تشهد مدينة صور معركة بلدية واختيارية غير متكافئة، تتواجه فيها لائحة مكتملة من 21 عضواً، يدعمها ثنائي أمل و»حزب الله»، مقابل مرشحين لم يتوحّدوا حتى الآن في لائحة مشتركة.
«أمل»، التي تخوض في عرينها الاستحقاق الانتخابي الأول بعد العدوان الإسرائيلي، أعادت تسمية حسن دبوق لرئاسة البلدية مرة ثالثة، مع تعيينه رئيساً لماكينتها الانتخابية في المدينة. أمّا نائب الرئيس صلاح صبراوي، فاختار العزوف عن الترشّح، الذي شغله منذ عام 2010، لتختار الحركة مكانه، مسؤولها الإعلامي في إقليم جبل عامل علوان شرف الدين. التغيير طاول أيضاً 11 عضواً من التشكيلة البلدية السابقة، من حصص المكونات التي تشكل المجلس البلدي؛ الحركة والحزب والسّنة والمسيحيون.
ولم تتشكّل، في المقابل، لائحة في وجه لائحة «تنمية ووفاء»، التي ستُعلَن غداً الأحد، مع العلم أن عدد المرشحين غير المنتمين إليها، رسا عند إقفال باب الترشيحات الثلاثاء الماضي، على 13، قبل أن يتراجع إلى 12، بعد انسحاب مُرشح سنّي. وقد تسبب عدم توحّد هؤلاء في لائحة حتى الآن، الى جعل لائحة الثنائي تقوز بما يشبه التزكية.
ورغم الأزمات التي تعاني منها صور، منذ وقف إطلاق النار، تستعيد المدينة عافيتها بمبادرات فردية. بعض أصحاب المباني المدمرة أزالوا الركام المنتشر في مختلف الشوارع على نفقتهم الخاصة.
وفي حال أزيلت مظاهر العدوان، فلا شيء يمكنه إخفاء مظاهر التفلّت الأمني. حيث شهدت صور فصولا من الكرّ والفرّ بين عصابتين تُنفّذان جرائم القتل والثّأر وإقفال الطّرقات وإطلاق النار عشوائيّاً وترويع المواطنين. البعض يتّهم جهات حزبية بتغطية المرتكبين، وويحمل كثيرون «أمل» المسؤولية على وجه الخصوص، لعدم قدرتها على تطويق «الزعران»، رغم نفوذها المُتغلغل في مفاصل المدينة. بالتوازي، استُؤنفت الأشغال في مشروع ينفذه الجيش اللبناني لبناء ضخم على تخوم محمية صور الطبيعية، قبل أن يوقفها قضاء الأمور المستعجلة، ثمّ وزارة الثقافة، لمخالفته الخصوصية البيئية والأثرية لموقع الأشغال. مع العلم أن حملة الاعتراضات على المشروع منذ بدايته اقتصرت على ناشطين من داخل وخارج المنطقة، في ظلّ صمت الثّنائي والجمعيات المحسوبة عليه.
الأزمات المستجدّة التي أُضيفت إلى أزمات مكبّات النفايات العشوائية وأزمة السّير وتلوّث البحر بالصرف الصحّي...، لم تُحفّز النّخَب والناشطين على التّرشح لتقديم تجربة مختلفة. أمّا قوى «التّغيير» في صور التي شكّلت لوائح عدة في الانتخابات النيابية في عام 2022، فلم تُكرِّر تجربة الانتخابات البلدية الأخيرة، رغم مئات الأصوات التي حظي بها مرشحوها.
ويقول الناشط حاتم حلاوي أن قوى «التغيير» لم ترشّح شخصيات من صلبها كما فعلتْ سابقاً، بل دعمت ترشيح ناشطين «حتى لو تباينت خلفيّاتهم السّياسية عنها. منهم الناشط الكشفي ربيع جهمي والأستاذ الجامعي المتخصص في البيئة حسيب عودي والرياضي الناشط في الشأن العام إبراهيم دهيني». هؤلاء وآخرون من المقرّر أن يجتمعوا في لائحة «صور مدينتي» التي «لن تحمل عناوين سياسية، بل برنامج عمل تنموي مختلف عن أداء البلديات السابقة لمشكلات المدينة». وعن سبب تدنّي عدد المرشحين الاعتراضيين، ربط حلاوي السّبب بـ«اليأس من القدرة على التغيير في صور التي تتحكّم فيها قوى السلطة المتّحدة بغياب التّنوع».
النبطية: لائحة غير مكتملة ضدّ الثّنائي
في النبطية، تشكّلت لائحة غير مكتملة في وجه لائحة الحزب والحركة، للمرة الأولى منذ الانتخابات البلدية في عام 2010. وهي مؤلّفة من 12 عضواً «تفرّقهم السياسة ويجمعهم العنوان الإنمائي، بعيداً من الاصطفافات السياسية والتجاذبات الحزبية»، بحسب أحد أعضائها وسيم بدر الدين. وعلمت «الأخبار» أن أعضاءها «رفضوا الانضواء تحت عباءة أي مكوّن تغييري حزبي أو مدني».
وكان من المقرّر أن تضم لائحة «النبطية تستحق الحياة» الاعتراضية 16 عضواً. لكن أربعة منهم انسحبوا «نتيجة ضغوطات مورستْ عليهم». وإضافةً إلى اللائحتين، يخوض أربعة مرشحين آخرين الانتخابات، من دون لائحة، ما يجعل العدد الإجمالي للمرشحين الاعتراضيين 16، في وجه 21 للائحة الثنائي. وينافس الاعتراضيون لائحة «تنمية ووفاء» التي أُعلنت أمس، بعدما توافق الحزب والحركة على تشكيلها وفق التوزيع المُعتمد منذ عام 2004: 11 للحزب بينهم الرئيس، وتسعة للحركة بينهم نائب الرئيس، وعضو مسيحي يتوافق عليه الطرفان.
تحلّ الانتخابات على النبطية، فيما لا تزال الجرّافات تزيل ركام مبنى بلديتها واتحاد بلديات الشقيف - النبطية، الذي استهدفه العدوان الإسرائيلي الأخير. صوَر رئيس البلدية الشهيد أحمد كحيل وعدد من الأعضاء والموظفين والعمال الذين استشهدوا معه، ترتفع في أرجاء المدينة. كُثر من مناصري الثنائي يستحضرون تلك المجزرة لرفع رصيد مرشحي «تنمية ووفاء».
«الوفاء لدماء الشهداء» و«وصية الشهداء» و«حفظ المقاومة» و«إسقاط المؤامرات الخارجية»، شعارات رفعها بعض مناصريه في المعركة البلدية، في ظلّ غياب برنامج انتخابي تنموي، فيما استخدم آخرون شهداء البلدية للتصويب على المرشحين ضدّ الحزب والحركة، ووصل بعض هؤلاء إلى تخوينهم والتّحريض عليهم. في المقابل، يصرُّ آخرون على فصل تضحيات الشهداء عن أداء المجالس البلدية، التي أدارت حاضرة جبل عامل منذ عام 1998. ويرى البعض أن النفايات المتراكمة في أرجاء النبطية ومحيطها، والتي تقطع جزءاً من مسارب أوتوستراد كفررمان، هي إحدى نتائج الشّراكة البلدية للثنائي، الذي فشل في معالجة أزمة النفايات، وتشغيل معمل الفرز في الكفور.
تعليقات: