أعراس لبنان بين الرفاهية والكلفة التي تثقل الجيوب

زهور أعراس - تبلغ تكاليف حفلات الزفاف في لبنان آلاف الدولارات (المدن)
زهور أعراس - تبلغ تكاليف حفلات الزفاف في لبنان آلاف الدولارات (المدن)


صيف لبنان هذا العام كان عامراً بالاحتفالات والأعراس، والحفلات رغم ضبابية المشهد السياسي، وهو ما ترجمته الحجوزات المرتفعة على القاعات والمطاعم، في عدد كبير من المناطق اللبنانية، خصوصاً أن الحجوزات المسبقة تُعد شرطاً أساسياً لإقامة حفلات الزفاف.

تحضر ماريا العياش لحفل زفافها قبل نهاية شهر أيلول، تقول لـ"المدن": لم أتمكن من الحصول على موعد قريب لإقامة حفل الزفاف، وكان أقرب موعد بعد النصف الثاني من شهر أيلول، فالقاعات محجوزة منذ 6 أشهر".

لا تشعر العياش بالأسف لإقامة حفل زفافها مع نهاية موسم الصيف، بل على العكس من ذلك، ترى إن ذلك، يساعدها في توفير أكثر من نصف التكاليف المعمول بها لدى منظمي حفلات الأعراس، إذ تصل تكاليف حفل زفافها إلى نحو 15 ألف دولار، من دون احتساب تكاليف تجهيز العروس، وهو رقم مقبول مقارنة بالأسعار الحالية.

فساتين اعراس (المدن)

تكاليف الأعراس

تختلف تكاليف حفلات الزفاف في لبنان تبعاً للمواسم، ويشهد فصل الصيف إقبالاً لافتاً، لا سيما خلال شهري تموز وآب، بالتزامن مع عودة عدد كبير من المغتربين، كما يشكل المغتربون أكثر من 50 في المئة من المواطنين المقبلين على الزواج، الذين يقيمون أعراسهم خلال هذه الفترة.

يقول شربل فاضل مدير مؤسسة Day light لتنظيم الأعراس في لبنان لـ"المدن": شهد موسم الأعراس هذا العام إقبالاً لافتاً، في ظل هدوء الأوضاع نسبياً، ومجيء المغتربين لقضاء فصل الصيف، وشكل هذا فرصة للعاملين في مجال تنظيم الأعراس، والتصوير، وأصحاب المطاعم، للتعويض عن الخسائر التي لحقت بهذا القطاع في السنوات الماضية".

ولا يخفي فاضل الفئة الميسورة مادياً، أو طبقة الأثرياء، التي كانت الأكثر إقبالاً على حفلات الزفاف الضخمة، وبمتوسط عام، ويوضح أن تكاليف حفلات الزفاف لنحو 120 مدعواً، تتضمن تكاليف الطعام، والتصوير، وتجهيز العروس، وغيرها من التجهيزات الأساسية، تبدأ من 30 ألف دولار، وترتفع بحسب عدد المدعوين.

احتساب التكلفة

يمكن تقسيم حفلات الزفاف في لبنان، وبحسب ما أكده عدد من منظمي الأعراس إلى ثلاث فئات، الأولى والتي تتراوح تكاليفها ما بين 20 إلى 30 ألف دولار، وهي مخصصة لإقامة حفل زفاف بسيط، لنحو 100 مدعو تقريباً.

الفئة الثانية، التي تبدأ أسعارها من 50 ألف دولار، وهي مخصّصة لنحو 150 مدعواً، وعادة ما تتضمن بعض التصاميم الخاصة، بحسب ما أكدته منسقة الأعراس تريسي الغزال لـ"المدن". ويتّجه عدد كبير من المغتربين وأصحاب روؤس الأموال، بحسب الغزال، إلى إقامة هذا النوع من حفلات الزفاف.

في الحفلات الفخمة التي يصل عدد مدعويها إلى أكثر من 200 شخص، والتي تتضمن تصاميم مختلفة، ووجود فنانين، وشركات تصوير وإنتاج، فإن أسعارها تبدأ من 70 ألف دولار، وترتفع إلى أكثر من 200 ألف دولار.

تُعد هذه التكاليف نموذجاً لواقع الأسعار في لبنان، على الرغم من الأزمة الاقتصادية. وبحسب فاضل، فإن المحرك الرئيسي لهذا القطاع الذي يشهد نمواً، هو رغبة اللبنانيين المغتربين بالاحتفال في لبنان، ووجود طبقات ميسورة من دول الجوار تعيش في لبنان. بالمحصلة، فإن المقبلين على الزواج في لبنان يكادون ينحصرون في فئة معينة، إما المغتربين أصحاب المداخيل المرتفعة في الخارج، أو الأثرياء والأغنياء والمؤثرين، فيما المواطن، الذي يتقاضى راتباً محدوداً وإن بدا مرتفعاً مقارنة مع معدل الأجور، لا يمكنه تسديد هذه المبالغ المالية المرتفعة.

تكاليف العروس؟

لا تختلف تكاليف تجهيز العروس عن ما يفرضه سوق العرض والطلب، ففي فصل الصيف، ترتفع التكاليف مقارنة مع فصل الشتاء. وبحسب العياش، فإن تكاليف تجهيزها وصلت إلى نحو 5000 دولار، من ضمنها استئجار فستان الزفاف بمبلغ 3000 دولار، ونحو 1000 دولار لتصفيف الشعر والمكياج، و1000 أخرى تجهيزات ما قبل العرس.

وبحسب العياش، لم تتمكن من الحصول على أسعار أفضل، إذ في بعض الأحيان، طلب منها أكثر من ذلك لدى مزيني الشعر وخبراء التجميل. وتتراوح أسعار تصفيف الشعر بين 400 دولار و 800 دولار، ولا يختلف الأمر بالنسبة إلى المكياج إذ تبدأ الأسعار من 500 دولار وترتفع إلى 1500 دولار وأكثر.

لماذا الأسعار المرتفعة؟

تعد الأسعار مرتفعة مقارنة مع القدرة المعيشية ومعدل الأجور المعمول به في لبنان. وباعتبار أن موظف يتقاضى 1000 دولار، عليه ادخار ما لا يقل عن 30 راتباً كاملاً من دون أي مصاريف أخرى، لإنفاقها على حفل الزفاف.

وبحسب القائمين على قطاع تنظيم الأعراس والحفلات، فإن أسباب عديدة تلعب دوراً في ارتفاع الأسعار، منها التكلفة المرتفعة للسلع الأولية والبضائع المخصّصة للأعراس والحفلات، بالإضافة إلى الموروث الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، إذ عادة ما تعتبر الأعراس مناسبة اجتماعية، وتميل العائلات إلى إقامة أعراس كبيرة، ناهيك عن دور المغتربين، إذ يشكل المغتربون نسبة كبيرة من العرسان في الصيف، وغالباً ما يملكون قدرة مالية أكبر من المقيمين، ما يرفع سقف الإنفاق العام ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار في هذا الموسم.


تعليقات: