أهالي المعتقلين في سجون لبنان معتقلو رأي على خلفية الثورة السورية (Getty)
بينما تتصاعد منذ أيام التحركات لمواطنين سوريين على مقربة من حدود لبنان الشمالية الشرقية، للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية، توجهت الأنظار الى الجهة السورية من هذه الحدود اليوم الجمعة، إثر أنباء جرى تداولها، عن خطوات تصعيدية ستتخذها سوريا من أجل الضغط على السلطات الرسمية اللبنانية حول هذا الملف. إلا أن هذا الأمر جرى نفيه على المستوى الرسمي في سوريا، على رغم ما ذكرته مصادر اعلامية نقلا عن جهات مسؤولة، حول كونها "تولي الملف الأولوية، وتشدد على ضرورة معالجته بأسرع وقت من خلال القنوات الرسمية بين البلدين".
غير أن توالي التحركات الشعبية حول هذا الملف، كشفت عن نار تغلي تحت الرماد في أوساط المجتمعات السورية، ولا سيما تلك التي نزحت الى لبنان لأسباب سياسية قبل سقوط نظام بشار الأسد، حيث تطالب بعض العائلات باستعادة "معتقلي الرأي" أو "المعتقلين السياسيين" الذين زج بهم في السجون على خلفية مناصرة الثورة السورية بوجه نظم بشار الأسد. وتوزعت آخر هذه التحركات اليوم الجمعة بين قطع طريق جوسيه، وتجمعات عند معبر جديدة يابوس المقابل لمعبر المصنع على الطرف السوري من الحدود، وفي تلة الحصن، وفي قلب مدينة تلكلخ.
مطلب الأهالي في كل من هذه التجمعات وفقاً لأوساط إعلامية سورية هي استعادة هؤلاء المعتقلين، خصوصا أن تهمة الإرهاب سقطت عنهم برأيها مع سقوط نظام بشار الأسد. وبحسب معتقل "رأي" في سجن روميه تواصلت معه "المدن" وتحفظ على ذكر اسمه، "فإنه لا يعقل لمسؤولين لبنانيين أن يقابلوا الرئيس أحمد الشرع، وهو من كان يشاركنا عقيدتنا بالتحرير، بينما لا يزال لبنان على المستوى الرسمي يماطل في تسليمنا لسلطته".
ويقول المعتقل أنه "بعد الثامن من كانون الأول الماضي كل لحظة تمر علينا في السجن، هي مقابل سنوات مما قبل التحرير، والأهالي ضاق صدرهم". ويؤكد المعتقل "أن ليس المطلوب الإفراج عنا إنما تسليمنا للسلطات السورية، وهذا ما كنا نخشاه قبل سقوط بشار الأسد حتى لا نسلم الى المشانق، بينما نحن نثق بالسلطة الجديدة". ويعرب عن خشيته "من أن يتحول ملف المعتقلين ورقة تفاوض يحاول البعض أن يستغلها لغايات سياسية".
في سجون لبنان وفقا لأرقام غير رسمية نحو 160 معتقل رأي على خلفية الثورة السورية، وتتقاطع قضايا هؤلاء مع ملفات المعتقلين الإسلاميين في السجون اللبنانية. وإنطلاقاً من هنا جرى الربط في بعض الأوساط بين زيارة وفد مشايخ لبنان برئاسة مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، الى سوريا، واعتبار التحرك الشعبي استكمال لما بحث في لقاءات مغلقة حول ملف المعتقلين الإسلاميين عموماً.
الا أن مفتي بعلبك الشيخ أيمن الرفاعي نفى لـ "المدن" أي بحث لهذا الملف في سوريا. مؤكدا أن موضوع المعتقلين لم يبحث "لا بأول الزيارة ولا في نصفها ولا آخرها". وتحدث المفتي في المقابل عن تضخيم لما يجري من تحركات شعبية حول ملف المعتقلين السوريين بالسجون اللبنانية، وكأن المطلوب منها برأيه "المساومة على ملفات أخرى". وإعتبر الرفاعي "أن هذا الملف لا يعالج بالشارع" داعيا "من لديه مطلب ليرفعه الى دولته لتخاطب السلطات الرسمية من دولة الى دولة. وحينها يجب تطبيق القوانين المرعية، وإذا كانت المعاهدات المعقودة بين الدولتين تقضي بتسليم هؤلاء الى سلطات بلدهم فليسلَّموا، وإذا لا، فنحن في دولة لبنانية تتبع قوانينها". رافضاً أي محاولة لاستعادة مرحلة التدخل بالشؤون اللبنانية.
ودعا الرفاعي في المقابل لأن يكون رفع الصوت لتسريع الملفات والمحاكمات، والمطالبة بالإصلاح في القوانين. لافتا فيما يتعلق بملف الموقوفين الإسلاميين عموماً، "الى أن الدولة اللبنانية لا تتعامل مع الملف بالجدية المطلوبة. فهناك موقوفين ومعتقلين تأخرت محاكماتهم، وقسم كبير ملفاتهم تكاد تكون شبه فارغة". وأضاف "نشعر أن القضاء بهذا الموضوع تحديدا كأنه يتباطأ وبالتالي يدفع الى الظن أن هذا الملف مسيس."
وإذ تمنى الرفاعي "أن يطوى هذا الملف، وخصوصا بالنسبة للمعتقلين الإسلاميين"، شدد على أن "أي ملف يثبت تورط بالاعتداء على الجيش اللبناني او محاولة اثارة فتنة، لا يتحمله أحد أو يدافع عنه."
يذكر أن المطلب بالافراج عن معتقلي الرأي السوريين في السجون اللبنانية بدأ منذ لحظة سقوط نظم بشار الأسد. وربطت بعض العائلات السورية وخصوصا في منطقة عرسال عودتها الى بلادها بالإفراج عن أبنائها المعتقلين. واتخذت التحركات المؤيدة لاقفال الملف منحى تصاعدياً خلال الأشهر الماضية، وخصوصا بعد اضراب عدد من المعتقلين السياسيين في سجن روميه عن الطعام، ولكن من دون أن تصل الأمور الى خواتيمها المرجوة بالنسبة لهم حتى الآن.
تعليقات: