كامل جابر: سيناريوهات مفتوحة في لبنان، من التهدئة إلى خدعة محتملة

تستمر العمليات العسكرية الإسرائيلية قصفاً واغتيالاً لمسلحي حزب الله وغيرهم من الجماعات الإسلامية مثل حركة حماس
تستمر العمليات العسكرية الإسرائيلية قصفاً واغتيالاً لمسلحي حزب الله وغيرهم من الجماعات الإسلامية مثل حركة حماس


قلق رافق زيارة المبعوث الأميركي إلى لبنان توم براك بعد تراجع خطاب قادة "حزب الله" عن إمكان تسليم سلاح الحزب إلى الجيش اللبناني (اندبندنت عربية)

ملخص

ثمة ترجيحات كثيرة تعاقَب عليها محللون سياسيون وخبراء عسكريون لبنانيون، بين حرب ممكنة قد تشنها إسرائيل على لبنان لتقويض قدرات "حزب الله" العسكرية واللوجستية، أو استمرار العمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل على النحو المتكرر عينه منذ ما بعد اتفاق وقف إطلاق النار في الـ 28 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والمتمثلة في غارات يشنها الطيران الحربي هنا وهناك، أو الطائرات المسيرة التي تصطاد العناصر الحزبية على معظم الأراضي اللبنانية.

مرحلة حبس أنفاس أو شد أعصاب سبقت وتلي زيارة المبعوث الأميركي إلى لبنان توم براك بعد تراجع خطاب قادة "حزب الله" عن إمكان تسليم سلاح الحزب إلى الجيش اللبناني في الوقت الراهن بانتظار اتفاق متقدم، فيما تستمر العمليات العسكرية الإسرائيلية قصفاً واغتيالاً لعناصر أو مقاتلين من الحزب أو غيرهم من الجماعات الإسلامية مثل حركة "حماس"، متنقلة بين مناطق جنوب نهر الليطاني الخاضعة مباشرة لبنود اتفاق القرار الأممي (1701) أو شماله، وصولاً إلى العاصمة بيروت وعاصمة شمال لبنان مدينة طرابلس.

وثمة ترجيحات كثيرة تعاقب عليها محللون سياسيون وخبراء عسكريون لبنانيون بين حرب ممكنة قد تشنها إسرائيل على لبنان لتقويض قدرات "حزب الله" العسكرية واللوجستية، أو استمرار العمليات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل على النحو المتكرر عينه منذ ما بعد اتفاق وقف إطلاق النار في الـ 28 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والمتمثلة في غارات يشنها الطيران الحربي هنا وهناك، أو الطائرات المسيرة التي تصطاد العناصر الحزبية على معظم الأراضي اللبنانية، كما يستهدف الجيش الإسرائيلي العائدين لبيوتهم أو أراضيهم في قرى الحافة الأمامية القريبة من الحدود، فيدمر ما يحاولون بناءه على أنقاض بيوتهم المدمرة، أو تلك البيوت الجاهزة التي استقدموها كي تكون سكناً موقتاً لهم ريثما تبدأ عملية إعادة التعمير.

كل ذلك خلق حال قلق وبلبلة في أوساط السكان الجنوبيين في ظل افتقادهم إلى اتفاق أمني وثيق، أو إلى تطبيق بنود الاتفاق المبرم بين لبنان وإسرائيل برعاية أميركية – فرنسية، إضافة إلى قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)، يخفف عنهم ما يعانونه يومياً من أعمال عسكرية إسرائيلية تستهدف قراهم ومناطقهم، ويسقط بنتيجتها قتلى وضحايا لا ذنب لهم سوى عبورهم في مكان الاستهداف ولحظته، وهذا ما جرى أخيراً في منطقة النبطية عاصمة المحافظة (جنوب)، وفي مدينة طرابلس (شمال)، حيث سقط مدنيون بين قتلى وجرحى في عمليات الاستهداف التي جرت.

الحرب غير واردة

ويعتقد قائد منطقة جنوب الليطاني سابقاً اللواء الركن المتقاعد في الجيش اللبناني جورج شريم أن "زيارة الموفد الأميركي إلى لبنان براك حملت رسائل عدة، الأولى وضع المسؤولين اللبنانيين أمام مسؤولياتهم، بمعنى أن الدولة هي المسؤولة عن سيادتها وحماية أراضيها وجيشها وانتشاره في كامل المناطق اللبنانية وموضوع حصر السلاح، فهل كلام الموفد الأميركي مريح أم أنه حمل في طياته رسائل تهديد، لا أود القول إنه حمل كلاماً مريحاً أو كلاماً يتضمن تهديداً، وأعتقد أن الكلام الذي قاله واقعي وبعيد من كل الاستنتاجات، والسؤال هل المرحلة المقبلة تحمل معها رياح الحرب؟ لا أعتقد أن حرباً كبيرة واردة الآن، فما تريد إسرائيل تحقيقه عسكرياً في لبنان حققته أو حققت الحيز الأكبر منه، وهي تتابع اليوم عملية الحفاظ على ما حققته عسكرياً".

ويضيف اللواء شريم أن "ما تقوم به إسرائيل من غارات على بعض المناطق اللبنانية في الجنوب أو البقاع، وجنوب الليطاني أو شماله، وعمليات الاغتيال والقتل لعناصر وقادة من الحزب الميدانيين ستستمر، والهدف منها هو منع الحزب من إعادة تكوين هيكلية جديدة أو استعادة التنظيم، إضافة إلى الضغوط الأخرى على نحو منع عودة السكان للقرى والبلدات الحدودية المتاخمة للحدود اللبنانية – الإسرائيلية، وتجفيف المصادر المالية كي لا يتمكن الحزب من استعادة أنفاسه أو إعادة بناء قدراته، مما يعني أنه بحاجة إلى هذه الأموال، وكذلك قطع خطوط الإمداد من الحدود الشمالية الشرقية عبر سوريا أو من مختلف الأرجاء، جواً أو بحراً".

هدنة غير مكتملة

ويشير اللواء شريم إلى أن "الموقف الأميركي كان واضحاً لجهة دعم الدولة اللبنانية والشعب اللبناني، وهذا الدعم أعلن عنه الرئيس دونالد ترمب وقاله بصراحة، لكن هذا الدعم ليس دعماً مجانياً ولن يكون هبة، فالدولة اللبنانية مطالبة بتحمل مسؤوليتها والقيام بما عليها لتحقيق سيادتها وحمايتها وحزم أمرها، و براك لم يطلب في العلن أو من خلال تصريحاته أن تقوم الدولة بأمور محددة أو واجبات ما، ولكن يضع جدولاً زمنياً لعملية نزع السلاح أو بسط سلطة الدولة على كل الأراضي اللبنانية، فهذا لم يجر في العلن، أما ما دار في الخفاء فستظهر مجرياته في ما بعد، وطبعاً الزيارة لها معان عدة وأعتقد أن تحمّل المسؤولية ليس مفتوحاً من حيث الوقت إلى ما لا نهاية، بل إن هناك أموراً على الدولة اللبنانية أن تقوم بها في هذا الإطار".

ويوضح شريم أن "موقف المسؤولين اللبنانيين أو السلطة اللبنانية المتمثلة بالرئاسات الثلاث، الجمهورية والحكومة ومجلس النواب، واضح لناحية حصرية السلاح، لكن هناك إصراراً كاملاً على تنفيذ إسرائيل انسحابها من المناطق والتلال الخمس المحتلة ومختلف المناطق التي احتلتها سابقاً وخلال الحرب الأخيرة، إضافة إلى موضوع إعادة الأسرى اللبنانيين لديها، وأعتقد أننا في مرحلة هدنة غير مكتملة، فلا حرب كبيرة ولا سلام أكيداً، والولايات المتحدة الأميركية ستضغط على إسرائيل التي دعمت دائماً مصالحها وراعتها، وهذا شيء ظاهر وليس بحاجة إلى إثبات، لكنها تريد أن تبقى الأمور تحت السيطرة، وحداً للحروب في المنطقة والتهديدات التي قالت تل أبيب إنها وجودية على نحو ما حصل مع إيران، أو تهديدات أمنية كما حصل في لبنان وغزة، وتفهم الولايات المتحدة أن معظمها تبدد بنسبة كبيرة".

ويخلص اللواء شريم إلى أن "الأميركيين يريدون الانتقال إلى مرحلة السلم وهذا ما عبر عنه الرئيس ترمب ويعمل من أجل تحقيقه، فموقف الدولة اللبنانية واضح لجهة حصر السلاح بيدها والمفاوضات التي تديرها الولايات المتحدة وبقية الدول تنص على الأخذ والعطاء المتبادلين، وهو أن تأخذ ما هو لمصلحة بلدك وتحفظ ما يمكن أن يسبب مشكلات داخلية، فمعادلة الانسحاب من المناطق اللبنانية المحتلة في مقابل تسليم السلاح أو بسط سلطة الدولة والجيش اللبناني على كامل مساحة الوطن قابلة للتطبيق والتحقيق، ويمكن أن تحصد نتائجها في المقبل من الأيام فتكون مرحلة أفضل وننتهي من الأمور الصعبة والمعقدة".

أسئلة حول السلاح والضمانات

ويتحدث رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة العميد الركن المتقاعد في الجيش اللبناني هشام جابر عن "مراوحة إيجابية قليلة نظراً إلى عدم الوثوق بالموقف الإسرائيلي، لكن على مستوى زيارة الموفد الأميركي إلى لبنان لاحظنا أن موقفه ديبلوماسي ومهذب وليس وقحاً بالتعامل مع الدولة اللبنانية، فليس مثل مورغان أورتاغوس التي حملت التهديد والوعيد إلى لبنان، ويبدو أن براك يحن إلى لبنانيته ويحب لبنان ويحمل هويته ويهمه أمره، ولذلك فهو متفهم للوضع اللبناني كما قال، وهنا يقصد 'حزب الله' وموقعه في المعادلة اللبنانية، ومن المؤكد أنه بلّغ رسالة إلى لبنان وتسلم منه رسالة، وهذا دوره والقرار يعود للإدارة الأميركية، لكن له تأثيره الخاص كونه المسؤول عن هذا الملف".

ويضيف جابر أن "الموفد براك لم يحدد مهلة زمنية حاسمة لكنه طلب خريطة للطريق في مقابل الكلام الذي دار عن خطوة في مقابل خطوة، وإذا كان الإسرائيلي سينسحب خطوة فماذا سيفعل لبنان، إذ يفترض أن تجيبه الحكومة اللبنانية على هذا السؤال، ونحن ممن قالوا إن 'حزب الله' في الوضع الغامض لن يسلم سلاحه أبداً وليس وارداً عنده هذا الأمر، كون الاحتلال لم يزل موجوداً والاعتداءات تتوسع، ولا ضمانات تؤكد توقف الاعتداءات، فلماذا يسلّم سلاحه؟ ولمن؟ وإلى أين سيذهب هذا السلاح؟".

المبعوث الأميركي إلى لبنان توم براك (أ ف ب)
المبعوث الأميركي إلى لبنان توم براك (أ ف ب)


يقول العميد جابر: لطالما ذكّرنا الدولة اللبنانية بحديثها عن الإستراتيجية الدفاعية التي تتضمن استيعاب سلاح 'حزب الله' وغيره، فما هي الخطوة التي قامت بها الدولة حول هذه الإستراتيجية؟ (أ ف ب)
يقول العميد جابر: لطالما ذكّرنا الدولة اللبنانية بحديثها عن الإستراتيجية الدفاعية التي تتضمن استيعاب سلاح 'حزب الله' وغيره، فما هي الخطوة التي قامت بها الدولة حول هذه الإستراتيجية؟ (أ ف ب)


تعليقات: