بنت جبيل ــ
حل الشتاء هذا العام ضيفاً على أهالي بنت جبيل داخل 60% من صالوناتهم، فلم تنزل أمطاره برداً وسلاماً على مزروعاتهم، بل نزلت «نشّاً» فوق رؤوسهم.
فمعظم عقارات وسط المدينة التي تهدّمت في حرب تموز وأعيد بناؤها، والتي يقارب عددها نحو 560 منزلاً، غير صالحة للسكن بسبب تسرّب المياه إلى داخلها، ىما يفضح الإهمال والغش اللذين شابا ورشة إعادة الإعمار.
يرى أحد المقاولين وتجار مواد البناء، المهندس هيثم توفيق بزي، أن «المشكلة تكمن في استخدام مواد البناء غير الجيدة كالرمل والبحص، إذ يفضّل بعض المقاولين استخدامها لرخص أسعارها، رغم عدم فعاليتها في منع النشّ. كما يقلل بعض المهندسين من حجم مادة الترابة (الباطون) العازلة للمياه، بقصد التوفير، ما يؤدي إلى وقوع مشكلة تسرّب يعاني منها اليوم سكان بنت جبيل، حيث ازدادت نسبة شراء المواد المانعة للنشّ بنسبة 60%».
يغرق أهالي بنت جبيل إذاً في دوامة ترميم لأسطح منازلهم الباهظة التكاليف، وخصوصاً إذا أراد صاحب المنزل أن يعالج مشكلة النشّ كلّياً. «الحلّ الأمثل يكون بوضع مادة الزفت على الأسطح، وهو الأكثر كلفة، إذ يبلغ ثمن المتر الواحد 8,5 دولارات أميركية. لكن هذه المادة لا تسمح بتخزين مياه الأمطار في الآبار المنزلية، لأنها تجعلها غير صالحة للشرب. لذلك يتطلب من صاحب المنزل أن «يبلّط» سطح منزله بعد استخدام الزفت، وهذا مكلف جداً. أما الحلّ الأقل كلفة، فهو استخدام مادة عازلة تدهن فوق أسطح المنازل، قد تكلّف نحو 200 دولار للسطح الواحد، لكن فعاليتها مؤقتة».
وتتنوع الجهات التي يوجّه إليها المعنيون أصابع الاتهام.
«هناك غش في المواد المستخدمة من تجار الباطون الجاهز، أو من متعهد البناء نفسه، فأنواع الرمل كثيرة، ومنها ما هو غير صالح للبناء. ويساهم عدم وجود المختبرات الخاصة بكشف جودة الباطون الجاهز في زيادة الغش، لأن الجودة تصبح رهناً بضمير المتعهدين والتجار فقط. وقد تعود المسؤولية أيضاً على أصحاب العقارات أنفسهم الذين يطلبون إنجاز أبنيتهم بأقل كلفة ممكنة»، كما يشرح المهندس المشرف على إعادة إعمار وسط بنت جبيل، هيثم سهيل بزي. بينما يوسّع رئيس بلدية بنت جبيل عفيف بزي نطاق المسؤولية، ليشمل أيضاً المهندسين المشرفين على البناء، إذ يؤكد أن «مهمة المجلس البلدي هي منح التراخيص بعد توقيع المهندسين المشرفين عليها، لذلك يتحمل هؤلاء المسؤولية الكاملة عن جودة البناء ومتانته».
تعليقات: