الدكتورة نسرين شاهين
ما ضاع حقّ وراءه مطالب، هكذا وبعد ثلاث سنوات على طردها التعسّفي ورفض وزير التربية السابق، القاضي عباس الحلبي،1ر تطبيق قرار أعلى سلطة قضائية في لبنان أي مجلس شورى الدولة، عادت الدكتورة نسرين شاهين إلى عملها كمدرسة. القرار الذي بقي حبيس أدراج الوزير طوال فترة وزارته، نفّذته وزيرة التربية والتعليم العالي ريما كرامي ما إن تسلّمت كتاباً بخصوصه، لكن تأخّر التنفيذ العملي بسبب الإجراءات الادارية.
وكان وزير التربية عباس الحلبي، وفي سابقة تحسب له، قرّر الاستغناء عن خدمات شاهين لانتفاء الحاجة إليها "هذا العام وفي الأعوام المُقبلة". ما يدفع للتساؤل حول الأسباب التي استند إليها الوزير ليقرّر انتفاء الحاجة للأعوام المقبلة، اذ يبدو أنّه أخذ على عاتقه الشخصي محاسبة ناشطة تربوية أزعجته بتصريحاتها لا سيما عندما قالت له: "أنت وزير بتروح ونحن منضل". في هذا السياق تقول شاهين إن "الوزير الحلبي تعاطى مع الأمور بشكل شخصي وتصرّف بغضب وبانفعال على أساس أنّه صاحب نفوذ لا يقهر، وكنوع من الإنتقام في محاولة لكسري حتّى يكسر الرّابطة التّي أسسناها في 2018 لتكون في صميم معركتنا النقابية ضد سيطرة ونفوذ وممارسات الأحزاب في القطاع التربوي ".
قاض يناور القضاء
نسرين شاهين هي دكتورة في العلوم التربوية، وأستاذة متعاقدة في التعليم الرسمي الأساسي، قادت، ولا تزال تحرّكات الأساتذة المتعاقدين اضراباً واعتصاماً وتظاهرات، وقد أعاد زملاؤها المتعاقدون انتخابها رئيسة للرابطة وهي "مطرودة". تتابع شاهين: "طردت تعسفًا لأنني واجهت الفساد ودافعت عن المدرسة الرسمية والمعلمين المتعاقدين، فها هو اليوم القضاء ينصفني".
أمّا وزير التربية موضوع الدعوى، عباس الحلبي، كان صرف تعسفياً شاهين من العمل رداً على نضالها النقابي وفضحها للفساد والصفقات المشبوهة في الوزارة . فما كان منها الّا أن رفعت قضيتها أمام مجلس شورى الدولة، الذي نقض قرار الوزير وطالبه بإعادتها الى العمل.
لكنّ الوزير، وهو قاضٍ ويعرف تماماً بالقانون وموجباته، ظلّ طوال فترة وزارته يناور حكم المجلس الواضح ويرفض تنفيذه، وفي المقابل لم يتوقّف عن مطاردة شاهين قضائياً بتهم القدح والذم، ووصل به الأمر إلى استدعائها للمثول أمام المباحث الجنائية وجرائم المعلوماتية.
وكانت شاهين محطّ أنظار العالم التربوي بفيديوهاتها على وسائل التواصل الاجتماعي والتي أحرجت فيها الوزير الحلبي اذ انتقدت فيها بجرأة مواقفه وسياساته، وسوء إدارته وعدم شفافيته في إنفاق المساعدات الخارجية للتعليم الرسمي."استعمل معي الوزير الحلبي النظام القمعي لكنّني رفضت التراجع عن تصريحاتي، وسأستمرّ في النضال"، تؤكد شاهين.
عهد كرامي ليس أفضل
يعاني الأساتذة المتعاقدون من شروط صعبة في العمل على مستوى الأجر والتقديمات الاجتماعية وديمومة العمل. وفي إطار الجهود المستمرة لضمان حقوقهم وتأمين الإستقرار الوظيفي، كانت تواصلت رابطة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي الأساسي الرسمي مع وزارة التربية بهدف إقرار قانون لحل اشكالية التعاقد: قانون يرمي إلى التثبيت، وقانون يرمي إلى التفرّغ، على أن تتبنّى الوزارة القانون الأكثر إمكانية للتشريع. وزيرة التربية الجديدة أظهرت تجاوباً ثمّ تنصّلت من وعودها تحضير دراسة مالية للبتّ بالمشروع، بحسب شاهين.
عهد الوزيرة الجديدة ليس بأفضل من سابقه من حيث البطء في تنفيذ المقرّرات والبيروقراطية المتشدّدة، تتساءل شاهين، "كيف توقف الوزيرة كرامي المساعدة الاجتماعية (بقيمة 375 دولاراً عن كل شهر من أشهر الصيف ) التي أقرّت سابقاً قبل نهاية العام الدراسي في وقت محرج للأساتذة الذين تعاقدوا على هذا الأساس؟".
وتضيف أن الوزيرة نشرت بيانًا يفيد بأن ملف المساعدة الاجتماعة تحوّل إلى الحكومة وهو قيد الدراسة في وزارة المالية، لكنّ "الأساتذة ينتظرون منها أن تؤكد عملها حتى إقرار المساعدة أو ما يعوّض عنها، ليطمئنوا"، مشيرة إلى أن الرابطة نفّذت أكثر من إعتصام للضغط على الوزيرة التي "كنا سنطالب بإقالتها لولا تدخّل رئيس الحكومة نواف سلام لإعطائها مهلة، لكن المهل قاربت نهايتها ولم نتلق جواباً".
وتدعو شاهين الوزيرة كرامي ومستشاريها كلهم بمن فيهم أخيها فهمي كرامي، وهو مستشارها القانوني، إلى "مناظرة لمناقشة حجج الطرفين ما سيظهر للرأي العام أنّ الوزيرة خسّرت الأساتذة كثيراً منذ توليها منصبها".
بعض المطالبات غير مقبولة
يرى البعض أن سقف مطالب رابطة الأساتذة المتعاقدين عالٍ ولا يمكن تحقيقه في ظلّ الظروف الحالية، لا سيما أن وزارة التربية لديها فائض ملفات لبحثها ودراستها.
يتحدّث ناشط تربوي عن مطالبات الرّابطة بأن يتمّ تثبيت الأساتذة المتعاقدين من دون إجراء أي مباراة في مجلس الخدمة المدنية، على قاعدة أنّ بعض الأساتذة تخرجوا منذ سنوات طويلة ونسوا المنهاج.
ويشير اإلى أنّ بعض الأساتذة المتعاقدين كانوا قد رسبوا بإمتحان مجلس الخدمة المدنية سنة 2009 أي لم يستطيعوا دخول ملاك الدولة، ولكنهم لا يزالون متعاقدين بالساعة والمطالبة بتثبيتهم بلا إمتحان غير مقبول، مضيفاً أن هكذا مطالبات تحرم خريجين كفوئين من فرصة الحصول على وظيفة في وقت قسم من الأساتذة الحاليين تمّ التعاقد معه لمحسوبيات أو وساطات.
عن هذه التساؤلات تجيب شاهين: "حاسبوا الوزرات التي تعاقبت والتي لم تجد حلولاً للاساتذة الذين رسبوا في الامتحان أو دخلوا بمحسوبيات، علماً أن مشروع قانون التثبيت الذي اقترحناه يلحظ بعض الإستثناءات بما يخص الأساتذة القدماء بأن يحوّلوا إلى نظار أو أمناء مكتبات".
وتضيف أنّها لن توافق على أي قرار يظلم الأساتذة وقد "قدمنا حلولاً للوزارة تقلّل من الخسائر وتحاول إرضاء الأطراف كافة".
في كلتا الحالتين، ملف المتعاقدين في التعليم الرسمي ملف شائك وحقل ألغام أمام الوزيرة الجديدة، والمطالب المحقّة لفريق قد يجدها فريق آخر مجحفة بحقّه، وهنا تبرز صعوبة إيجاد حلول منطقية وقابلة للتنفيذ ترضي جميع الأطراف.
قرّر وزير التربية السابق، القاضي عباس الحلبي الاستغناء عن خدمات شاهين لانتفاء الحاجة إليها (وطنية)
تعليقات: