صبحي القاعوري: فرصة لدخول التاريخ من أوسع أبوابه

نحن بحاجة إلى رجل لا يخشى قول الحقيقة، ولا يوارب عند مواجهة الظلم والهيمنة، رجل يقف بوجه نتنياهو وترامب
نحن بحاجة إلى رجل لا يخشى قول الحقيقة، ولا يوارب عند مواجهة الظلم والهيمنة، رجل يقف بوجه نتنياهو وترامب


قبل أكثر من 75 عامًا، وفي إحدى القرى اللبنانية، وقعت حادثة لا تزال محفورة في الذاكرة الشعبية، لما تحمله من دلالة على الشجاعة وكرامة الجماعة حين يمثلها فرد. كان في تلك القرية رجل متسلط يُعرف بين الناس بـ"البلطجي"، يفرض الخوّات على المحال التجارية، ويقف في ساحة البلدة كل يوم يشتم ويسبّ، متغطرسًا بسلطته الفارغة، فيما أهل القرية يلوذون بالصمت، تجنبًا لشره، ومسايرة للذل، خشيةً لا احترامًا.

وذات صباح، وبينما كان البلطجي يكرر عربدته، تقدم نحوه شاب لم يتجاوز العشرين من عمره، مفتول العضلات، يمشي بثقة وعزم، فباغته بصفعة قوية على وجهه أطاحت بتوازنه وكادت تسقطه أرضًا. ارتبك البلطجي، لكنه حاول امتصاص الضربة بابتسامة زائفة وقال: "أنت لست المقصود، أنا أقصد أهل القرية." فرد عليه الشاب بكلمات خالدة: "أنا أهل القرية، بل أنا القرية."

غادر البلطجي مهانًا، ولكن الشاب كان على يقين بأن الرد لن يتأخر. وبعد عشرة أيام، حاول البلطجي اغتياله، إلا أن مشيئة الله أنقذته بأعجوبة. وما إن عرف أهل القرية، حتى هبوا جميعًا، يتقدمهم الشاب، إلى بيت الظالم، فأحرقوه وطردوه من البلدة شر طردة.

في لبنان اليوم، نحن بحاجة إلى رجل يشبه ذلك الشاب. رجل لا يخشى قول الحقيقة، ولا يوارب عند مواجهة الظلم والهيمنة، رجل يقف بوجه نتنياهو وترامب وماكرون، لا بالحرب، بل بالموقف، بالكلمة التي تسبق الرصاصة، وبالحق الذي يعلو ولا يُعلى عليه.

لا نطلب معجزة، بل ننتظر من هذا الرجل أن يخرج على العالم ببيان واضح: "لبنان والمقاومة التزما بوقف إطلاق النار، لكن إسرائيل لم تلتزم بتنفيذ القرار 1701، وأمريكا وفرنسا تواطأتا مع الاحتلال بصمتهما وتجاهلهما."

يجب أن يُقال هذا الكلام بوضوح: تنفيذ القرار لم يعد محل تفاوض، بل مطلب سيادي، ولبنان يمنح فرصة أخيرة تمتد عشرة أيام، بعدها تُسحب القوات من الجنوب، وتُسلّم الحدود للمقاومة التي أثبتت أنها الحصن الأخير لهذا الوطن.

هكذا تُكتب الصفحات المشرقة في سجل التاريخ. وهكذا يُصنع المجد، لا في غرف الانتظار الدبلوماسية، بل في ساحات الموقف.

الحاج صبحي القاعوري

تعليقات: