الدكتورة مي العبدالله: فلسفة التواصل تكشف متاهة المشهد الإعلامي الحديث


ضمن فعاليات الدورة 66 لمعرض بيروت العربي الدولي للكتاب، وقّعت الدكتورة مي العبدالله، الأستاذة الجامعية والباحثة في علوم الإعلام والتواصل ورئيسة الرابطة العربية لعلوم التواصل، كتابها الجديد "فلسفة التواصل: من فعل الرصاصة إلى المتاهة". جاء ذلك خلال ندوة أُقيمت بدار النهضة العربية، بمشاركة الدكتور هيثم قطب، الدكتور زكي جمعة، والدكتور طلال عتريسي.


بمناسبة هذا الإصدار، استضاف برنامج "إنترفيو" عبر إذاعة صوت لبنان الدكتورة العبدالله، حيث سلّطت الضوء على محتوى كتابها وأهميته.


رحلة فكرية في عالم التواصل

أوضحت الدكتورة العبدالله أن "فلسفة التواصل" هو خلاصة جهد بحثي استمر لسنوات طويلة، يوثّق مراحل تطور وسائل الإعلام والاتصال. أشارت إلى أنها، كباحثة في هذا المجال، شهدت تحولًا جذريًا في التكنولوجيا من عصر التلفزيون إلى عصر الإنترنت، مما دفعها إلى البحث المستمر لفهم الظواهر الجديدة التي طرأت على دراسة الاتصال، وصولًا إلى مفهوم "التواصل" بأبعاده الاجتماعية، والثقافية، والتقنية.

مُشددة على أن فلسفة التواصل تتجاوز مجرد التكنولوجيا والتطور التقني، تهدف الدكتورة العبدالله إلى الغوص في عمق الفكر. فالكتاب لا يقتصر على الرأي أو التنظير، بل يعتمد على التحليل العميق وربط العناصر المتعددة وفق أبعاد فلسفية.


"نظرية المتاهة": مقاربة جديدة للمشهد الإعلامي

الكتاب، الذي استغرق تأليفه خمس سنوات، يقدم مقاربة فلسفية جديدة تعتمد على الإرث الفكري للعلوم الاجتماعية والفلسفات القديمة وصولًا إلى ما بعد علوم الإعلام والاتصال. يهدف هذا النهج إلى التعمق في دراسة وظائف الإعلام وتأثيراته.

كشفت الدكتورة العبدالله أنها قامت بتقسيم الكتاب إلى محاور منهجية واضحة، وقدمت خلاله "نظرية المتاهة" لتفسير الظواهر الإعلامية. كما أضافت بعدًا فلسفيًا يتضمن جدولًا يضم أكثر من مائة نظرية، مما يساهم في فهم تطور الفكر الإعلامي وتأثيراته.


تحديات التواصل في العصر الرقمي

ترى الدكتورة العبدالله أن التواصل الحقيقي اليوم يقوم على الانفتاح والتفاعل، لكن غزارة المعلومات تشكل تحديًا كبيرًا، فقد تجعلنا محاصرين داخل أنماط محددة من التفكير. هذا التحدي يعيد صياغة مفهوم التواصل ذاته، ليصبح أكثر تعقيدًا ويتطلب دراسات أعمق لإدارة المعلومات وتوظيفها بشكل صحيح.

وأوضحت أن جوهر كتابها يكمن في تقديم رؤية فلسفية جديدة لدراسة الإعلام والاتصال، مع تسليط الضوء على تعقيدات المشهد الإعلامي الحديث والتحديات التي تواجهنا في فهمه والتفاعل معه.

أحد أكبر التحديات التي واجهتها الدكتورة العبدالله كان إثبات صحة "نظرية المتاهة الإعلامية" التي طرحتها. فمن خلال دراسات واستطلاعات أجرتها حول تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على المستخدمين، وجدت مؤشرات تدل على ضياعهم داخل هذه "المتاهة الرقمية" عبر الإدمان أو العادات المتكررة التي تبعدهم عن الوعي النقدي. كما ربطت بين التفاهة والمتاهة، مشيرةً إلى أن إحداهما قد تقود إلى الأخرى.


طريق الخروج من المتاهة

للخروج من هذه المتاهة، شددت الدكتورة العبدالله على ضرورة التحلي بالوعي النقدي، والمعرفة، والانفتاح الفكري، والحوار مع الآخر، مؤكدةً فعاليتها في مواجهة الإغراق الإعلامي والانفصال عن الواقع.

كما دعت إلى وضع حدود لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، خاصةً للمراهقين الذين يفتقرون إلى الوعي الكافي، وحثت المجتمعات والمؤسسات التربوية على المساهمة في توعية الأفراد بمخاطر الإدمان الرقمي.

ختامًا، أكدت الدكتورة العبدالله أن البحث عن الحقيقة، والتحليل النقدي، والانفتاح على المعرفة هي مفاتيح الخروج من "المتاهة الرقمية" والابتعاد عن التفاهة الفكرية التي تهدد تواصلنا الحقيقي مع العالم.

كل التوفيق للدكتورة العبدالله على هذا الإنجاز الفكري البارز والمُلهم.


محمد ع. درويش







تعليقات: