بري حسم رئاسة المحاكم الجعفرية بتعيين الشيخ «محمد كنعان».. ماذا عن رئاسة المجلس الشيعي؟

الشيخ «محمد كنعان»
الشيخ «محمد كنعان»


يشهد البيت الشيعي في لبنان هذه الأيام حركة سياسية متوترة خلف الكواليس، عنوانها العريض: من يملك قرار التعيين في المواقع الدينية الأساسية؟

فبعد سنوات من الشغور في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والمحاكم الجعفرية، بدا أنّ الرئيس نبيه بري قرر أن يحسم ملفات حساسة كان حزب الله يفضّل تأجيلها أو التحكم بمساراتها.

معركة رئاسة المجلس الشيعي

بحسب مصادر سياسية، أبلغ الرئيس بري قيادة حزب الله أنه خلال الشهرين المقبلين سيُحسم تعيين رئيس جديد للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشاغر منذ رحيل الشيخ عبد الأمير قبلان.

بري، الذي أرسل رسالة واضحة بأنه لا يقبل مزيداً من المماطلة، يسعى إلى تثبيت موقعه كمرجعية شيعية في موازاة قوة الحزب العسكرية والسياسية التي تدهور وضعها بعد الضربات التي تلقاها في الحرب الاخيرة.

هذه الخطوة تحمل في طياتها أكثر من بعد، فهي إعادة لتفعيل مؤسسة دينية راكدة، وفي الوقت نفسه اختبار للتوازن الجديد داخل الثنائية الشيعية.

بري في المحاكم الجعفرية

قبل أيام، حُسمت معركة أخرى بصمت، فجرى تعيين القاضي الشيخ محمد كنعان رئيساً أصيلاً للمحاكم الجعفرية بعد سنوات من الخلاف، حزب الله كان يعارض هذا التعيين، وذلك بسبب ما يعرف عن الشيخ كنعان من معارضة مبدئية لنظرية لـ “ولاية الفقيه”، وتصريحه بهذه المعارضة في دروسه الدينية الخاصة التي يلقيها على مريديه من المؤمنين وعلى طلاب العلوم الدينية المستجدين. لكن بري فرضه رغم الاعتراض، منهياً شغوراً استمر منذ عام 2015.

الشيخ كنعان، الذي كان يتولى المنصب بالوكالة، صار أصيلاً بقرار سياسي حاسم من عين التينة. هذه الواقعة عززت الانطباع بأن بري مستعد لمواجهة الحزب حين يتعلق الأمر بتقاسم النفوذ في المؤسسات الدينية.

قلق بري على نفوذه

دوائر قريبة من بري تكشف أن استعجاله في هذه التعيينات مردّه إلى خشية من متغيرات سياسية مقبلة قد تحدّ من قدرته على فرض خياراته. هواجسه تزداد مع شخصية نائب رئيس المجلس الشيعي الحالي الشيخ علي الخطيب، الذي يرى فيه بري أقرب إلى خط حزب الله وأكثر التزاماً بتوجيهاته، ما يجعله خارج حسابات “الاستقلالية” التي يريدها رئيس حركة أمل.

في العمق، ما يجري ليس مجرد شغور إداري أو إجراء بروتوكولي، بل صراع نفوذ بين ركنين أساسيين في الساحة الشيعية. فالرئيس بري الذي يسعى لتكريس نفسه مرجعية سياسية ـ دينية، مستغلا تراجع نفوذ الحزب وضعفه الحالي، في حين ان حزب الله يفضل بقاء يده العليا في المؤسسات الدينية بشكل خاص، وكان قد دخلها عنوة في ذروة قوته في السنوات الاخيرة، كاسرا احتكار حركة امل للمراكز الشيعية الرسمية.

الأسابيع المقبلة ستكون كفيلة بإظهار من يملك الكلمة الفصل، لكن المؤكد أن إعادة ملء هذه المناصب ستعيد رسم توازنات حساسة في المشهد الشيعي واللبناني عموماً.

تعليقات: