العبودية مقفل: الإهمال الإداري يعطّل أبرز المعابر الحدودية شمالًا

الدمار الذي لحق بمعبر العبودية شمال لبنان - هو المعبر اللبناني الأقرب جغرافيًا إلى مدن سورية رئيسية مثل حمص وحماه ودمشق (مايز عبيد)
الدمار الذي لحق بمعبر العبودية شمال لبنان - هو المعبر اللبناني الأقرب جغرافيًا إلى مدن سورية رئيسية مثل حمص وحماه ودمشق (مايز عبيد)


"

الجمعة 2025/07/25

increase

حجم الخط

decrease

مشاركة عبر

facebook

twitter

whatsapp

whatsapp

اعلان

ثمانية أشهر مرّت على إقفال معبر العبودية الحدودي، الواقع في أقصى الشمال اللبناني، من دون أي تحرّك فعلي لإعادة تشغيله، وذلك منذ أن استهدفه القصف الإسرائيلي في 26 تشرين الثاني 2024، في اليوم الأخير من الحرب الإسرائيلية على لبنان.

أدت الغارة الإسرائيلية إلى تدمير الجسر والمنشآت التابعة له. فأُقفل المعبر بالكامل، ولا يزال حتى اليوم خارج الخدمة. وفي الوقت الذي أُعيد فيه تشغيل معبر العريضة الحدودي – الذي تعرّض أيضًا للقصف في الليلة نفسها – بقي معبر العبودية غائباً عن الاهتمام الرسمي، بلا جدول زمني لإصلاحه، ولا مؤشرات تنفيذية على إعادة تأهيله. هذا التأخير يثير تساؤلات مشروعة: هل السبب إداري صرف، كما تؤكد وزارة الأشغال العامة؟ أم إن هناك اعتبارات سياسية وأمنية تُبقي هذا المعبر الحيوي خارج الخدمة؟

من أهم المعابر البرّية في لبنان

معبر العبودية أو معبر الدبوسية، هو ثاني أهم معبر بري يربط لبنان بسوريا بعد معبر المصنع، والأكثر حيوية في محافظة عكار من حيث حجم العبور والتبادل التجاري. وكان يخدم، قبل إقفاله، آلاف الشاحنات سنويًا، فضلاً عن حركة المسافرين من الجهتين، ويُعد المعبر الأقرب جغرافيًا إلى مدن سورية رئيسة مثل حمص وحماة ودمشق. وتعيش من إيراداته مئات العائلات والموظفين، كما أن المركز الحدودي التابع للأمن العام في العبودية يتميّز ببنية تحتية حديثة ومتكاملة، تفوق تلك الموجودة في سائر المعابر الشمالية.

بلدية العبودية، التي تابعت الملف مع الجهات المعنية، تؤكد أنها قامت بسلسلة مراجعات شملت وزارة الأشغال العامة والنقل، ورئاسة الحكومة، من دون أي نتائج فعلية. نائب رئيس بلدية العبودية، أحمد حمدان، يقول لـ"المدن": "تلقّينا وعودًا من رئيس الحكومة نواف سلام مؤخرًا بإعادة تشغيل المعبر، لكننا حتى اللحظة لم نلمس أي خطوة عملية، وكل ما نسمعه هو أن الملف أُعيد إلى ديوان المحاسبة لتكليف متعهّد جديد عبر مناقصة جديدة".

ويضيف: "نحن نقترب من فصل الشتاء، وفي حال هطلت أمطار غزيرة، قد نشهد فيضانات على مداخل المعبر المغلق، وهو ما سيزيد الوضع سوءًا ويحول دون أي تدخل طارئ".

التأخير لأسباب إدارية؟

من جهتها أكّدت وزارة الأشغال العامة والنقل لـ"المدن" أن الأسباب الكامنة خلف التأخير محض إدارية. ووفق الوزارة، عُرض الملف على ديوان المحاسبة مرتين عبر تلزيم رضائي، ورُفض، وهذا ما دفع الوزير فايز رسامني إلى إصدار مذكّرة لإجراء مناقصة عمومية جديدة لتأمين ممر مؤقت للمعبر، إلى حين الانتهاء من الدراسات لإعادة الجسر والبُنية التحتية اللازمة إلى ما كانت عليه سابقًا".

وشدّدت الوزارة على أن "لا خلفيات سياسية وراء تأخير إعادة التشغيل، وأن الملف يتحرّك ضمن المسار القانوني المطلوب"، مؤكدة أن "هذا المعبر الحيوي والمهم سيعاد تشغيله فور اكتمال الإجراءات".

وإلى حين إعادة فتح معبر العبودية، يتحمّل معبر العريضة الحدودي عبء حركة المرور والترانزيت اليومية، وهو الأمر الذي يتسبّب بازدحام كبير وتأخير في عبور الشاحنات والسيارات، ويؤثر سلبيًا على حركة التبادل بين البلدين. أما الأهم، فهو أن استمرار إقفال المعبر الشرعي يعني فتح المجال أكثر أمام المعابر غير الشرعية على كثرتها في المنطقة، لتنشط وتعمل، وهي لا تعود بأية منفعة على الدولة، بل تُعدّ معبرًا للمهرّبين والمتربّصين، وتُفقد الخزينة العامة إيرادات كانت تأتي من رسوم العبور والضرائب الجمركية، فضلًا عن الأثر السلبي الذي يتركه هذا الواقع على سمعة الدولة وهيبتها، في منطقة تعد من الأفقر والأكثر تهميشًا في لبنان، في زمنٍ يتعرّض فيه هذا البلد لضغوط خارجية دائمة، من أجل ضبط حدوده البرية من جهتي الشمال والشرق ومن جهة الجنوب.

تعليقات: