تحل الذكرى، ال61 لتأسيس ندوة الدراسات الانمائية ولبنان يمر في مرحلة تحديات كبيرة تتطلب إصلاحات حقيقية وجذرية.
كما ان المنطقة اليوم بأسرها أمام مرحلة جديدة من الصراع والتصعيد الذي لم تعرفه من قبل، وقد تأخذ الشرق الأوسط إلى حرب مفتوحة.
بدوره، استنكر درويش الاعتداء الإسرائيلي على إيران، قائلا إنّه "يشكل خرقاً فاضحاً للسيادة الوطنية والقانون الدولي ويخالف ميثاق الأمم المتحدة".
وإنّ تداعياته تهدد استقرار المنطقة بأشملها لا بل السلم العالمي.
وبهذه المناسبة استذكر درويش مسيرة رجل الإنماء الأول د.حسن صعب، صاحب مبادئ وطنية، أحبَ لبنان وشعبه وكان حريصاً على صيغة العيش المشترك فيه.
وجاء في البيان: لتكن ذكرى تأسيس ندوته اليوم إلهاماً لنا للنهوض بالوطن من جديد والعبور فيه نحو الخلاص الذي يستحقه اللبنانيون جميعاً.
وبهذه المناسبة اشاد الزميل محمد ع.درويش بالدور الكبير لمؤسس وأمين عام "ندوة الدراسات الانمائية" المفكر الراحل الدكتور حسن صعب في تحقيق التوعية الإنمائية في مختلف الحقول، وإقامة المؤتمرات وإلقاء المحاضرات وإصدار الكتب والقيام بالدراسات. والعمل على تحقيق الأهداف من اجل المصلحة اللبنانية الوطنية العامة ومن أجل النفع والصالح العام.
واضاف: ندوة الدراسات الانمائية مؤسسة علمية وطنية ذات منفعة عامة مركزها مدينة بيروت وغايتها العمل لإنماء الإنسان كل الإنسان وكل إنسان، وتعزيز الوعي العام بموضوعات ومشكلات الإنماء في شتى حقوله، معتمدة مفهوم الإنماء الشامل والمتكامل.
تابع درويش: تأتي ذكرى التأسيس حافلة بمعاني العزم على مواصلة الكفاح رغم المصاعب التي يمر بها وطننا لبنان، والتمسك بالأمل رغم التحديات، والثقة بالمستقبل رغم قسوة الحاضر، فإنني أرجو أن تتكلل اعمال ذكرى التأسيس بما هي أهل لها من نجاح، ترسيخا لدور الفكر المسؤول في بناء واعمار لبنان وصنع المستقبل العربي والتوفيق في رسالتها الوطنية.
وأضاف درويش: لقد أتيح لي أن أعمل مع الدكتور حسن صعب الأمين العام لندوة الدراسات الانمائية، فوجدت فيه المبادرة تلو المبادرة في خدمة لبنان، ولاحظت فيه اندفاع أهل العلم والفكر في تحمل مسؤوليتهم تجاه وطنهم. ومثل هذا الوعي للمسؤولية العامة، الذي يتجلى في روح علمية وطنية إنمائية هو الكفيل بإنتصار لبنان على محنته، وبإستئنافه دوره الحضاري الريادي على الصعيدين العربي والدولي.
ونذكر ما قاله د.حسن صعب : "إن لبناننا هو وطن الكتاب لا وطن الإرهاب. وإنه وطن الأفكار المشعة، وأرضه هي محطة لإحياء الإنسان لا لإيذائه. وحرى بالإعلام الخارجي، الذي لا يستهويه إلا الحدث الرديء الداوي، أن يفتح أضواء على مؤتمراتنا العلمية ومعارضنا الفكرية والفنية، التي تتوالى يوما بعد يوم، ليرى جوهر لبنان الحقيقي، في نور الروح، وفي نور الفكر، وفي نور الحق، وفي نور الجمال، الذي غشيه الظلام حينا. ولكن انوار لبنان الخالدة لا بد أن تسطع من جديد لتطوي الظلمة العابرة.
انماؤنا المنشود هو إنماء الإنسان، كل إنسان وكل الإنسان. ولا تستقيم ديموقراطيتنا إلا في ظل هذا الإنماء الإنساني. ولذلك نصر على أن يكون لتطورنا مضمونه الإنمائي أي معناه الإنساني.
وتجدر الاشارة الى ان ندوة الدراسات الإنمائية هي هيئة علمية وطنية تطوعية خاصة ذات منفعة عامة. وهي تعتمد أول ما تعتمد على جهود أعضائها، وعلى مؤازرة المواطنين الأصدقاء، في حمل رسالة التوعية التي التزمت بها، التوعية بإنماء الإنسان: كل الإنسان وكل إنسان، هذه التوعية التي تصورها مؤسسو الندوة المستلزم الأول لتحقيق سياسة الإنماء تحقيقا تطبيقيا. فالإنسان الواعي أحواله وحاجاته الإنمائية، مجتمعيا وفرديا، هو وحده القادر على صناعة سياسة الإنماء: تفكيرا وتخطيطا وتنفيذا، سياسة الإنماء التي تحقق حرية كل إنسان وتقدمه، أي حرية كل لبناني وتقدمه، وحرية كل عربي وتقدمه، فحرية كل إنسان وتقدمه متكاملان اليوم تكاملا محسوسا عضويا كونيا، أكثر من أي وقت مضى، مع حرية الإنسان الآخر وتقدمه.
أعضاء الندوة الذين بدؤا ثلاثة، وهم د.حسن صعب، د.زكي مزبودي، د.شارل رزق. وأصبحوا الآن يتجاوزون المئة، وأصدقاء الندوة، الذين انطلقوا من لبنان، وأصبحوا الآن في كل قطر عربي بل في كل قطر من أقطار العالم، هم من أهل الفكر المؤمنين بأن الفكر هو رسالة وليس امتيازا، وإنه صناعة خلق في سبيل الخير العام قبل أن يكون صناعة عمل في سبيل الخير الخاص، وإنه جهد الذات الأعلى لا للتعالي على الشعب بل لخدمته، وإنه مسؤولية ريادة في العالم الثالث للدلالة على الطريق الأقوم والأسرع لتطوير الاجتماع من مجتمع تقليدي إلى مجتمع عصري، ولتحويل الدولة من دولة نامية إلى دولة متقدمة، وللارتقاء بالكائن من أدنى كينونته إلى أعلى صيرورته الإنسانية.
إننا نعتبر اننا ما نزال في أول الطريق. وان كل ما انجزناه حتى الآن إن هو إلا استهلال لما نتطلع لإنجازه. وإننا ننظر للسنوات القادمة، سنوات الثورة الإنمائية العربية والدولية، على أنها حقبة الحسم الإنمائي في تاريخ لبنان وتاريخ العرب وتاريخ الإنسان. وستكون مسؤولية ندوتنا ومسؤولية كل منا فيها، أكبر مما كانت عليه في اي وقت مضى. إن الأزمات الإنمائية اللبنانية والعربية والدولية التي نعانيها الآن هي ضباب الظلام السابق لانبثاق فجر إنمائي إنساني كوني جديد . ولكن الدورة الإنسانية للظلام والنور هي دورة فكرية إرادية ابداعية واعية لا دورة تكرارية لا واعية. إننا رؤية وسياسة وخطة وإرادة وخلق.
وقد أصبح علينا الآن دور ريادي في إعمار لبنان ما بعد المحنة وفي تطويره الإنمائي بل وفي التطوير الإنمائي العربي والتطوير الإنمائي الكوني."ح.ص"
ويقول د.حسن صعب ايضا : إن المأساة التي عانينا قتلت الآلاف من اللبنانيين، ولكنها لم تقتل الحلم اللبناني، وحلمنا هو أن لا يكون اللبناني وحش الغابة بل رائد الحضارة. وهذا اللبناني الذي حرم واضطهد وخطف واغتيل وتحمل كل أنواع العذاب، هو الذي نجد في ألمه مبعث الأمل. إننا نعقد أملنا على الذين فقدوا الأمل. لأن هؤلاء يرفضون أن نعود للواقع الذي عرضنا لليأس، ولكنهم يتطلعون لواقع جديد، يكون فجرا لأمل جديد.
وما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.
إن ندوتنا تراود الحلم اللبناني تعبيرا زاهيا عن الحلم العربي والحلم الإنساني، منذ أن أصدرت كتابها الأول عام ١٩٦٥ حول "المفاهيم الحديثة للإنماء".
وختم درويش قائلا : كان د.صعب يعتقد أن تحقيق الإنماء يحتاج إلى قادة إنمائيين، وان هؤلاء لايستطيعون التخطيط للإنماء وتنفيذه إلاّ بتسلّمهم مقاليد الحكم في الدولة. لقد كان بذلك متأثراً إلى حد كبير بنظرية أفلاطون والفارابي التي تعتبر ان صلاح المجتمع مرهون بصلاح الرئيس (أي الفيلسوف عند افلاطون والامام عند الفارابي) وان المجتمعات الفاضلة هي المجتمعات التي يتزعمها ويسوسها. الفلاسفة والحكماء. والحكيم، في عُرف معلمي الراحل، هو صاحب الرأي السديد في عملية الإنماء. وإيمانه العارم بالإنماء وبوجوب إنجازه في لبنان.
وبمناسبة ذكرى التأسيس نحاول أبداً إبقاءها شعلة إيمان قوية بإنماء الإنسان ، كل إنسان وكل الإنسان.
تعليقات: