ريما عبدالله: إلى جورج عبدالله، بطل الخريف وسلام الرجولة


أربعون عامًا وأكثر، وما انحنت قامتك، ولا خفت وهجك، ولا تراخى يقينك. كنتَ الصوت الحيّ في صمت هذا العالم، وكنتَ الجدار الأخير الذي لم يسقط في وجه المساومات.

لم تكن سجينًا بل كنت الوطن وهو يتذكّر نفسه.

كنت الدرس الذي لا يُنسى في زمن كثرت فيه الدروس وقلّ فيه المعنى.

كنت الحرّ رغم القيود، والنظيف رغم الطين، والوفي رغم الخذلان.

جورج،

يا من عشتَ الخريف في الزنزانة فصنعت منه ربيعًا للكرامة،

يا من حملتَ القضية لا ككلمة بل كعيش يومي، كجوع ونَفَس، كصلاة تُقال كل فجر.

لم نأت لنقول لك "مرحبًا بعودتك"،

بل لنقول لك: عدنا نحن إليك،

عدنا إلى الجوهر، إلى المعنى، إلى الرجولة الصلبة التي لا تصدأ.

أنت لم تُفرج عنك فرنسا،

أنت من كسرت القيد بصبرك،

وخرجت أكبر من سجانك، أنقى من زنازينهم، وأصدق من هذا العالم المزيّف.

سلام عليك يا من صنعت من الظلم حرية،

ومن الغياب حضورًا،

ومن الأسر انتصارًا.

تعليقات: