رسالة من مودِع إلى العماد جوزيف عون

المهندس بول حكيم: دفعني للكتابة إلى القصر الجمهوري ليس فقط لقائي الرمزي بفخامته، بل أيضًا تصريحات مستفزّة سمعناها من رئيس الحكومة القاضي نواف سلام، خلال مقابلته الأخيرة (18 تموز 2025) مع الإعلامي جورج صليبي
المهندس بول حكيم: دفعني للكتابة إلى القصر الجمهوري ليس فقط لقائي الرمزي بفخامته، بل أيضًا تصريحات مستفزّة سمعناها من رئيس الحكومة القاضي نواف سلام، خلال مقابلته الأخيرة (18 تموز 2025) مع الإعلامي جورج صليبي


في زمن تتكاثر فيه الخيبات وتُمعن السلطات في تجاهل وجع الناس، أجدني، كمواطن ومهندس ومودِع لبناني، مضطرًا لرفع الصوت عاليًا في وجه التمادي واللا مبالاة. وأتوجه بكلمتي هذه إلى من بقي في هذا البلد صوتًا نقيًا نابعًا من وجع الناس ومصلحة الوطن: العماد جوزيف عون.

في الأمس القريب، وبينما كنتُ في كنيسة مار مارون في دير عنّايا، أشارك في قدّاس عيد القديسَين شربل وإلياس، كنتُ على بُعد أمتار من فخامتكم، في حضرة المذبح المقدّس الذي فصل بيننا. لكن ما يجمعنا – أكثر من المسافة والقداس – هو الوجع الوطني، والهمّ المشترك على ما آل إليه حال البلاد، وأموال أبنائها المودعة.

ما دفعني للكتابة ليس فقط لقائي الرمزي، بل أيضًا تصريحات مستفزّة سمعناها من رئيس الحكومة القاضي نواف سلام، خلال مقابلته الأخيرة (18 تموز 2025) مع الإعلامي جورج صليبي على شاشة "الجديد".

رئيس الحكومة لم يأتِ بجديد سوى تثبيت استمرار النهج السابق في التهرب من معالجة ملف الودائع بجدية. حديثه عن "صغار المودعين" وحدهم، فيه من الانتقاص ما يكفي لإهانة آلاف اللبنانيين الذين حُجزت مدخراتهم في المصارف. من قال إن من لديه وديعة كبيرة لا يستحق أن تُحترم حقوقه؟ ومن أجاز التمييز بين مودع ومودع؟

الأخطر من ذلك، أن رئيس الحكومة أعلن أن هذا الملف يُبحث بينه وبين وزيرَي المالية والاقتصاد، وحاكم مصرف لبنان… دون أي إشارة إلى دور المؤسسة العسكرية أو قائدها، الذي يُدرك أكثر من سواه ما يعتمل في نفوس الناس. والأسماء المذكورة، وللأسف، لا تمنحني – كمودع – أي شعور بالثقة. بل على العكس، هم ذاتهم من سبق أن تحدثوا عن حلول غير واقعية، أبرزها "شطب الودائع" أو "تأجيل الدفع" إلى أجل غير مسمى.

وأسأل هنا بصوت مرتفع: هل تأجيل دفع الودائع يوازي في نظرهم سرقتها المقنّعة؟ هل المطلوب منّا أن نعيش على أمل واهٍ في سنٍّ لم يعد يسمح بالانتظار؟ وهل "الإصلاح" يعني مصادرة جنى عمرنا الذي كدحنا من أجله بعرق جبيننا؟

لقد سبق لوزير المالية ياسين جابر أن اعترف بأن ما جرى هو "سرقة جماعية"، ثم عاد ليطمئننا بأن الودائع لن تُشطب، بل تُؤجَّل! وكأن تأجيل الاسترداد إلى أجل غير معلوم ليس نوعًا من أنواع المصادرة غير المعلنة.

أمام هذا الواقع، لا أجد من أتوجّه إليه إلا العماد جوزيف عون. رجل الدولة الذي لم يتلوّن، والذي بقي منحازًا إلى وجع الناس، والوحيد القادر – برأيي – على اتخاذ إجراءات حاسمة وصارمة لوقف التمادي في هذه الجريمة الوطنية المسماة "سرقة أموال المودعين".

رسالتي هذه ليست صرخة يأس، بل نداء أمل أخير، إلى من لا يزال أهلاً للثقة. فخامة "المغوار"، لا نطلب المستحيل، بل فقط أن نستعيد ما هو لنا. أن نحيا بكرامة، لا أن نُذَلّ عند أبواب المصارف أو نُهان بتصريحات لا تراعي لا الدستور ولا الضمير.

عشتم، وعاش لبنان الذي يشبهكم.

رئيس الجمهورية واللبنانية الأولى شاركا في القداس الإلهي لمناسبة عيد القديس شربل في دير مار مارون – عنايا
رئيس الجمهورية واللبنانية الأولى شاركا في القداس الإلهي لمناسبة عيد القديس شربل في دير مار مارون – عنايا



تعليقات: