العدو يبدأ اجتياح غزّة: الإبادة ماضية... بمباركة أميركا

فلسطين

يوسّع العدو عمليته البرية في قلب غزة، وسط مجازر وتهجير قسري، فيما تغطي واشنطن جرائمه، وتصف «حماس» الهجوم بأنه فصل جديد من الإبادة.

أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي المرحلة التالية من عملية «مركبات جدعون 2»، بادئاً مناورة برّية تنفّذها الفرقتان النظاميتان في جيش العدو، 162 و98، في اتجاه قلب مدينة غزة، على أن تلتحق بهما الفرقة 36 خلال الأيام المقبلة، وفق ما كشفته إذاعة الجيش. وادّعى المتحدّث العسكري باسم العدو، أنّ قوات الاحتلال سيطرت على «أجزاء واسعة» من المدينة، وأنّ العملية «تأخذ في الاعتبار» الحفاظ على حياة الأسرى الإسرائيليين، مشيراً إلى أنها ستكون «تدريجية» وقد تمتدّ لعدة أشهر بهدف السيطرة على «مراكز الثقل» في المدينة.

وفي السياق ذاته، قال رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، خلال جولة ميدانية في قطاع غزة أمس، إن العملية البرية الجارية في مدينة غزة تُعدّ «خطوة مهمة» على طريق استعادة الأسرى الإسرائيليين وتدمير البنية التنظيمية والعسكرية لحركة «حماس». وخاطب زامير قوّاته بالقول: «لقد قمنا أمس بتعميق المناورة إلى قلب مدينة غزة، وهي منطقة حيوية بالنسبة إلى حماس، وتقع على عاتقكم مسؤولية حسم لواء المدينة». وأضاف زامير: «لقد تغيّر التهديد، ولكننا تغيّرنا كذلك. نحن نأتي الآن أكثر استعداداً وجاهزيةً»، معتبراً أن هذه العملية تمثّل لحظة «حاسمة» في سياق الحرب المستمرة.

وعلى الأرض، زجّ جيش الاحتلال، خلال ليل الإثنين - الثلاثاء، بمدرّعات مفخّخة إلى أطراف مدينة غزة بهدف تدمير المباني، تمهيداً لدخول المزيد من القوات، بحسب «القناة 12» العبرية، التي أشارت أيضاً إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي شنّ خلال الأسبوع الماضي 850 غارة على المدينة. وادّعت القناة نفسها أنّ نحو 350 ألف فلسطيني «نزحوا قسراً» من غزة حتى الآن، فيما يُقدّر وجود ما لا يقلّ عن 600 ألف آخرين داخلها. كذلك، تداولت وسائل إعلام عبرية تقارير عن نية العدو إنشاء ممرّ جديد من شمال القطاع إلى جنوبه، وتوجيه الفلسطينيين إليه لتسريع خروجهم من المدينة.

ويأتي هذا في وقت واصل فيه جيش الاحتلال سياسة تدمير المباني في المدينة على نطاق واسع، مدّعياً أنها تشكّل «سترة واقية» لـ«حماس» تتيح لها حفر الأنفاق. وذكر تقرير نشره موقع «واينت» العبري أنّ «القوات الإسرائيلية دُرّبت على القتال فوق الأرض وتحتها، وجرى توزيع أدوات للكشف عن العبوات الناسفة التي زرعتها حماس، خاصة في الأزقة والتقاطعات، وسط تقديرات بوجود آلاف المواقع المجهّزة بالعبوات داخل مدينة غزة». كما أظهرت المعطيات - بحسب التقرير - أن «الجيش بات يدمج تقنيات متعدّدة لمواجهة العبوات، من بينها تفجيرها عبر روبوتات مفخّخة»، ما أدّى إلى سماع دويّ الانفجارات حتى في تل أبيب والقدس.

اتّهم نتنياهو، قطر بـ«تمويل حماس»، زاعماً أنه «لم يكن يوماً يعتبرها محايدة»

وعقب إعلان جيش العدو انطلاق العملية البرية، أكّد رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بدءها، قائلاً: «نعمل لهزيمة العدو وإجلاء السكان في الوقت نفسه». وزعم أن جيشه يفتح محاور إضافية لتسهيل حركة النزوح جنوباً، مشدّداً على أنّ «سلامة الرهائن» هي أولوية قصوى. واتّهم نتنياهو، في حديث مسائي، قطر بـ«تمويل حماس» وامتلاك نفوذ كبير عليها، مضيفاً أنه «لم يكن يوماً يعتبرها محايدة». ومن جهته، كرّر وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، القول إنّ «غزة تحترق والجيش يضرب بقبضة من حديد»، في وقت أفادت فيه وسائل إعلام فلسطينية بارتكاب طيران الاحتلال مجازر مروّعة عبر قصف أحياء سكنية ومنازل مأهولة، ما أسفر عن سقوط عشرات الشهداء والمفقودين.

وفي خضمّ ذلك، وفي ما بدا بمثابة تغطية لعملية تدمير مدينة غزة واجتياحها، حذّر وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أمس، قبيل مغادرته تل أبيب متوجّهاً إلى الدوحة، من أنّ أمام حركة «حماس» «مهلة قصيرة جداً» للموافقة على اتفاق لوقف إطلاق النار. وقال روبيو للصحافيين إنّ «الإسرائيليين بدأوا تنفيذ عمليات هناك (غزة)، ولذلك نعتقد أن أمامنا مهلة قصيرة جداً للتوصل إلى اتفاق. لم يعد لدينا أشهر، قد تكون أياماً، أو بضعة أسابيع».

وفي العاصمة القطرية، اجتمع روبيو بأمير الدولة ورئيس مجلس الوزراء، وجدّد لهما «شكر بلاده لقطر على ما تبذله من جهود لوقف الحرب وإعادة الرهائن»، وأكّد «قوة العلاقات الثنائية» والدعم الأميركي المستمرّ لـ«أمن قطر»، إلى جانب التزام واشنطن المشترك معها من أجل «منطقة أكثر أماناً»، بحسب وزارة الخارجية الأميركية.

وفي السياق ذاته، أفادت مراسلة «كان» العبرية، جيلي كوهين، بأنّ «واشنطن أبلغت الدوحة برسالة واضحة مفادها أنّ إسرائيل، رغم بدء المناورة البرية في غزة، لا تزال تسعى للتوصل إلى صفقة». ونقلت كوهين عن مصدر أمني مطّلع قوله إنّه «من الضروري خلق ديناميكية تفاوضية حتى مع توسيع العملية العسكرية»، بينما أشارت مصادر متابعة للمفاوضات إلى أن «شروط إسرائيل الحالية لا تزال بعيدة جداً عن مواقف حركة حماس»، ما يصعّب فرص التوصّل إلى اتفاق في المدى القريب.

في المقابل، قال المتحدّث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أمس، إنّ استئناف المفاوضات «لا يبدو واقعياً» في ظل استمرار الاحتلال في قصف «المفاوض» ودولة الوساطة، فيما رأت حركة «حماس»، في بيان صحافي، أنّ توسيع الاحتلال لعملياته العسكرية ضد سكان مدينة غزة وتصعيده «الهمجي وغير المسبوق»، «ليس إلا فصلاً جديداً من فصول حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الممنهج بحق شعبنا الفلسطيني، وتعميقاً للكارثة الإنسانية» في القطاع. وأضافت الحركة أنّ «هذه الجرائم، التي تجاوزت كل الأعراف والقوانين الدولية، تجري تحت غطاء سياسي وعسكري مكشوف من الإدارة الأميركية، التي تتحمّل المسؤولية الكاملة عن نتائج هذا العدوان، وتُعتبر شريكاً أساسياً في الإبادة الجماعية والتطهير العرقي الجاري في غزة».

تعليقات: