استهدفت إسرائيل اليوم عائلة مدنية بريئة في بنت جبيل: أب وأم وأربعة أطفال، بلا أي انتماء حزبي أو عسكري. إرتقى خمسة شهداء بينهم ثلاثة أطفال. هذا التطوّر ليس تفصيلاً عابرًا في سياق الحرب، بل يحمل رسائل واضحة ومركّبة.
هو ترهيب جماعي يهدف إلى دفع سكان الجنوب نحو النزوح القسري، وهو محاولة لكسر المعادلة القائمة التي تجعل المدنيين خطًا أحمر، ما يعني فتح الباب أمام فوضى إنسانية تضغط على المقاومة من الداخل.
كما أنه استفزاز مقصود لجرّ المقاومة إلى ردّ أعنف، يُستخدم لاحقًا ذريعة لتوسيع العدوان وربما التمهيد لاجتياح بري. والجديد أنّ العدو الغاشم يوجّه أيضًا رسالة سياسية للخارج: ففي ظل الاعتراف الدولي المتزايد بفلسطين، وآخره من بريطانيا وكندا واستراليا، يحاول أن يحوّل النقاش العالمي من "حقوق الفلسطينيين" إلى "التصعيد على الجبهة اللبنانية".
وأخيرًا، لا يمكن إغفال البُعد الداخلي: فالحكومة الإسرائيلية المأزومة تحتاج لإظهار بطش بلا حدود لجمهورها بعد فشلها في غزة.
ومهما بلغت فظاعة المشهد، فإن صور الأطفال الذين ارتقوا اليوم ستبقى شاهدة على أن هذه الأرض تُروى بالدماء البريئة، وأن الجنوب الذي قاوم الغزاة مرارًا لن يرحل. من تحت الركام يولد الوجع، ومنه يولد أيضًا العناد على البقاء… وبنت جبيل التي قدّمت عائلة كاملة قربانًا جديدًا، ستبقى عنوانًا للصمود في وجه آلة القتل والعزلة.
الرحمة للشهداء الأبرياء، والشفاء العاجل للجرحى.
تعليقات: