العدوان على إيران.. وولادة شرق أوسط لا يُقهَر

الكاتب راشد خضر كمال شاتيلا
الكاتب راشد خضر كمال شاتيلا


لم تكن الضربة الإسرائيلية على إيران مجرد حادثٍ عابر في صراع طويل، بل إعلان فاضح عن مأزق تاريخي تعيشه “إسرائيل” وسط محيطٍ بات أكثر وعيًا، وأشدّ تماسُكًا، وأقلّ خوفًا. لم تكن رسالة قوة بقدر ما كانت اعترافًا صامتًا بأنّ التوازن تبدّل، وأنّ زمن الغلبة المطلقة قد انقضى.

فالمنطقة، منذ سنوات، لم تعد تُحكم من غرف القرار في الخارج، بل بدأت تستعيد قرارها من ساحات المواجهة، حيث لا يُصنع المجد في المؤتمرات، بل في متاريس الجنوب، وفي سماء غزة، وفي صبر صنعاء، وفي وعي طهران.

المقاومة التي حاول الكثيرون اختصارها في بندقية أثبتت أنها عقلٌ سياسي، وعمقٌ شعبي، ومشروع نهضة. ليست ردّ فعل على عدوان، بل فعلٌ تاريخي لاستعادة الكرامة. لم تُنشئها الحروب فقط بل أوجدها الفراغ العربي، وسقوط الخيارات الأخرى.

وإسرائيل، حين اختارت هذه المغامرة ضد إيران، لم تُدرك أنها تخوض مواجهة في زمن مختلف، في جغرافيا لم تعد محايدة، وفي وجه جبهة لا تُقاس بجيوشها فقط، بل بإرادة شعوبها المتعطشة للعدالة، للسيادة، وللهوية.

إنّ ما يجري اليوم ليس مجرد اشتباك محدود. هو صراع على المعنى، على من يملك الحق في أن يكون، وعلى من يكتب مستقبل هذه الأمة. والمستقبل، كما تكتبه المقاومة، لا يقوم على الانتقام، بل على التوازن، وعلى ردع العدو بلغة يفهمها، تحفظ الحق وتصون القرار.

وفي زمن كثر فيه التطبيع، تبقى المقاومة الخيار الأخلاقي، والسياسي، والواقعي لمن أراد أن يبقى واقفًا في زمن الانحناءات.

    راشد شاتيلا

تعليقات: