ساهم في تعزيز هيمنتها عندما كان توظيف هذا الفائض يتم من قبل زعماء اميركا الاستراتيجيين الكبار ، امثال روزفلت ونيكسون وجونسون وغيرهم ، وهذا الفائض ذاته ، يساهم اليوم في خسارة اميركا لهيمنتها على العالم ، لأن المتحكم في توظيف فائض القوة الاميركي هذا ، قادة ضعاف سطحيون ، عديمو الثقافة ويفتقرون للفهم السياسي الاستراتيجي العميق ، ويتحكم بقراراتهم لوبي شركات تصنيع الاسلحة ، اي الذراع الاقوى للوبي العولمة داخل اميركا ، هذا اللوبي ، أدخل اميركا في حروب هامشية لا تخدم تفوقها وهيمنتها وتنمية قدراتها ومواردها ، بل استنزفتها وكشفت نقاط ضعفها وعجزها عن فرض ارادتها على انظمة وشعوب العالم الناهضة والساعية الى التحرر من شباك ومظالم نظام الهيمنة الاستعمارية المجرم والقاتل والسفاح ، في وقت نهضت فيه الصين وانشأت بنى تحتية اقتصادية وتنموية وعسكرية وتقنية عالية ومنافسة ، وفي وقت تمكنت فيه روسيا من معاودة النهوض بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ، وتفعيل اقتصادها الإنتاجي ، وتعزيز ترسانتها العسكرية ، وبناء تحالفات استراتيجية مع كل من ايران والصين وكوريا وفيتنام وكل من يطمح للتخلص من الهيمنة الأميركية ، كما تمكنت ايران من تجاوز كل ما فرض عليها من ضغوط وحصار واثارة فتنٍ داخلية واغتيال علماء وقادة ، وحققت نمواً وتفوقاً اقتصادياً وعسكرياً وتقنياً ادهش اعداءها وحلفاءها ، ومنحها حصانة ومناعة وقوة ردع يحسب لها الأعداء الف حساب ، وكلما حاولت اميركا التغول على ثالوث الصين وروسيا وايران اكثر ، كلما توحد هذا الثالوث اكثر ، وزاد عزمه وإصراره على المواجهة والتصدي والسعي لتغيير المعادلة الدولية المجحفة ، بحق دول العالم المهدورة حقوق شعوبها .
والشِبَاك العالمي الحاصل اليوم ، بدأت معالم نتائجه ومآلاته تتضح وتنجلي ، من خلال تفسخ التحالف التاريخي لقوى الاستعمار العالمي ، ومن خلال الصراع الداخلي لكل عنصر من عناصر هذا التحالف ، فالأزمات الداخلية في اميركا وتصارع اللوبيات الحاكمة فيها يستفحل اكثر فأكثر كلما ظهر الضعف والتخبط والعشوائية ، في قرارات قيادتها ، وكذلك الحال داخل دول الاتحاد الاوروبي ، وداخل الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين ، في وقت يبدو الأداء العقلاني والجريء والواثق واضحاً لقيادات الصين وروسيا وايران ، كما يظهر الأمر جلياً بتشرذم شعوب اميركا واوروبا ومستوطني الكيان ، وعدم التفاف هذه الشعوب حول قياداتها ومؤسساتها ، في وقت يوجد شبه اجماع في تأييد شعوب الصين وروسيا وايران لسياسات وقرارات قياداتها ، وتبقى ظاهرة كل من اليمن وغزة ، جديرة بالوقوف عندها ، لأن اميرك ابعظمتها وجبروتها تقف عاجزة عن كسر ارادتهما ، رغم الفارق الفلكي في القدرات والأعداد والامكانات ، بين القوى المتقابلة ، وفي هذا الصمود الاسطوري لهذه القوى الصاعدة ، مؤشر خير وبشارة واعدة لشعوب المنطقة واحرار العالم ستبديها الايام الاتية بإذن الله .
ع.إ.س
باحث عن الحقيقة
13/04/2025
تعليقات: