خلال إتلاف مشحرة في احراج بيت ليف
مأمورين فقط مكلفون بـ٣٦ قرية مع سيارة واحدة..
بنت جبيل:
وصلت المجازر المرتكبة بحق أحراج قضاء بنت جبيل درجة لم يعد مقبولاً السكوت عنها. إذ يبدو أن قطع الأشجار تخطى حاجة الفقراء لتدفئة أطفالهم، ليصل إلى جشع التجار وتلبية متطلبات رفاهية سكان بعض القصور و»الفيلات« ومواقدها الفخمة التي تزداد جمالاً مع جمر حطب السنديان والملول وحتى كعوب الزيتون.
فقد دفعت، أمس، المجازر البيئية، التي ترتكب خصوصا في أحراج رميش وعيتا الشعب وبيت ليف والقوزح وياطر، عدداً من رؤساء البلديات والمخاتير في قضاء بنت جبيل إلى طلب المساعدة من المعنيين بالوضع الحرجي، خصوصاً مأموري الأحراج في مركز رميش التابع لوزارة الزراعة. ويشير رئيس بلدية بيت ليف، علي حميد، أن أكبر تلك المجازر يقع في أحراج مثلث بيت ليف وراميا ورميش، متهماً أجهزة أمنية بالتواطؤ مع تجار الحطب المعروفين بالأسماء، الذين لا يتجاوز عددهم العشرة. ويتابع حميد، وهو يمسك بأحد غصون الأشجار المقطوعة: »هذا فرع من شجرة يقال لها »أتل«، وهي شجرة نادرة ومفيدة ولا يوجد منها حالياً إلا في أودية المثلث المهدد«، مؤكداً أن المساحات التي جرى قطعها خلال سنوات التحرير تفوق تلك التي قطعها الاحتلال قبل العام .٢٠٠٠
وأمام كمية من الحطب المصادر في المركز الحرجي في رميش، يشير رئيسه، نادر العلم، إلى »أن المركز مسؤول عن ٣٦ قرية في قضاء بنت جبيل بينما فيه أربعة عناصر فقط وسيارة واحدة، فيما الأشخاص الذين يتاجرون بالحطب صاروا يتبعون أساليب محترفة أثناء القطع، فهم يتخذون من الليل ساتراً لهم ويستمرون حتى الفجر وهي أوقات لا يغطيها الدوام الرسمي. ويتولى عدد من التجار مراقبة الطرق المؤدية إلى مكان »الجريمة«، ويحذرون بعضهم في حال قدوم دورية أمنية«. ويطالب العلم بتشديد الأحكام القضائية، فهم إن تمكنوا من القبض على أحدهم بالجرم المشهود، ولم يكن مدعوماً، يُحوّل إلى القضاء، ويُغرّم بمبلغ ٥٠ ألف ليرة فقط، ويعفى من عقوبة السجن، فيما يتجاوز سعر حمل الحطب الصغير مبلغ ٥٠٠ دولار حالياً. ويشير العلم إلى أن أماكن التصريف الرئيسية هي في قرى مثل حاريص، التي تكثر فيها القصور والمواقد (الشيمينه)، مستبعداً أن يقطع الفقراء كل هذه المساحات »لأننا عرضنا على بعض التــجار أن يعمــلوا معنا طوال أيام السنة، في تشحيل الأشجار، ببدل ٢٥ ألف ليرة يومياً، لكنهم رفضوا لأنهم يريدون الكسب السريع«.
وقد انطلق الجميع أمس في جولة حرجية، دامت أكثر من ساعتين، في أحراج لا يعرفها إلا أصحابها أو الراسخون في المهنة. وفي وادي التنور، بين بلدتي بيت ليف وياطر، وبعد الدخول لأكثر من ثلاثة أرباع الساعة عميقاً في الأحراج وعلى الطرق الوعرة التي لا تصلها إلا سيارات الدفع الرباعي، يظهر حجم المجازر التي تعرضت لها الأشجار: آلاف الدونمات التي تحولت »إلى مساحات جرداء، ولم يسلم من المجازر، لا السنديان ولا الأشجار المثمرة والمعمرة من الزيتون واللوز والخروب والزعرور، إذ اختفى النوعان الأخيران منذ فترة«، كما يقول المشاركون في الجولة. ولا يعفي احمد بداح (من بيت ليف) »الجهات الرسمية والحزبية من الوقوف وراء المجازر«. وبعد السير على الأقدام، لأكثر من ٢٠ دقيقة، يصل الوفد إلى ما يعرف بأكبر »مشحرة فحم« في المنطقة. يبلغ عمق حفرة المشحرة ثلاثة أمتار وبقطر حوالى ٥ أمتار، وبارتفاع ثلاثة أمتار أيضاً. وبعد إتلاف المشحرة صودرت كمية من الحطب سيصار الى بيعها بالمزاد العلني لمصلحة الوزارة.
من جهة أخرى، أفاد عناصر قوى الأمن الداخلي، على مدخل أحد الأودية، بأنهم نظموا خلال الشهرين المنصرمين أكثر من ١٨ محضر ضبط.
ويتوقع العلم أن تختفي المناطق الحرجية خلال أعوام قليلة إذا استمر القطع على هذه الوتيرة، مطالباً »بمؤازرة فعالة من القوى الأمنية وتشديد الأحكام القضائية، بالإضافة الى حل لمشكلة القنابل العنقودية التي تعيق ملاحقة مأموري الأحراج لتجار الحطب«.
تعليقات: