المودع هو مودع.. دون تمييز أو تصنيفات

المودع هو مودع.. دون تمييز أو تصنيفات
المودع هو مودع.. دون تمييز أو تصنيفات


بصفتي مودعًا لبنانيًا، يهمّني أولاً وقبل كل شيء كشف السرية المصرفية، ليس بدافع الفضول، بل لتمكيني من معرفة كيف جرى تهريب وديعتي من المصرف إلى خارج البلاد، حتى أتمكّن من اتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من خان الأمانة ومحاسبته وفقاً للقوانين المرعية.

لا تعنيني كثيراً المناقشات الدائرة حول مدة سريان رفع السرية المصرفية. فمدة عشر سنوات كافية، إذ إنها تشمل الفترة منذ عام 2016، أي منذ بدء تهريب الأموال بحسب ما أعلنه المحامي وديع عقل الشهر الماضي خلال مؤتمر النائب فريد البستاني في مبنى شركة تويوتا في الحازمية، حين أكّد أن عمليات التهريب بدأت فعليًا عام 2017.

ولا يهمّني، بطبيعة الحال، أن تعود السرية المصرفية إلى ما قبل إعلان دولة "لبنان الكبير"، فذلك زمن لم أكن قد وُلدت فيه بعد، ولا تعنيني فيه مراجعات تاريخية نظرية لا تفيد قضيتي كوديع.

كذلك، لا تشغلني السجالات المتعلقة بقوانين دمج المصارف أو رفع رساميلها، إذ أن تجربة شخصية سابقة مررتُ بها، عندما تم دمج المصرف الذي كنت أتعامل معه بمصرف آخر، لم تؤثر عليّ بشيء سوى نقل وديعتي من مصرف إلى آخر.

أما في حال تم سحب رخصة أي مصرف، لا سمح الله، فإن القانون واضح: على أصحاب المصارف بيع ممتلكاتهم لإعادة الأموال إلى المودعين، تماماً كما فعل المصرفي الشهير هنري صفير في التسعينيات، عندما أقفل مصرفه وأعاد الحقوق لأصحابها.

ما يثير استيائي اليوم هو الخطاب المتكرّر من بعض المسؤولين الجدد، من وزير المال ياسين جابر، إلى حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، وصولاً إلى وزير الإعلام بول مرقص، حين يُصرّون على التمييز بين "صغار" و"متوسطي" المودعين، وكأن قيمة الوديعة تُحدد قيمة الحق.

المودع هو مودع، سواء بلغت وديعته ألف دولار أو مليوناً. حقوق الناس ليست موضوعاً قابلاً للتصنيف أو المساومة، ومن المعيب الاستمرار بهذا الخطاب الذي يهين المودعين ويسيء لمبدأ العدالة والمساواة.

لقد كرر وزير الإعلام بول مرقص هذا التمييز مرارًا خلال تلاوة مقررات مجلس الوزراء يوم السبت الماضي. وهذا المنطق لا يمكن أن يستمر، ولا يجوز أن يُكرّس كأمر واقع.

تعليقات: