مهنا: إطلاق شراكة عامل في مشمش – جبيل من أجل تطوير البرامج الصحيّة
حمادة: شبكة مراكز الرعاية الصحيّة الأولية الطريق نحو توفير الحق في الصحة
شهدت بلدة مشمش – قضاء جبيل، احتفالاً في قاعة مركز مشمش للرعاية الصحية الأولية، بمناسبة انطلاق شراكة بين مؤسسة عامل الدولية والمركز بإشراف وزارة الصحة العامة، تهدف إلى تطوير برامجه وتعزيز قدرته على تأمين الحق في الصحة لأبناء البلدة والجوار. وجاء هذا التعاون انسجامًا مع رسالة مؤسسة عامل المستمرة منذ أكثر من 45 عامًا، والتي تتمحور حول صون كرامة الإنسان وتوفير حقوقه الأساسية، من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، ولا سيما في المناطق النائية والمهمشة، حيث الحاجة أكبر من أي مكان آخر. وبموجب هذه الشراكة، ستتولى مؤسسة عامل الدولية بالتعاون مع فريق المركز والبلدية ووزارة الصحة العامة، استنادًا إلى خبرتها العريقة في إدارة أكثر من 40 مركزًا صحيًا واجتماعيًا وعيادات نقالة في مختلف المناطق اللبنانية، تعزيز إمكانات مركز مشمش وتوسيع نطاق برامجه ونوعيتها، استجابة للاحتياجات المتزايدة، ومن خلال اعتماد أفضل الخطط والمعدات، ووفق مقاربة مبنية على الكرامة والعدالة الاجتماعية.
شارك في الاحتفال حشد من أهالي البلدة والمنطقة، وممثلين عن الأحزاب، والفعاليات المحلية والروحية والاجتماعية والسياسية، وممثلين عن الجمعيات ورؤوساء بلديات الجوار، يتقدمهم رئيس بلدية مشمش الأستاذ بول ومخاتير البلدة والجوار، وممثل عن النائب زياد حواط، ورئيس المجلس الدستوري السابق د. عصام تيجاني وعقيلته، وممثلين عن ووزارتي الشؤون الاجتماعية والصحة العامة، بحضور عضو الهيئة الإدارية في مؤسسة عامل الدولية الدكتورة زينة مهنا، ومسؤولي البرامج في المؤسسة، إلى جانب رئيس مؤسسة عامل الدولية الدكتور كامل مهنا، نون، ورئيسة مصلحة الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة العامة الدكتورة رندة حمادة، ومدير المركز السيد دانيال خوري، والمحامي فراس أبو يونس، حيث ألقى كل منهم كلمة بالمناسبة.
افتُتح الحفل بكلمة ألقاها كاهن رعية مشمش، الأب طانيوس إليان، الذي حيّا فيها جهود مؤسسة عامل الدولية ومركز الرعاية الصحية الأولية في خدمة أبناء البلدة، مشيدًا بـ"كل عمل يُقدَّم للناس بمحبة وصدق، هو عمل مبارك يزهر خيرًا في المجتمع." واعتبر الأب إليان أن هذه الشراكة تمثل رسالة فعلية للمحبة والعطاء، داعيًا إلى مواصلة العمل من أجل الإنسان، لأن الخدمة الصادقة هي وجه من وجوه الإيمان والرجاء.
في كلمته، رحّب الأستاذ بول نون بكل المبادرات التي تسعى إلى خدمة أبناء البلدة، مؤكدًا أن "البلدية تعمل دومًا على تهيئة بيئة داعمة للمجتمع المدني النشط، وتعتبر أن كل شراكة بنّاءة تصب في مصلحة الناس، ونحن اليوم أمام نموذج راقٍ من التعاون الذي نريده أن يتوسع ويترسخ."
أما الدكتورة رندة حمادة، فأشادت بأهمية مراكز الرعاية الصحية الأولية، التي "تشكل خط الدفاع الأول في وجه الأزمات الصحية"، معتبرة أن "الشراكة مع مؤسسة عامل هي واحدة من الشراكات التي تفتخر بها الوزارة، لما أثبتته من فاعلية والتزام على مدى سنوات طويلة في خدمة الناس، في ظل ظروف صعبة."
بدوره، أكد السيد دانيال خوري أن "بداية التعاون بين المركز ومؤسسة عامل جاءت خلال الحرب الأخيرة، حيث كانت أول مبادرة مشتركة هي الوقوف إلى جانب الأهالي في أحلك الظروف"، مضيفًا أن "الطموح اليوم هو توسيع البرامج وتعزيز الوصول إلى الخدمات، كجزء من المساهمة في نهوض القطاع الصحي الوطني."
في كلمته خلال الاحتفال، قال الدكتور كامل مهنا: "نلتقي اليوم في مشمش، القرية التي تشكّل همزة الوصل بين جنوب القضاء وشماله، تمامًا كما نأمل أن يكون هذا المركز همزة وصل بين الإنسان وحقوقه، بين المواطن ودولته. فوجود 'عامل' هنا ليس عابرًا، بل هو امتداد لالتزام متجذر في الدفاع عن الإنسان وكرامته، فالصحة حق لا امتياز ومشمش محطة في طريق طويل من التزامنا نحو كل إنسان في لبنان".
وأضاف: "لقد كانت الحرب الأخيرة مؤلمة، لكنها أظهرت من جديد قدرة اللبنانيين على الصمود والعمل المشترك، وهي الروحية نفسها التي تنبض في مؤسسة عامل. هذا التعاون مع بلدية مشمش والمركز هو نموذج حيّ على أن العمل المشترك بين القطاع البلدي، والوزارة، والمؤسسات الإنسانية قادر على تحقيق إنجازات حقيقية ومستدامة."
وشدّد مهنا على أن الحق في الصحة "ليس ترفاً، بل حق أساسي يمهّد للوصول إلى باقي الحقوق"، مشيرًا إلى أن التحديات التي يواجهها لبنان لا يمكن معالجتها إلا عبر الثالوث المتكامل: الدولة، القطاع الخاص، والمجتمع المدني، مؤكداً أن مؤسسة عامل عبر مراكزها الـ40 وعياداتها النقالة بقيادة 2300 متفرغ ومتطوع تضع كامل قدراتها في خدمة الناس، وكل من يسعى إلى النهوض بلبنان وبناء عالم أكثر عدالة وإنسانية.
وقال: إن عامل هي حركة عقلنة وأنسنة، تسعى إلى رفع مستوى الوعي الجمعي، وإلى إنتاج جيل من القادة الاجتماعيين، المؤمنين بأن التغيير لا يأتي من فوق، بل من القاعدة، من العمل اليومي، ومن بناء نماذج فعلية للمجتمع العادل والديمقراطي، معتبراً أن العمل الإنساني الحقيقي هو عمل تغييري بامتياز، وأننا حين نوفر الحق في الصحة أو نعلّم طفلاً أو نمكّن امرأة، فإننا في الحقيقة نحو تحقيق المواطنة والدولة العادلة، حيث تتوفر الكرامة للجميع.
كما أشار إلى أن هذا التعاون مع بلدية مشمش ومركزها يدخل ضمن خارطة طريق للنهوض الوطني، تقوم على خمسة محاور أساسية، بناء دولة عادلة وشفافة، وتمكين المجتمعات المحلية والبلديات، والاستثمار في الإنسان، وتعزيز ثقافة المواطنة والتكافل، وصياغة عقد اجتماعي جديد يربط بين الحقوق والمسؤوليات. وفي ختام كلمته، دعا أصدقاء لبنان والدول الشقيقة الإسراع في دعمه وترميم جروحه، وتمكين مؤسساته، والعمل معه بشراكة حقيقية تحفظ كرامة شعبه وتدعم قدرته على النهوض.
ولقد قدم رئيس المركز السيد دانيال خوري في المناسبة للدكتور كامل مهنا أرزة لبنان من خشب أرز بشري.
تعليقات: