وانا في هذه المقدمة اتحدث عن السيدة تمام، اتحدث عن مدينة أوتاوا في وجه من وجوهها وسماتها. وسماتها كثيرة ومنها رقة المعاملة بين افرادها. وكذلك هي السيدة تمام.

هي امراة صنعت تاريخها بنفسها. ابنة جبل عامل الأبي.

وكان لها المجال الاوسع في رسم ملامح مجتمع المرأة اللبنانية الجنوبية في الاغتراب. وتحديدا في العاصمة الكندية أوتاوا.

في ظل صخب الاصوات كان لـ السيدة تمام صوتها الخاص وحياتها الخاصة. هي القوة في شخصية امرأة عاملية.

وكان لها اسلوبها الخاص الذي بدأت بالتقاطه منذ نعومة اظفارها من بلدها الام لبنان. وهكذا تسير الامور اذ لا بدّ ان يتغلب اسلوبك الخاص من البداية الى النهاية لان التقليد لا يدوم ابدا ولا يقود الى شيء.

السيدة تمام، هي الأشبه بزرعة اعيد غرسها في تربة اخرى وهواء آخر. حيث انها في مثل تلك الظروف الجديدة كان عليها ان تعيد تشكيل نفسها بنفسها. وهكذا فعلت السيدة تمام.

ثمة في حياة تلك السيدة الفاضلة حدثان شكّلا قناعاتها وربما ثوابتها الاجتماعية والاخلاقية.

كان الاول ولادتها في جنوب لبنان فاذا بها تكشف البعد الجنوبي وكأنها تبحث عن الجنوب داخل شخصيتها فوجدتها في كل هذه القوة المؤثرة في حياة المرأة اللبنانية الى ان حفرت أثارها عميقا في هذه الشخصية الفذّة. وكل ما تلا من انبلاج الاحلام (احلام المرأة الجنوبية ). في الاحلام ذهبت السيدة تمام الى اقصى الحدود اللا مألوفة التي يمكن ان تذهب البها اية مواطنة جنوبية في بلد اغتراب حيث كانت كندا منطلقها الاوسع الى التجربة.

أما الحدث الاخر فهو اطار العمل والمضي ابعد في التغيير ومواجهة المواقف بقوة وثبات. اذ اصبحت السيدة الجليلة تمام قطبا يجذب المجتمع الجديد الى تطلعاته. ذلك التغيير ومواجهة المواقف حيث وجدت السيدة تمام ان البيئة غير مواكبة وغير جاهزة للسير بالوتيرة التي تمنتها، فقامت بجذب جزء من بيئة مجتمع غربي في إتجاه آخر ليس تقليدي وليس سائد.

يصعب حصر السيدة تمام في صورة واحدة، وهي شخصية ذات حضور فعلي.

وهي المؤمنة ان التغيير يبدأ على المستوى الأصغر ثم ينعكس على المستوى الأكبر.

هذا ملمح من ملامح الشخصية اللبنانية، شخصية المرأة الجنوبية المضحية من اجل مجتمع افضل. مجتمع ذو ملامح كبيرة اذا اخذنا بالحسبان التحديات ومواجهة الصعاب الكبيرة.

ان حياة السيدة تمام، كل حياتها، هي في اصل جوهرها احتفاء بالحياة واحتجاج على كل وجوه القبح والظلم فيها، و من ثم هي مزيج عجيب من العمل والمصابرة والاستمرارية، من الفرح والرفض والمواجهة.

قليلون هم من استطاعوا النهضة بنور الحكمة ونهضة العقل رغم صعوبات المرحلة ليبتقى سيرتهم عطرة لكل خطوة خطّتها الاقلام والاقدام.

هيفاء نصّار - أوتاوا، كندا

الواقع في ٢٦ أيلول، ٢٠٢٥