صودِر قطيعُه وبِيع لتاجر.. في البقاع راعٍ يشتري ماشيته!

تعرض الراعي لعملية سطو مسلحة أدت إلى سلبه150 رأسًا من الماشية (عزيز طاهر)
تعرض الراعي لعملية سطو مسلحة أدت إلى سلبه150 رأسًا من الماشية (عزيز طاهر)


لا تزال جرود البقاع الشمالي مسرحًا لعمليات سطو وتشليح، في ظل تسيّب أمني يثير قلق السكان. آخر هذه الحوادث وقع ليل الثلاثاء الماضي في جرود بلدة نحلة شرق بعلبك، حيث تعرّض الراعي عيد محمود الحجيري لعملية سطو مسلحة، أدّت إلى سلبه 150 رأسًا من الماشية، في حادثة ضجّت بها المنطقة وطرحت أسئلة كثيرة حول أمن المواطن وحماية رزقه.

رواية الراعي

يعمل الحجيري راعياً للماشية منذ طفولته. وأوضح في حديث إلى"المدن" أنه استأجر أرضًا للرعي في جرد بعلبك خلال الربيع، بعد التنسيق مع المختار خالد صلح. وأبلغ حينها الجيش والمخابرات. وقدّم أوراقًا ثبوتية بأسماء أبنائه وعدد قطيعه. وبعد انتهاء فترة الضمان، قرر التوجّه بخيمته وقطيعه إلى جرود بلدته عرسال، وأعلم الجهات العسكرية بذلك، مرفقًا صورة عن دفتر الشاحنة التي نقلت عائلته وأغراضه.

ويقول الحجيري إن أبناءه وأثناء مرورهم في منطقة "عين صفدة" بجرود نحلة، تعرّضوا لعملية سلب بقوة السلاح. واتهم أشخاصًا من البلدة بالضلوع في الحادثة.

وإذ أكد أن بحوزته جميع المستندات التي تثبت ملكيته للقطيع، أضاف أنه بعد انكشاف أمر المعتدين ادعوا أنهم سلموا القطيع إلى الجيش اللبناني بحجّة أنه مهرَّب من سوريا، وذلك في محاولة للتغطية على جريمتهم.

مصادرة وبيع القطيع

وبحسب الحجيري، فإن ما جرى بعد ذلك زاد من غرابة المشهد. فبعد إطلاق أبنائه وتسلُّمهم القطيع، تمت ملاحقتهم واعتقالهم ومصادرة الماشية، بينما تم إخلاء سبيل الخاطفين المتواجدين هناك. ثم صدر قرار سريع عن معاون مفوّضة الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضية مايا كنعان ببيع القطيع في مزاد علني يوم الأربعاء. ما أثار الاستغراب لسرعة تنفيذ القرار ثم بيع القطيع من دون إجراء أي تحقيقات، رغم محاولات الحجيري تقديم إثباتات بملكيته للمواشي. وقد حاولت "المدن" أن تتواصل مرارًا وعلى مدى أيام مع القاضية كنعان للاستفسار عن هذا الأمر الغريب، لكنها لم تتجاوب.

وبحسب المعلومات، فإن المزاد رسا على تاجر المواشي م. ط. من بلدة بريتال. وتواصلت "المدن" معه فاكتفى بالقول إنه حصل على تصريح خطي من الجيش يثبت عملية الشراء التي تمت بطريقة قانونية.

لكن الراعي الحجيري ولدى علمه بعملية البيع ذهب إلى ط. الذي عاد وباعه قطيعه مقابل 13 ألف دولار. علماً أن الحجيري اضطر إلى استدانة المبلغ لشراء قطيعه من جديد، وقد أتاه ناقصاً 15 رأس ماشية.

مساعٍ للحلحلة

الاعتداء على الحجيري أثار استنكارًا وغضبًا واسعين في المنطقة. فبعد مشاورات محلية واتصالات مع مرجعيات أمنية ودينية، أصدر أهالي عرسال بيانًا شجبوا فيه بشدّة ما تعرّض له ابن بلدتهم من تعدٍ وظلم، مطالبين القوى الأمنية وإخوانهم في بلدة نحلة بالتحرّك العاجل لحماية كرامة الناس وحسن الجوار.

من جهتها، سارعت بلدية نحلة إلى احتواء تداعيات الحادثة، بكل إيجابية وهدوء، فاستضافت يوم الأحد الماضي وفدًا من بلدية ومخاتير عرسال لبحث سبل الحل. وأكد رئيس بلدية نحلة حسين يزبك في حديث إلى "المدن" أن الجهود متواصلة لتطويق المشكلة بروحية الجيرة والأخوّة، مؤكدًا الاحتكام إلى القانون، فالقانون يعطي كل ذي حقٍ حقه، يحمي الجميع وينصفهم ولا يظلم أحدًا.

هشاشة الدولة

وتسلط هذه الحادثة الضوء على استسهال التعدي على الأرزاق والممتلكات، في منطقة تعيش منذ سنوات على وقع أزمات اقتصادية وأمنية وطائفية متفاقمة. وتكرّر مثل هذه الحوادث في البقاع الشمالي يطرح مجددًا السؤال عن قدرة الدولة على فرض الأمن وحماية المواطنين، ويُبقي السكان رهن الوساطات العشائرية المحلية، أكثر من الاعتماد على حضور الدولة وهيبتها.

تعليقات: