المطلوب اليوم هو إعادة النظر في قانون العقوبات الذي بحاجة ملحة إلى تعديل (علي علوش)
ادعى القضاء اللبناني على أكثر من 13 شخصًا بجرم الرشوة، على خلفية توزيعهم مبالغ مالية على الناخبين خلال انتخابات البلدية في جبل لبنان والشمال. لكن سرعان ما تمّ إطلاق سراحهم بعد أيام، وتم تحويل ملفاتهم إلى القاضي المنفرد الجزائي. حصل ذلك رغم مئات الشكاوى التي وصلت إلى وزارة الداخلية حول الرشاوى الانتخابية، والتوقيفات التي تمت. إلا أنه تبيّن لـ"المدن" أنه لا يوجد موقوف واحد داخل قصور العدل.
جرم الرشوة
تشير مصادر قضائية لـ"المدن" إلى أن عدد الموقوفين في قصر عدل بعبدا كان ستة أشخاص (خلال الأيام الماضية)، بعد أن ألقت الأجهزة الأمنية القبض على شخص يوزّع مبالغ مالية للناخبين (300 دولار للصوت الواحد) في عشقوت. وطلب الأخير من الناخبين التصويت للائحة محددة. بعد ذلك، أوقفت العناصر الأمنية باقي الأشخاص، وهم مندوبون لبعض اللوائح، يعملون لصالحها، كانوا موجودين بالقرب من مراكز الاقتراع ويحاولون الضغط على الناخبين وإغرائهم بالمال.
حقق القضاء اللبناني مع الموقوفين، وادعت النيابة العامة في جبل لبنان عليهم بجرم الرشوة، وفقًا للمادة 331 من قانون العقوبات التي تنص على: "من حاول التأثير في اقتراع أحد اللبنانيين بقصد إفساد نتيجة الانتخابات العامة يُعاقب بالحبس من شهر إلى سنة...".
فتحت النيابة العامة في بعبدا أكثر من 100 محضر يوم انتخابات البلدية في جبل لبنان، أي في تاريخ الرابع من أيار الجاري، وذلك بعد أن حوّلت وزارة الداخلية مئات الشكاوى التي تلقتها من المواطنين. لكن على الأرض لم يتم توقيف سوى ستة أشخاص فقط. ففي كل مرة كانت العناصر الأمنية تتوجه إلى المدرسة أو مركز الاقتراع بحسب الشكوى الواردة، يكون الشخص المشتبه بتوزيعه المال قد انتقل من مكان إلى آخر. وتركت هذه المحاضر مفتوحة لمدة 48 ساعة في حال تم ضبط أي حالة رشوة.
عمليًا،أخلى القضاء اللبناني سراح جميع الموقوفين بجرم الرشوة في قضاء جبل لبنان، والسبب حسب مصدر قضائي لـ"المدن": "لا يجوز التوقيف الاحتياطي في عقوبة لا تتجاوز السجن لمدة عام"، وتم تحويل ملفاتهم إلى القاضي المنفرد الجزائي. وهذا يعني أنهم "نفذوا ما جاء في القانون".
أما في انتخابات الشمال، فعلمت "المدن" أن القضاء اللبناني أوقف سبعة أشخاص بجرم الرشوة في مناطق عدة منها البترون والقبيات وطرابلس. وتم الادعاء عليهم منذ أيام بجرم الرشوة وفقًا للمادة 331 من قانون العقوبات. لكن تم تركهم بعدها بسندات إقامة، ومن المتوقع تحويلهم إلى القاضي المنفرد الجزائي. كما تم الادعاء على شخصين بجرم التزوير في تل الحميرة، بعد أن قام سوري باستخدام هوية لبنانية للاقتراع، فتم توقيفه مع شخص آخر كان قد عاونه يوم الانتخابات، وتم تحويلهما إلى قاضي التحقيق.
الحاجة إلى تعديل القانون
بلغ عدد الشكاوى التي وصلت إلى وزارة الداخلية في المرحلة الأولى من الانتخابات 660، من بينها 546 شكوى في المرحلة الثانية. وحسب معلومات "المدن"، فإن العديد من مندوبي اللوائح عمدوا إلى توزيع الرشاوى على الناخبين في مختلف المناطق. ولو أنه تم القبض عليهم في لحظتها، فمن المؤكد أن العدد كان سيكون أكبر مما هو عليه اليوم. ولكن بالرغم من تشديد رئيس الحكومة نواف سلام على أن الرشوة الانتخابية، أيًا كان مصدرها، ستواجه بإجراءات صارمة، وكذلك وزير الداخلية أحمد الحجار الذي طلب اتخاذ أشد التدابير بحق كل من يُضبط خلال الانتخابات، إلا أن المسار القضائي كان مختلفًا. ويعود ذلك إلى أن عقوبة الرشوة لا تصنف من العقوبات الصارمة التي يمكن أن تشكل أي حالة ردع أو تجعل الشخص يفكر مرتين قبل اقتراف هذا الفعل خوفًا من الملاحقة.
فأي شخص يُلاحَق بجرم الرشوة لن يتم توقيفه لفترة طويلة، لأن العقوبة لا تتجاوز السجن لمدة سنة، وبالتالي سيُترك ويُحوَّل ملفه إلى القاضي المنفرد الجزائي. وهذا يوحي بعدم وجود إجراءات أو تدابير صارمة في القضاء اللبناني يمكن اتخاذها في هذه الحالة للحد من تفشي هذه الظاهرة التي تتكرر في كل استحقاق انتخابي، والتي يمكن أن تؤثر على نتائج الانتخابات. وهذا الأمر يتطلب إعادة النظر، والتمعن في قانون العقوبات الذي بات بحاجة ماسة إلى تعديل في مجلس النواب.
تعليقات: