اتحاد الكتاب اللبنانيين نظم في النبطية احتفالا لتوقيع كتابين للمؤلف والمخرج حسن ضاهر


النبطية - سامر وهبي

نظم اتحاد الكتاب اللبنانيين وهيئة تكريم العطاء المميز في النبطية احتفالا لتوقيع كتابي المؤلف والمخرج حسن ضاهر :يوميات جثة ( قصص قصيرة) ، أربعة رجال وامرأة ( رواية) ، وذلك في قاعة ثانوية حسن كامل الصباح الرسمية في النبطية بحضور مدير عام الشباب والرياضة السابق زيد خيامي ، رئيس الجمعية التنظيمية لتجار النبطية والجوار محمد بركات جابر، رئيس الإتحاد العالمي لأندية اليونيسكو الدكتور مصطفى بدر الدين، مدير ثانوية حسن كامل الصباح الرسمية عباس شميساني ، مدير ثانوية اجيال الدوير الدكتور داود حرب، الدكتور احمد حيدر ممثلا المجموعة اللبنانية الثقافية ، الناظر العام في ثانوية الصباح الرسمية الاديب محمد معلم ، وشخصيات ووجوه ادبية وثقافية وتربوية واعلامية .

بعد النشيد الوطني افتتاحا، القى الاستاذ ماهر الحاج علي كلمة قال فيها " في صومعة حسن ضاهر ايقونات تزهر بالعطر واللون ، جسدها بفن من هواه، وبيراع من وحي رؤاه، ويوم قدر للبنان ان يكون نذر له صوتان: صوت فنان، وصوت اديب، تردد في مسامعه صرير قلم حمله بعناية، ازميلا ينحت في عمق الابجدية ورقاع المدى ويضرب الافاق ذوادا عن الحقيقة ليعود بباقات من الضوء

وقال: حسن ضاهر مجاهد ، اعماله شهادة حق ، فما استنقذه جهد ، بل بقي على فيضه، كما الليالي السديات، وهذه بعض من ملامحه انه الاستاذ الجامعي الحائز على الدراسات العليا في علوم التربية والصحافة وعلم الاجتماع ، كتب واخرج العديد من المسرحيات، وله روايات عديدة في الادب والتربية ، كتب واخرج العديد من الاعمال لتلفزيونات عربية ، انها غيض من فيض اعمال مقرونة بالنباهة والثبات النادرين ، فيا صديقنا وزميلنا حسن ضاهر : لقد هززت بنا روافد الافكار واعلنت كوامن الاذهان فكانت لك الكلمات كما شئتها ، ان في مؤلفاتك نورا يضيئ ، وماء نيرا ، اما نحن في هيئتنا فحسبنا اننا قلنا وهتفنا سلمت يداك .

معلم

ثم كانت قراءة نقدية ومداخلة القاها الشاهر جميل معلم بإسم اتحاد الكتاب اللبنانيين فقال:

في عُجالةٍ، ولو استغرقَتْ بعضَ الوقْتِ، أستميحُكُم عُذْرًا لِتًحمُّلي لبعضِ الدّقائق؛ لعلّني أفي المؤلِّفَ بعضَ ما يستحقّ.

وعليه؛ فستكون قراءتي على قسمين؛ الأوّل لِـ "يوميّات جُثّة"، والثّاني لِــ "أربعة رجال وامْرأة".

القراءة الأولى تحمل عنوان: الذّاكرةُ في جسدٍ مَيّت: "سَرديّةُ الموتِ الحيّ في يوميّات جُثّة"

يتناول الكاتب موضوعًا غنيًا بالرّمزية، ويطرح معالجة أدبية غير تقليدية. وفي ما يأتي قراءة نقدية متكاملة تشمل الجوانب الفنيّة، والموضوعيّة، والأسلوبيّة:

في عمله الجديد، يقدّم حسن ظاهر تجربة سردية فريدة تُكسر فيها الحدود بين الحياة والموت، حيث تَروي جثّةٌ ضحيةُ الحرب الأهليّة اللبنانيّة يوميّاتِها من منظور غيرِ مألوف، تمزج فيه الواقعيّ بالميتافيزيقيّ، وتُعيد بناءَ الحياة من موقع الغِياب.

أولًا: الرُّؤية الموضوعيّة — الموت كأفُق سرديّ للحياة.

الجثّة الرّاوية تمثّل ضميرًا غائبًا حاضرًا، يرصد الحياة من موضعها النّهائيّ، لتكشفَ هشاشتَها، وعبثَها، وارتباطَها العاطفيَّالعميق.

الحربُ الأهليّةُ ليستْ مركزَ الرِّواية، بل خلفيّتُها المأساويّة، حيث تتحوّل طلقةٌ طائشةٌ إلى محرِّك وجودٍ جديدٍ – ليس حياةً، بل سردٌ من بعدِ الموت.

الزيارات التي تقوم بها الجُثّة (للأولاد، المنزل، الزوجة) تنقلُالتّجربة من كونها مجرّدَ خيالٍ عجائبيٍّ إلى ميدانِ تأمُّل في الهُويّة والحنين والانتماء.

ثانيًا: البناء الفنّيّ — تخييل ميتافيزيقيّ بِلُغةٍ نابضة

اختيار الجثّة راويًا يُشكّل انقلابًا سرديًّا يُخرج الرّواية من المألوف، ويمنحُها طبقةً رمزيّة: الجثّة ليست جسدًا فقط، بل شاهدةٌ على ما بعدَ النّهاية.

التنقّل بين العالمين (على ظهر الخلد؛ تحت الأرض وفَوقَها) يمنح السّرد ديناميكيّةً، ويُتيح بناءَ "أرضٍ ثالثة" تقع بين الحياة والموت – هي أرض الأدب نفسه.

الدهشة والتّشويق حاضران من خلال المفارقات، ولقاءاتِ الأشباح بالأحياء، ووعيِ الجثّة المتصاعدِ في كلّ زيارة.

ثالثًا: اللغة والأسلوب — شِعريّة الصَّمت ومجازُ الجسد

اللّغة تتوسّط بين الشِّعْر والنَّثر، مع استخدام المجاز للتّعبير عن تحوّلِ الجسدِ إلى شاهدٍ/راوٍ.

الرّمزيّة واضحةٌ في استخدام تفاصيل الجثّة (الجرح، الصّمت، الرّائحة) كوسائلَ للتّعبير عن الذّكرى، الحبّ، الغياب.

الأسلوب يحافظ على وتيرة جذّابة، تمزج بين التأمُّل والسَّرد، بحيث يبقى القارئ معلّقًا بين فضوليّة الحياة، وتساؤلات ما بعدها.

رابعًا: التأويل النقديّ — الجثّة كرمز لضميرٍ جماعيّ مدفون

يمكن قراءة الجثّة بوصفها رمزًا للبنان المنسيّ، أو الضحيّة الجَمعيّة للحرب.

طلْقة الرّصاص الطائشة تتحوّل إلى استعارة للخراب العشوائيّالذي لا يختار ضحاياه.

المنزل، الزّوجة، الأحفاد يُمثلون تمسُّكَ الجُثّة بالذّاكرة، وكأنّها ترفض أن تُنسى؛ وسط النسيان العامّ للحرب ومآسيها.

"يوميّات جثة" ليستْ مجرّدَ تمرين خياليٍّ، أو لعبةٍ سرديّة، بل عملٌيضربُ في عمق الأسئلة الوجوديّة التي خلّفتها الحرب اللبنانيّة. عبر راوٍ مات ولم يمُتْ، يصوغُ حسن ظاهر مرافعةً أدبيّةً عن الذّاكرة، والانتماء، والحنين إلى البيت؛ حتّى بعد أن يُهدم... أو يُنسى.

أمّا القراءةُ الثّانيةُ فتحمل عنوان: "الفضاء المفتوح للنّقاش"

تأتي رواية "أربعة رجال وامرأة" للكاتب حسن ظاهر كمحاولة سرديّة جريئة تغوص في أعماق النّفس الإنسانيّة والاجتماعيّة، من خلال شخصيّات متعدّدة؛ تعيش أزماتٍ فرديّةً ضمن واقعٍمأزوم. وتحملُ الرّوايةُ في طيّاتِها إشاراتٍ واقعيّةً من النّبطيّةِوجوارِها، ما يُضْفي عليها مَلْمَحًا واقعيًّا يُقارب الفنتازيا النّفسيّة.

أولًا: البناء الفنّيّ

الحَبْكة والسَّرْد

يقوم الكاتب ببناء حبكة متماسكة تُدار داخل صندوق كبير يحتوي خمسَ صندوقاتٍ فرعيّة، ترمز لكلٍّ من الشّخصيّات المحوريّة، في بنيةٍ تميل إلى الرّمزيّة من دون أن تُفقِدَ النّصَّ ترابطَه. يعتمد السرد على راوٍ داخليٍّ متمثِّلٍ في الحفيدة، التي لا تكتفي برواية الوقائع، بل تُعلّق، وتُفسّر، وتُناقش، ما يمنحُ النَّصَّ بُعدًا تأمُّليًّا وتحليليًّا.

الزّمن الرّوائيّ

يتداخل الزّمن في الرّواية بين الحاضر الذي تتحدث منه الحفيدة، والماضي الذي تستحضره الشخصيات عبر حواراتها وتفاعلاتها. هذا التلاعب بالزمن يعكس اضطراب الشّخصيّات الدّاخليّ، ويُعزِّز الطّابع النّفسيّ للطَّرح.

الأسلوب واللغة

تتفاوت اللغة في الرّواية بإيقاعها، فتأتي أحيانًا شاعريّة وأحيانًا تقريريّة، ما يتماشى مع تباين المواقف والأصوات. ورغم وجود بعض الأخطاء، إلا أنّ الحبكة المحكمة والبنية السّردية الواضحة تشفع لها.

ثانيًا: الثيمات والأفكار

المثلية واللّواط:

يطرحها الكاتب من زاوية سيكولوجية ودينية واجتماعية، ويُثير جدلًا حول طبيعة الخلق والاختلاف،من دون إصدار أحكام نهائيّة.

حول طبيعة الخلق والاختلاف،من دون إصدار أحكام نهائيّة.

الاتجار بالأطفال:

تأتي كقضية جانبية لكنها تفتح بابًا على ظواهر الفساد واللاعدالة في المجتمعات.

السُّلطة الأبويّة والنّسويّة:

تنقلب أدوار القوة في الرّواية، حيث تبدو السُّلطة في يد المرأة أحيانًا، والرجلُ ضعيفًا خاضعًا.

الخذلان العائليّ:

يتجلى في نموذج الابن الذي يحجر على أبيه، وهو نقدٌ لغياب الرّحمةِ، وتغيُّر منظومةِ القِيَم.

ثالثًا: البُعدُ النَّفسيّ والفلسفيّ

يحاول الكاتب، من خلال الغوص في دواخل الشّخصيّات، الكشفَعن عِللها النفسيّة وتناقضاتها، وتقديمَها ككائنات حائرة، تُصارع هُويّاتِها ورغباتِها وحدودَها. الرّاوية (الحفيدة) تمثّلُ صوتَالضّمير الجَمْعيّ الذي يتساءل، ويُحلِّل، ولا يكتفي بالمشاهدة.

رابعًا: الرّموز والدّلالات

الصّندوق الكبير: يرمز إلى الحياة، أو الذّاكرة الجَمْعيّة، والصّناديق الفرعيّة إلى المصائر الفرديّة.

الغراب: رمزٌ للوَعْي المتأخِّر، أو الضّمير المُهْمَل.

النّبطيّة: حضورُ المكانِ يُعطي الرّواية مَلمحًا واقعيًا، لكنه يتجاوزُالمحلّيّةَ؛ ليعكسَ أزماتٍ وجوديّةً.

خامسًا: الرُّؤية الفكريّة للكاتب

يميل حسن ظاهر إلى التأمُّل الفكريّ الفلسفيّ في القضايا المطروحة، ويُحاول تقديمَ الرّواية بوصفها فضاءً مفتوحًا للنّقاش أكثرَمن كونِها موقفًا إيديولوجيًا حاسمًا. يتّسمُ خطابُه بنزعة تساؤليّة تقترب من الحياد في معالجة القضايا المثيرة للجَدل.

رواية "أربعة رجال وامرأة" عملٌ مركَّبٌ، يجمع بين الجُرأة الموضوعيّة والتّجريب الفنّيّ، ويطرح قضايا شائكةً بحسٍّ إنسانيٍّعميق. تُحسَبُ للكاتب شجاعتُه في تناولِ هذه الموضوعات، وتماسُكُ الحبكةِ، رغم التنقُّل بين العوالم الواقعيّة والنّفسيّة. على أنّ بعضَ التّفاوتِ اللُّغويّ لا يَنتقصُ منَ القيمةِ الأدبيّة للرّواية التي تستحقُّ القراءةَ والنّقاش.

أختم، لِأَقول: مُباركٌ نتاجُكَ؛ يا صديقي، باسْمي وباسْمِ اتّحاد الكتّاب اللّبنانيّين نشدّ على يدِك، ونباركُ قلمَك، وحبْرَكَ وفكرَك،

ضاهر

وكانت كلمة للمؤلف حسن ضاهر شكر فيها هذا الحضور " الذي يعني لي الكثير ، بكلمة حضوركم ، خذا الجمع ، فألف تحية لكم جميعا

ثم وقع كتابييه للحضور .

تعليقات: