كامل جابر: خط أحمر أم قطعة جديدة من لبنان بين أنياب إسرائيل؟

طالب متابعون ومحللون سياسيون بضرورة تقديم شكوى لبنانية عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي (أ ف ب)
طالب متابعون ومحللون سياسيون بضرورة تقديم شكوى لبنانية عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي (أ ف ب)


أعلنت عن منطقة عازلة أخرى وطلبت في خريطة نشرتها عبر وسائل الإعلام من سكان شبعا والجوار عدم تجاوزها

ملخص

كانت القوات الإسرائيلية سبقت هذا الإعلان بسلسلة استهدافات بالمدفعية الثقيلة أو من خلال الطائرات المسيرة طاولت المزارعين المتوجهين إلى حقولهم وأراضيهم الزراعية وبساتينهم هناك مما أدى إلى وقوع ضحايا ومصابين في صفوفهم.

لم تكتف إسرائيل بعد الحرب المفتوحة على لبنان منذ الـ23 من سبتمبر (أيلول) الماضي، التي انتهت باتفاق لوقف إطلاق النار بدأ صبيحة الـ28 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بما أبقته من أراض لبنانية تحت سيطرتها في تلال خمس (عرفت بالنقاط الخمس)، ثم ألحقت بها لاحقاً أجزاء من الجهة اللبنانية في موقع "العباد" المطل على بلدة حولا الحدودية (في قضاء مرجعيون)، ومنعها سكان قرى الحافة الأمامية من العودة إلى بيوتهم المدمرة أصلاً جراء الحرب، وسيطرتها على الأجواء اللبنانية برمتها من خلال طيرانها الحربي والطائرات المسيرة التي لا تكاد تغادر فضاء لبنان ليلاً ونهاراً، فلجأت أخيراً إلى خلق خط "توسعي" جديد يقضم أراضي لبنانية أخرى هذه المرة في أعالي منطقة شبعا التي تحتل إسرائيل مساحات واسعة منها منذ حرب عام 1967، وهي مدى خلاف مع لبنان الذي يعدها منطقة محتلة.

أعلنت إسرائيل أمس عن خط "احتلالي" جديد أو منطقة عازلة جديدة مع لبنان صبغتها هذه المرة باللون الأحمر، وطلبت في خريطة نشرتها عبر وسائل الإعلام من سكان شبعا والجوار عدم تجاوزها. وحملت الخريطة نصاً يقول "يمنع عبور الخطر الأحمر باتجاه الحدود الإسرائيلية. كل من يدخل المنطقة الملونة بالأحمر يعرض نفسه للخطر". وكانت القوات الإسرائيلية سبقت هذا الإعلان بسلسلة استهدافات بالمدفعية الثقيلة أو من خلال الطائرات المسيرة طاولت المزارعين المتوجهين إلى حقولهم وأراضيهم الزراعية وبساتينهم هناك مما أدى إلى وقوع ضحايا ومصابين في صفوفهم.

خط "احتلالي" جديد

وفيما لم تعلق الجهات اللبنانية الرسمية حتى الآن على الإجراءات الإسرائيلية، طالب متابعون ومحللون سياسيون "بضرورة تقديم شكوى لبنانية عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي، لما تشكله الممارسات الإسرائيلية من إعلان احتلالي جديد بالغ الخطر، يقتطع أراضي لبنانية مملوكة من أصحاب معروفين، وتقدر بنحو 50 كيلومتراً مربعاً أو أكثر" بحسب العميد المتقاعد في الجيش اللبناني حسن بشروش، الذي شغل موقع رئيس الفريق اللبناني لترسيم الحدود ورئيس اللجنة الثلاثية التقنية لترسيم الحدود بين 2006 و2017.

ويلفت العميد بشروش إلى أن "الإسرائيليين يسمون الخطوط كيفما يشاؤون، وتحديداً هذه المرة بالخط الأحمر للإعلان عن خطورة الوصول إلى هذه المنطقة، وهي تسمية كثيراً ما رددها الإسرائيليون تباعاً في حروبهم على لبنان أو في الحرب الأخيرة، من إعلان هذه المنطقة أو تلك منطقة حمراء، وهي بذلك تعبر عن احتلالها المباشر أو غير المباشر لمناطق وأراض لبنانية. ألم تجعل إسرائيل منطقة جنوب الليطاني على رغم اتفاق وقف إطلاق النار المبرم بينها وبين لبنان برعاية أميركية وفرنسية منذ نحو ثمانية أشهر منطقة حمراء؟ لذا تمنع سكان القرى الحدودية من العودة إلى قراهم وبيوتهم وتقتل وتغتال وتدمر وتقصف من البر والجو وتدخل إلى القرى الأمامية متى تشاء، خالقة ما يشبه منطقة عازلة تمنع من خلالها أصحاب الأراضي والبيوت من الوصول إليها من دون رادع يردعها. لقد جعلت منطقة جنوب الليطاني بأكملها ضمن دائرة حمراء".

الحدود كلها حمراء

ويضيف العميد بشروش أن "لبنان يعترف بالخط الأزرق خطاً لانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان بعد عام 2000، وهو ليس خط الحدود بين لبنان وفلسطين، إذ بقيت نقاط كثيرة عالقة لم تنسحب إسرائيل منها على رغم إعلان الأمم المتحدة أنها أراض لبنانية، ثم أضافت إليها تباعاً مجموعة من النقاط التي تجاوزت منذ تكريس الخط الأزرق عام 2001 الـ39 خرقاً، كان آخرها النقاط الخمس بعد حرب الـ66 يوماً الأخيرة، ثم أضافت إليها نقطة العباد المتفق عليها سابقاً بترسيم الخط الأزرق، واليوم تقتطع منطقة واسعة من أراضي شبعا وكفرشوبا من دون أن تعير اهتماماً للاتفاقات الدولية السابقة برعاية الأمم المتحدة أو للقرارات الدولية الداعية إلى انسحابها من جميع الأراضي اللبنانية التي احتلتها تباعاً، ومنها القراران الأمميان رقم 425 (عام 1978) و1701 (عام 2006) المكرسة بحدود اتفاق الهدنة بينها وبين لبنان عام 1949". ويشير إلى أن هذا "الخط الأحمر الأخير لا ينفصل عن الإجراءات التي يتبعها العدو الإسرائيلي في حق قرى الحافة الأمامية التي يمنع سكانها من العودة إليها، وبخاصة إلى الأراضي القريبة من الحدود مع فلسطين بغية تحويلها هي الأخرى إلى منطقة عازلة غير مأهولة ومحرمة على أصحابها. ومن الواضح أن إسرائيل باتت تعتبر جميع قرى الحافة الأمامية القريبة من مستعمراتها الحدودية ضمن مصطلح الخط الأحمر الذي ترسمه وفق أهوائها ومتى تشاء، مع العلم أنه لا وجود لما يعرف بالخط الأحمر في الاتفاقات الدولية. إنه خط غير موجود، ولبنان لا يعترف به لا من قريب أو بعيد، بل يعترف بالخط الأزرق الذي رسم بين 2000 و2001 ويعتبر خط الأمم المتحدة للانسحاب الإسرائيلي، هو الخط الوحيد الشرعي الصادر عن الأمم المتحدة".

أعلنت إسرائيل عن منطقة عازلة جديدة مع لبنان صبغتها هذه المرة باللون الأحمر (مواقع التواصل)
أعلنت إسرائيل عن منطقة عازلة جديدة مع لبنان صبغتها هذه المرة باللون الأحمر (مواقع التواصل)


تعليقات: