الزميل عمر حرقوص يتألم على سرير في مستشفى الجامعة الأميركية. إنه ليس الألم الذي اعتاده عمر، بل وجع سببه اعتداء شبان عليه، تجمّعوا لمنع إزالة لوحة الشهيد خالد علوان في الحمرا
عند الساعة الثالثة من بعد ظهر أمس، تجمّع شبّان من الحزب السوري القومي الاجتماعي بالقرب من «نزلة الدومتكس» في الحمرا. وعلى الفور، توجّه بعض الصحافيين إلى هناك، بغية الاستطلاع. بدا كل شيء روتينياً، حتى اقترب بضعة شبّان نحو الزميل في «أخبار المستقبل»، عمر حرقوص، بحسب ما ذكر زميلان كانا في المكان، وسألوه عن اسمه، فيما كان يحاول طرح بعض الأسئلة على المتجمهرين. حاول حرقوص أن يكون لطيفاً مع الشبّان، بغية إفهامهم أنه مجرد صحافي يؤدي عمله وحسب. أخبرهم أنه يصوّر، وأشار إلى الكاميرا مبتسماً.
إلا أنّ الشبان القوميين لم يقتنعوا. وتوالت صرخة أحدهم: «إنتَ يسار ديموقراطي يا يهودي...». وفي ثوانٍ قليلة، راح يتردد اسم «عمر حرقوص» بصوتٍ مرتفع ومتسارع مع دعوة للهجوم عليه. استدار حرقوص، وحاول الانسحاب، بعدما فقد أي أمل في الحوار مع الشبّان. إلا أن نيته بالرحيل لم تقنعهم. انتظروا استدارته، وانقضوا عليه، من دون أن يتفوّه بأي كلمة. صوّب الكاميرا إلى وجوههم فقط، من دون أن يعلم أن الكاميرا قد تسبب كل هذا الخوف لهم.
ولم ينته الضرب إلا بعد تدخل عدد من المواطنين والزملاء الموجودين في المنطقة، الذين نقلوا الزميل حرقوص إلى مستشفى الجامعة الأميركية، وأكّد عدد منهم أنّ حرقوص تعرض للضرب بشدة، وكانت الدماء تسيل على وجهه وثيابه. وفي هذا الإطار، استغرب أحد الموجودين، عدم تدخّل أيٍّ من عناصر القوى الأمنية، الذين كانوا على مقربة شديدة من الحادثة. وبعد نقل الزميل حرقوص إلى المستشفى، علمت «الأخبار» أن الجيش اللبناني أوقف خمسة أشخاص، اعترف أحدهم بالضرب المتعمّد لحرقوص، فيما تستكمل بقية التحقيقات مع الآخرين.
وفي تفاصيل الحادثة، علمت «الأخبار» من مسؤول أمني رفيع المستوى، أن اتصالاً صباحياً تم مع الحزب السوري القومي الاجتماعي، بهدف إعلامه بإزالة اللوحة التي تحمل اسم الشهيد خالد علوان في شارع الحمرا، وفقاً لقرار مجلس الأمن المركزي إزالة كل الصور والشعارات من محافظة بيروت الإدارية، وذلك بالتنسيق مع الأحزاب والمراجع الأمنية المختصة. إلا أن الحزب القومي، أكد حصوله على قرار من رئيس الجمهورية السابق إميل لحود، يقضي بتسمية الساحة باسم الشهيد خالد علوان. ووفقاً للمصدر ذاته، أبلغت المراجع الأمنية المسؤولين القوميين بضرورة إبراز القرار، أو اللجوء إلى محافظ بيروت بهدف جعل التسمية قانونية. وعلى هذا الأساس، تأجّل العمل على إزالة اللافتة (ومعها عدد من صور الرئيس رفيق الحريري والمفتي الراحل حسن خالد). وبعد الظهر، سرت شائعة عن نية عمال من بلدية بيروت إزالة اللافتة، فحصل التجمع المذكور، لمحازبي الحزب القومي ومناصريه في مكان الحادثة، والذي قدّره المصدر الأمني بثلاثين شاباً. وبعد وصول حرقوص، وقع الاعتداء.
بعد ساعات قليلة، بدأت بيانات الاستنكار بالصدور عن الإعلاميين، وعن بعض الحركات السياسية، التي استغل بعضها الحادثة لشن هجوم عنيف على الحزب القومي. من جهته، أصدر الحزب القومي بياناً، اتهم فيه الزميل حرقوص بافتعال الإشكال، مشيراً إلى مشادة كلامية، على خلفية «انتهاك حرقوص لحرية أحد القوميين، محاولاً تصويره بالقوة»، معلناً أن «الشاب المعني بالإشكال سلّم نفسه للقوى الأمنية». وبعدما أدان الحزب ما جرى، وتمنى لحرقوص عودته السريعة إلى مزاولة عمله، أكّد مصدر في الحزب القومي لـ«الأخبار» أن حرقوص «لم يكن مقصوداً في ما جرى، وأن الحزب لم يستهدفه، وأن ما جرى هو حادث فردي ومدان».
أما عن حالة الزميل حرقوص، فأكثر إصاباته في الوجه والرأس والرقبة. سريره في مستشفى الجامعة الأميركية كان مشبعاً بالألم. لقد تعرّض للضرب لأنه صوّب كاميرا إلى بعض الوجوه.
-----------------------------
وكتبت الديار:
استنكارات لما تعرّض له الزميل حرقوص والقومي ينفي ويوضح
افرز الاعتداء على الزميل في تلفزيون «المستقبل» عمر حرقوص مواقف متضامنة شجبت الاعتداء واكدت رفضها لانتهاك الحريات.
الا ان المواقف المتضامنة انقسمت في تفصيل الحادث وتفسيره.
القومي
اصدر الحزب القومي بيانا جاء فيه: تناقلت بعض وسائل الاعلام خبرا زعمت فيه ان عناصر مسلحة من الحزب السوري القومي الاجتماعي اعتدت بالضرب على الصحافي في اخبار المستقبل عمر حرقوص.
يهم العمدة ان توضح ما يلي: ان الاشكال الذي حصل، ناتج عن مشادة شخصية افتعلها الصحافي حرقوص مع احد القوميين وذلك على خلفية محاولته تصوير القومي ضد رغبته في انتهاك للحرية الشخصية التي يتمتع بها اي فرد في المجتمع.
وذلك اثناء تواجد القومي المذكور عند ساحة الشهيد خالد علوان بعد انباء عن محاولة لنزع اللوحة التذكارية.
واذ يأسف الحزب لحصول الاشكال ويتمنى للصحافي عودته السريعة الى مزاولة عمله، فانه يؤكد احترامه للاعلام والاعلاميين وهو حريص على ان يأخذ التحقيق مجراه، بعد ان سلم الشخص المعني بالاشكال نفسه الى القوى الامنية.
كما يأسف الحزب للاسلوب الرخيص في استثمار الاشكال من قبل فريق 14 شباط، الذي سارع الى استغلاله باطلاق المواقف التصعيدية التي تتضمن توصيفات مدانة ومستنكرة ضد الحزب السوري القومي الاجتماعي وقياداته.
زهرا بدوره استنكر عضو كتلة القوات اللبنانية النائب انطوان زهرا الاعتداء.
ورأى زهرا ان ضيق صدر الحزب القومي السوري وعدم قدرته على استيعاب الخسارة في الانتخابات الطلابية والنقاية مؤشر غير حسن ولا يدعو للاطمئنان الى سلامة الممارسات الديموقراطية من اليوم وحتى موعد الانتخابات النيابية.
ودعا زهرا الاجهزة الامنية والقضائية للتصدي بحزم لهذه الجماعات التي تتوسل ارهاب الآخرين، وذلك عبر تطبيق القوانين بحقهم وتوقيفهم وسوقهم مخفورين ليدفعوا ثمن افعالهم الشنيعة والمرفوضة جملة وتفصيلا.
التجدد الديمقراطي ومن جانبه قال قطاع الشباب في حركة التجدد الديموقراطي في بيان اصدره: نطالب باصرار القوى الامنية والاجهزة القضائية بانزال اشد العقوبات بمرتكبي هذا الاعتداء البغيض ونحمل المسؤولية السياسة الكاملة عنه للجهة الآثمة المعروفة وكافة حلفائها في 8 آذار.
نادي الصحافة وبدوره استنكر رئيس نادي الصحافة يوسف الحويك باسم النادي ورفض ان يبقى الاعلاميون مكسر عصا تمتد اليهم الايادي المجرمة في غير مناسبة، وهم عزل، الا من الكرامة وعزة النفس.
ودعا وزارة الداخلية، وعلى رأسها الوزير زياد بارود الى التحرك الفوري.
تعليقات: