صبحي القاعوري: مورغان في بيروت.. زيارة دبلوماسية أم تمهيد لحرب أهلية جديدة؟

الحاج صبحي القاعوري: قد تكون زيارة مورغان مؤشرًا إضافيًا على أن لبنان لا يزال ساحة صراع إقليمي ودولي مفتوحة
الحاج صبحي القاعوري: قد تكون زيارة مورغان مؤشرًا إضافيًا على أن لبنان لا يزال ساحة صراع إقليمي ودولي مفتوحة


زيارة الموفدة الأمريكية مورغان أورتاغوس أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والشعبية اللبنانية، ليس فقط بسبب توقيتها الحرج وسط تصاعد التوترات الإقليمية، بل أيضًا لطبيعة اللقاءات التي عقدتها وما تضمنته من رسائل سياسية واضحة، بحسب مصادر متابعة.

الزيارة، التي جرت تحت غطاء رسمي، اصطدمت بممارسات وصفت بأنها خرق للأعراف الدبلوماسية، حيث تم استقبال المبعوثة الأميركية بطريقة غير تقليدية من المطار إلى اللقاءات الميدانية، دون إخضاعها لإجراءات بروتوكولية معتادة، وهو ماأثار تساؤلات حول الغاية الحقيقية من زيارتها. لقاء مورغان مع رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، وهو شخصية لا يشغل منصبًا رسميًا، شكّل أولى علامات الاستفهام، خصوصًا أن الاجتماع تم بعيدًا عن الأطر الرسمية.

مصادر سياسية رأت أن مورغان لم تأتِ لمتابعة تنفيذ القرار الدولي 1701، الذي تؤكدالسلطات اللبنانية – رئيس الحكومة، رئيس الجمهورية ورئيس لجنة الإشراف – أن لبنان يلتزم به بالكامل، في مقابل عدم التزام إسرائيل بأي من بنوده. بل جاءت، وفق تلك المصادر، لإعادة تحريك خطوط التماس السياسية وربما العسكرية، عبر التشاور مع أطراف لبنانية بشأن الجاهزية لمواجهة عسكرية محتملة مع حزب الله، في حال تطورت المواجهة مع إسرائيل.

وتفيد المعلومات بأن الاجتماع مع جعجع لم يكن "تشاوريًا"، بل تضمّن أسئلة واضحة من المبعوثة حول مدى استعداد القوات اللبنانية لخوض مواجهة عسكرية داخلية، وما إذا كانت الأسلحة التي استُلمت خلال العامين الماضيين كافية، وإلى أي مدى يمكن الاعتماد على دعم خارجي لوجستي عبر مخازن موجودة في قبرص واليونان. كما تم الحديث، وفق هذه الرواية، عن تحالفات محتملة مع أطراف سياسية أخرى، واستعدادات مالية وبشرية لما وصفه البعض بـ"ساعة الصفر".

اللافت أيضًا، وربما الأكثر إثارة للجدل، هو استدعاء وزيرة الخارجية اللبنانية إلى السفارة الأميركية، في خطوة لم تشهدها أي دولة تحترم سيادتها، بحسب المراقبين، حيث ظهر الوزير في وضعية توحي بالخضوع التام، في مشهد اعتبره البعض تجاوزًا للأعراف الدبلوماسية ومساسًا بسيادة الدولة.

هذا السلوك من الطرفين – المبعوثة الأميركية وبعض الجهات اللبنانية الرسمية – فتح باب النقاش مجددًا حول السيادة اللبنانية، واستقلال القرار الوطني، وإلى أي مدى يمكن اعتبار لبنان دولة ذات قرار داخلي حر، في ظل تصاعد الضغوط الخارجية والانقسامات الداخلية.

في الختام، قد تكون زيارة مورغان مؤشرًا إضافيًا على أن لبنان لا يزال ساحة صراع إقليمي ودولي مفتوحة، وأن نذر الحرب الأهلية، وإن خمدت رمادها، لا تزال حاضرة في حسابات البعض. لكن الأكيد أن الشعب اللبناني، المنهك اقتصاديًا وسياسيًا، لم يعد يحتمل أي مغامرة قد تعيده إلى أتون الصراع الداخلي.

* الحاج صبحي القاعوري

الموفدة الأمريكية مورغان أورتاغوس
الموفدة الأمريكية مورغان أورتاغوس


تعليقات: