مي عبدالله: بين الشرعية الشعبية وفرقعة البوشار: من يُنزع سلاح من؟


في الجنوب، حيث يُكتب تاريخ الصبر بالمواقف لا بالشعارات، جاء صوت الناس واضحًا في صناديق الاقتراع: الأغلبية اختارت الثقة بالمقاومة، لا من باب التبعية، بل من باب المعرفة – معرفة من صمد، ومن دفع الدم ليبقى الوطن.

وبينما كانت صناديق البلديات تُعلن فوزًا معتبرًا لمرشحين محسوبين على الثنائي، وفي القلب منهم المقاومة، كانت مورغان أورتاغوس تُطلّ من شاشاتها، تُلوّح بنزع السلاح، وكأنّها تتحدث عن مشهد افتراضي لا يعرف الجنوب ولا يسمع لغته.

تهديدات أورتاغوس، بكل ما فيها من تهويل، لم تبدُ سوى هستيريا صوتية، تُطلقها إدارةٌ تعرف تمامًا أن هذا السلاح لا يُنزَع لا بالوعيد ولا بالإملاء، بل بفقدان الحاضنة. والحاضنة، حتى إشعار آخر، ما زالت حاضرة ومتماسكة رغم كل شيء.

وبين الضجيج الأميركي، والخيارات الشعبية، يبرز صوت المؤسسة العسكرية ممثلًا بقائد الجيش العماد رودولف هيكل، الذي لم ينزلق إلى المزايدات، بل أظهر احترامًا للشهداء، وخطابًا وطنيًا متّزنًا، انسجم بدوره مع هدوء رئيس الجمهورية جوزيف عون، الذي لم يُسجَّل له منذ تولّيه موقف تصادمي مع المقاومة، بل حافظ على خط وسطي مسؤول يُدرك هشاشة اللحظة اللبنانية وخطورة فتح الجبهات الداخلية.

وصحيح أن الواقع الحالي يميل لصالح المقاومة، شعبًا ومؤسسات، لكنّ لبنان علّمنا أن الأرض ليست ثابتة، والمواقف لا تُكتب بالحبر وحده بل أحيانًا بالدم… وكل من يظنّ أن المعادلات نهائية قد يُفاجَأ ذات صباح بأنها لم تكن سوى لحظة طمأنينة عابرة في مهبّ العواصف.

فمن يُنزع سلاح من؟

الشعب منح شرعية، والرئاسة التزمت الاتزان، والجيش رفض الاستفزاز.

وحدها مورغان، تصرخ من بعيد… لكن الجنوب لا يسمعها.

تعليقات: