المجاعة في غزة.. صرخة إنسانية في وجه الصمت العالمي


في قلب هذا العالم الصاخب، تقف غزة جريحة، تنادي من بين الركام والجوع، فلا تجد إلا صمتًا مطبقًا وخذلانًا مريعًا. فالمجاعة لم تعد خطرًا محتملاً، بل واقعًا مريرًا ينهش الأطفال والنساء والمرضى، في مشهدٍ يعجز عنه الوصف. لم يعد الحديث عن حصار فقط، بل عن تجويع ممنهج، يطال الخبز والماء والدواء، ويهدد حياة شعب بأكمله.

في غزة، لم تعد الحياة تُقاس بالسنين بل بلحظة نجاة، أو رشفة ماء، أو لقمة يسد بها الجائع رمقه. هناك حيث تُمنع المساعدات، وتُقصف الطرق، وتُغلق المعابر، يسقط المعنى الحقيقي للعدالة الدولية. أي ضمير يقبل أن تتحول بيوت البشر إلى قبور؟ وأي قيم يُحتكم إليها حين تُقتل الطفولة بالجوع، لا بالقنابل؟

ورغم هذا الظلام، فإن غزة لا تزال تنبض بالعزيمة. يصنع أهلها من الألم وقودًا للصبر، ومن الدموع حبرًا للكرامة. وما زال صوت الأمهات يعلو بالدعاء، لا طلبًا للانتقام، بل أملاً في حياة آمنة لأطفالهن. إن هذا الصمود، رغم الجراح، ليس بطولة فقط، بل شهادة على أن الكرامة لا تُقهر مهما اشتد الحصار.

إن ما يحدث في غزة ليس شأنًا محليًا، بل امتحان للإنسانية جمعاء. فالتجويع سلاح جبان، لا يليق إلا بالضعفاء أمام قوة الإرادة. وإن إنقاذ غزة من المجاعة ليس مسألة سياسية، بل واجب أخلاقي لا يسقط بالتقادم. لعلّ العالم يسمع، ولعلّ القلوب تستفيق، قبل أن يُمحى ما تبقى من إنسانية على هذه الأرض.

     راشد شاتيلا

تعليقات: