كل ما حكي عن التعذيب في تدمر... لا مبالغة فيه، بل هو قليل
اعتقل رغيد الططري، وهو السجين السياسي الذي أمضى أطول مدة في الاعتقال في سوريا، حين كان يبلغ من العمر 26 عاما وبقي خلف القضبان 43 عاما، إلى حين سقوط حكم عائلة الأسد الذي لم يكن ليخطر في باله حتى في الحلم.
يوم أطاح تحالف فصائل معارضة ببشار الأسد الذي فرّ إلى موسكو في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، خرج الططري الذي كان طيارا سابقا في سلاح الجو، ومحكوما بالمؤبد، من السجن، على غرار نحو 60 ألف معتقل كشفوا فظاعات ممارسات السلطات مع المعتقلين. بينما لا يزال عشرات آلاف غيرهم في عداد المفقودين.
ويقول الططري الذي يبلغ من العمر اليوم 70 عاما وقد غزا الشيب شعره وشاربيه، لوكالة فرانس برس، "لقد رأيت الموت" تحت التعذيب.
لكن الرجل يؤكد أن ما يريده من سجّانيه ليس الانتقام بل العدالة. ويضيف "كلّ شخص يجب أن يحاسب على جرائمه(...). لا نريد أن يسجن أحد إلا إذا ثبُتت عليه جرائم موثوقة".
ويكمل "لسنا ضد المحاسبة، نحن ضد الظلم...لا نريد أن يسجن أحد ظلما".
كان الططري بين الضباط المناهضين لدخول الجيش السوري إلى لبنان في العام 1976، بهدف وقف تقدّم الفصائل الفلسطينية واليسارية اللبنانية، ويعتبر أن "الجيش السوري تدخّل بشؤون بلد آخر (...)، وقمع الشعب اللبناني، وهو ما رفضناه".
وناهض كذلك القمع الدموي للإخوان المسلمين الذين قادوا انتفاضة مسلحة في مدينة حماه (وسط) مطلع الثمانينات.
وبالنسبة لأقدم سجين في سوريا، فإن أسوأ تجربة له كانت في سجن تدمر الواقع في وسط الصحراء حيث بقي 15 عاما.
يروي الططري "تدمر لم يكن سجنا، كان معتقلا (...) خارجا عن أي انضباط وأي قوانين وأي إنسانية (...). كان يمكن لشرطي إذا استاء من سجين أن يقتله".
ويضيف "كل ما حكي عن التعذيب في تدمر... لا مبالغة فيه، بل هو قليل".
بعد 43 عاما في السجن، فقد الططري عددا كبيرا من أفراد عائلته. إذ فارقت زوجته الحياة، وانتقل ابنه للعيش في الخارج بعدما كان تلقّى تهديدات مع بداية الاحتجاجات الشعبية في العام 2011.
تعليقات: