كان الأب يصوّر عملية إطلاق الرصاص فوثّق صدفة حادثة إصابة ابنه في رأسه (المدن)
يصارع الشاب محمد جهاد خالد، من بلدة عين الذهب العكارية، الموت على سرير العناية المركزة في مستشفى الحبتور، التي نُقل إليها جرّاء إصابته في رأسه برصاص الابتهاج الطائش، عشية صدور نتائج الانتخابات البلدية في عكار.
وكانت مواقع التواصل الاجتماعي قد ضجّت بخبر وفاة محمد، وانتشرت صوره مرفقة بعبارة: "إنّا لله وإنّا إليه راجعون"، ليتّضح لاحقًا أنّ الخبر غير دقيق. وتبيّن أنه لا يزال في غيبوبة في مستشفى الحبتور، بعدما تلقّى الإسعافات الأولية في المستشفى الحكومي في المنطقة.
فرحة الفوز ومأساة العائلة
محمد شاب في السابعة عشرة من عمره، طيّب وخلوق، كان يريد أن يبني مستقبله، فبدأ حديثًا العمل في بيروت لكي يساعد أهله. يقول جيرانه إنه عاد من عمله إلى عين الذهب بعد غياب عشرين يومًا لكي يشارك أهل قريته فرحتهم بفوزهم في الانتخابات البلدية، لكنه استُقبل بالرصاص وتحولت فرحته إلى مأساة.
نتيجة الانتخابات البلدية في البلدة كانت: أب مفجوع كان يوثّق إطلاق الرصاص، فوثّق، وعن غير قصد، حادثة إصابة ابنه في رأسه، وأم منهارة لا تستطيع الكلام، وعائلة غاضبة تسأل أين الدولة من مصيبتنا. هذا فيما يشكو عمه ياسين خالد، من أن الحالة الصحية لابن أخيه حرجة جدّاً وتحتاج الى أعجوبة للنجاة. وناشد عبر "المدن" فاعلي الخير التدخّل من أجل نقله الى مستشفى متطوّر في بيروت علّهم يستطيعون إنقاذ حياته.
الضحية محمد كان يقف مع أطفال العائلة ونسائها على شرفة مطلّة على الضيعة يشاهدون إطلاق الرصاص عقب صدور نتائج الانتخابات البلدية. والشرفة مسقوفة، ما يعني أنهم كانوا محميين من سقوط الرصاص من الأعلى، يقول عمّ محمد. ويشير إلى أن الرصاص الموثّق في فيديو والد محمد، يظهر بوضوح لا لبس فيه مكان إطلاق النار، وكيف كان يطلق مباشرة وليس في الهواء وأصاب رأس محمد برصاصة خرجت من الخلف. بالتالي يعتبر أنّ حادثة ابن أخيه هي جريمة قتل ولا بدّ من التحقيق الجدّي فيها ومعاقبة الفاعلين، أيّاً كانوا.
وكان عمّ الضحية الآخر، أحمد خالد، قد وجّه أكثر من رسالة عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى وزارة الداخلية ورئيس الحكومة، يسأل فيها عن سبب عدم التحقيق بالحادثة. وأكد لـ"المدن" أنّ "الأجهزة الأمنية لم تتحرك ولم تزرهم في البيت ولا في المستشفى ولم تأخذ إفادة أحد من العائلة أو من الشهود". رغم أن العائلة المصدومة تغلي غضباً ولا تتهم أحداً مباشرة، ألا أنها طالبت الرئيس جوزاف عون والأجهزة الأمنية بالاقتصاص من مطلقي الرصاص، وسحب السلاح المتفلّت في الشوارع.
بدوره أكد ياسين خالد، أن العائلة تقدّمت بدعوى رسمية ضدّ مجهول، ولكنّه يشير إلى أنّه استحصل على دليل واضح يوثّق من أيّ منزل أطلق الرصاص، وسيسلّمه الى الجهات المختصة للتحقيق فيه. ويتريث حرصاً منه وخوفاً من رد فعل انفعالي قد تؤدي الى مأساة أخرى في الضيعة. ويضيف أنّه حتى الساعة لم تتمّ أيّة مداهمات في عين الذهب، بل جاءت دورية من مخفر العبدة وشخصان من الأدلة الجنائية وذلك فقط بسبب إصرارنا علماً أن "السلاح المتفلّت موجود بوفرة في البلدة والفيديوهات وثّقت بوضوح البيوت التي كانت تطلق الرّصاص".
ويكمل أنّ قضية محمد هي قضية كلّ شاب لبناني بريء يصاب أو يقتل بالرصاص الطائش، ولا بد من وضع حدّ لهذه الظاهرة المتفلّتة من العقاب وأخذ إجراءات قاسية بحقّ المرتكبين ليكونوا عبرة.
فرحة النجاح في عضوية مجلس بلدي تحولت إلى مأساة عائلة بأكملها تنتظر معجزة تعيد إليها ابنها من غيبوبته. أما الجناة فلا يزالون بلا عقاب ويقبضون على الزناد للابتهاج مجدداً في أي انتخابات مقبلة أو في عرس أو لنجاح طالب من هنا أو هناك.
تعليقات: