راشد شاتيلا: الوحدة الوطنية.. درع لبنان في وجه العدوان وجسر العبور إلى الإعمار


الوحدة الوطنية ليست شعاراً يُرفع عند الأزمات فقط، بل هي القاعدة التي يقوم عليها استقرار الدول وتقدّمها. في لبنان، بلد التنوّع والتعدّد، تكتسب هذه الوحدة بُعداً مضاعفاً، لأنها تشكّل جسر العبور نحو مجتمع متماسك يتخطّى خلافاته ويواجه تحدّياته بروح مشتركة.

لقد أثبتت التجارب أن التشرذم والانقسام لا يجلبان إلا الوهن، فيما الحوار والتلاقي يعيدان الأمل والاستقرار . الوحدة الوطنية لا تعني إلغاء الخصوصيات، بل احترامها ضمن إطار جامع يوفّر العدالة والمساواة أمام القانون، ويحفظ كرامة المواطن في كل منطقة وانتماء.

إعادة الإعمار في لبنان ليست مجرد مشروع عمراني أو اقتصادي، بل هي عملية شاملة تُعيد للدولة حضورها وللمجتمع حيويته. فإعمار الحجر لا يكتمل إلا بإعمار الإنسان، من خلال ترسيخ قيم المواطنة، وتعزيز الثقة بالمؤسسات، وإشراك جميع الفئات في عملية التنمية.

دور الشباب في هذه المسيرة محوري، فهم الطاقات الحيّة التي تحمل أحلام التغيير وتجسّد المستقبل. وإذا أُتيحت لهم الفرصة للمشاركة الفعلية في القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فإنهم قادرون على إحداث نقلة نوعية في بنية الدولة والمجتمع.

الشباب اللبناني أثبت في الداخل والخارج أنه يمتلك كفاءة عالية في ميادين العلم والتكنولوجيا والإدارة والابتكار. تسخير هذه الكفاءات لخدمة عملية الإعمار والدفاع عن الوطن يعزز مكانة لبنان، ويجعله قادراً على الصمود في وجه الأزمات والاعتداءات .

إن مستقبل لبنان مرهون بقدرة أبنائه على التمسك بروح الوحدة و المقاومة ، والالتفاف حول مشروع وطني جامع يضع أسس العدالة والتنمية المستدامة. وبإرادة مشتركة بين الدولة والمجتمع، وبمبادرات شبابية خلاقة، يمكن أن يتحوّل لبنان من بلد الأزمات المتلاحقة إلى وطن رائد في الاستقرار والإبداع والدفاع عن كرامته في مواجهة أي اعتداء.

المقاومة في التجربة اللبنانية لم تكن مجرد مواجهة عسكرية، بل تعبيراً عن إرادة شعبية في الدفاع عن الأرض والكرامة الوطنية. فهي ساهمت في ترسيخ معادلة الردع وحماية السيادة، وأثبتت أن التضحية سبيل لبقاء الوطن حراً مستقلاً. ومن هنا، فإن استذكار شهداء المقاومة الذين ارتقوا دفاعاً عن لبنان ليس مجرد واجب أخلاقي، بل هو أيضاً تأكيد على أن دماءهم كانت الأساس الذي مكّن الأجيال الجديدة من التمسك بالأمل والعمل و المقاومة من أجل وطن آمن مزدهر.

 راشد خضر كمال شاتيلا

تعليقات: