محافظة عكار - قرار المحافظ اللبكي استدعى استنكار أهالي البيرة وطالبوه بالتراجع الفوري عنه (مايز عبيد)
تعيش بلدة البيرة في عكار هذه الأيام على وقع جدل واسع أثاره قرار محافظ عكار عماد اللبكي، قضى بإقالة عضوين من المجلس البلدي المنتخب حديثاً هما: عبد الرزاق محمود عياش، ومحمد قاسم الحاج، الأمر الذي أعاد التشنجات التي رافقت العملية الانتخابية في أيار الماضي إلى ذروتها.
القرار الذي صدر في 8 أيلول الجاري لم يمرّ بهدوء. فالعضوان المقالان لم يتبلّغا القرار بشكل رسمي بعد، بل جرى تسريب مضمونه عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل وصول الإشعار الإداري إليهما، ما أدى إلى حالة من البلبلة داخل البلدة، فاشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي وعاد الانقسام مجدداً وكأن الانتخابات لم تنته.
اعتراضات وبيان استنكار
واستدعى القرار صدور بيان استنكار باسم "أهالي البيرة" طالب "المحافظ عماد اللبكي بالتراجع الفوري عن قراره، والاحتكام للقانون من دون اجتهاد أو تفسيرات خاطئة، وإعادة الاعتبار للأستاذين المذكورين". وتعود خلفية قرار المحافظ إلى طلب إقالة تقدّم به أحمد محمد وهبي، الذي كان قد ترأّس لائحة منافسة في الانتخابات البلدية الأخيرة وخسر مع لائحته أمام اللائحة التي فاز فيها العضوان المقالان.
وهبي، ممثلاً بمحاميه محمد هرموش، رفع طلب إقالتهما أمام محافظ عكار. علماً أن وهبي كان تقدّم بطعن في قانونية العضوين أمام مجلس شورى الدولة، ولم تصدر نتيجته بعد. أما حيثيات الطعن المقدم فتقوم على إقالة العضوين عياش والحاج لكونهما يعملان في التعليم المهني الرسمي بصفة "متعاقد". وهنا انقسم الرأي العام في اتجاهين. الاتجاه الأول يعتبر المتعاقد لدى وزارة التربية "غير موظف" لكونه يتقاضى أجره بالساعة، ويحق له الترشح لعضوية المجالس البلدية. وعلى المقلب الثاني، ثمة من يعتبر المتعاقد في التعليم المهني موظفاً وتنطبق عليه الأحكام المنصوص عنها في المادة 29 من قانون البلديات، لكونه يتقاضى الأموال من وزارة التربية، وهو الرأي الذي استند إليه المحافظ في تبرير قراره.
المحافظ استعجل
ويشير الفريق لقرار المحافظ يشير إلى أن اللبكي قد تجاوز صلاحياته القانونية وجاء قراره مجحفاً بحق عياش والحاج، وكان عليه عدم الاستعجال في القرار، لأنهما ليسا موظفين ولا تنطبق عليهما شروط الوظيفة العامة، لاسيما أن اجتهاداً قانونياً حديثاً يعتبر المتعاقد مع وزارة التربية غير موظف في ملاك الدولة اللبنانية. ووفق رافضي القرار فقد استبق المحافظ نتيجة الطعن المقدّم أمام مجلس شورى الدولة، واستجاب بذلك لإملاءات الجهة الطاعنة ولإرادتها.
أوساط في محافظة عكار أشارت لـ"المدن" إلى أن المحافظ بعيد كل البعد عن الخلافات والحسابات العائلية في البيرة وغير البيرة، وهو أصدر قراره استناداً إلى المادة 29 من قانون البلديات، التي تعطي المحافظ صلاحية اتخاذ قرار إقالة عضو في المجلس البلدي بعد التحقق من وجود شكوى رسمية ومراعاة حقوق العضو في الدفاع والطعن. وقد اتّخذ القرار ضمن مهلة الـ 15 يوماً التي يجيزها القانون وبناءً على مستندات رسمية أُرفقت بطلب رسمي قُدّم إلى المحافظة من أحمد وهبي عبر محاميه من آل هرموش. وأكدت الأوساط أن قرار إقالة العضوين لا يؤثر على المجلس البلدي المؤلف من 15 عضواً والذي يبقى قائماً، ويحق لكل من عياش والحاج الطعن بالقرار أمام مجلس شورى الدولة فور تبلّغهما للقرار وضمن الأصول".
بالمقابل علمت "المدن" بأن القرار يأتي في ضوء تعميم سابق لوزير الداخلية بعيد الانتخابات البلدية والاختيارية الأخيرة، شدّد فيه على المحافظين ضرورة تطبيق المادتين 29 و26 من قانون البلديات وعدم المماطلة في مثل هذه الملفات. وتشير مصادر متابعة إلى أن قراراً شبيهاً بهذا القرار اتّخذ في بلدية أخرى.
عدم وضوح النص
عدم وضوح نص المادة 29 تجاه المتعاقد في التعليم الرسمي بالتحديد والجدل حول اعتباره موظفاً أم لا، لا يحسمها إلا مجلس شورى الدولة بقراره المنتظر، الذي عليه مهمة أن ينهي الجدل والنقاش بقانونية القرار من عدمها. فالعقد الذي يجدده المتعاقد في التعليم المهني العقد السنوي مع وزارة التربية ومديرية التعليم المهني، ينص على أن الوزارة لا تتحمل أي أعباء أو مسؤولية تجاهه، كما أن العقد معنون بصفة "غير موظف". مع العلم بأن هناك العديد من أعضاء المجالس البلدية في عكار وغيرها من المناطق، متعاقدون مع وزارة التربية، ما يجعل وضعية العضوين ليست استثنائية، وما سينطبق عليهما سينطبق على كل من لديه الحالة عينها.
ويشير الأستاذ في القانون الإداري علي مراد لـ"المدن" إلى أن موضوع المتعاقدين تحديداً ينظر إليه مجلس شورى الدولة بحسب كل حالة وكل ملف يعرض أمامه. ولا يمكن البت بملف الأستاذين بشكل قطعي إلا من خلال الاطلاع على ملفاتهما. فشورى الدولة يدرس ملف المتعاقد بحسب نوع تعاقده وإذا كان دوامه جزئي أو كامل وإذا كان يخضع للأمرة الوظيفية أم لا. في المقابل، قرار المحافظ إداري وقابل للطعن أمام مجلس شورى الدولة. وفي هذا الصدد علمت "المدن" أن العضوين في مجلس بلدية البيرة، عياش والحاج، يتجهان إلى الطعن في قرار المحافظ اللبكي أمام مجلس شورى الدولة فور تبلغهما القرار بالشكل الرسمي.
تعليقات: