هدى صادق: الخروقات تزرع الموت في البيوت


في جنوب لبنان تتساقط الحياة مع كل خرقٍ جديد يزرع الموت في البيوت كأنه قدر محتوم لا مهرب منه الأطفال يُسرقون من دفء العائلة قبل أن يتعلموا نطق الحروف والبيوت تتحول إلى أكوام حجرية تذكر بالأمس الجميل الذي لم يعد موجوداً الأمهات ينحتن الوجع في وجوههن والرجال يردّدون أسماء الأبناء كصلوات باهتة لا تحمي من رصاصةٍ ولا من صاروخ أو مسيرة.

أهالي الجنوب يواجهون العدوان بصدور عارية من الخوف يتمسكون بالأرض كما يتمسك المرء بذكرى أمٍ رحلت الشرف عندهم ليس كلمة تُقال في مناسبات باردة، بل دماؤهم زرعهم وبيتٌ لم يرحلوا عنه رغم كل شيء هم الذين يدفنون الأحبة ثم يعودون ليزرعوا حقلاً أو يرمّمون جداراً لأن البقاء على هذه الأرض ليس خيارًا بل عهدٌ وميثاق لا يُقبَل التخلي عنه.

أما من يفترض بهم أن يكونوا صوت الشعب وحماته فتغدو تصريحاتهم ورطبة أفعالهم بين حبر بلا قوة وصوتٍ بلا وزن صمت الحكومة أمام الخروقات ليس مجرد تقاعس إنما هو خيانة واضحة للعهد والمسؤولية والوطن خزىٌ وعيبٌ يحفر في ذاكرة الشعب الجنوبي بل في تاريخ الإنسانية ووصمة لا تمحى إلا بموقف شجاع يردّ الكرامة لأهل الجنوب

كل يومٍ يمضي وهم يلتزمون الصمت يزداد العار ويشتد السؤال لمن تُدفع ثمن الصمت إذا لم تكن ثمنًا لضميرٍ يعيش

اليوم نقف بين ركامٍ ودموع نحصي أسماء من رحلوا ونعدّ جراحاً لا تنتهي ونعلن أن الحياة التي يقاومون من أجلها أعظم من كل تهديد الجنوبيون باقون على أرضهم حاملين شرفًا لن يُهان متمسكون بالجذور مهما صاحب ذلك من ألمٍ وثمن وأرواح بريئة وباقون على عهد التراب والمقاومة مهما كان.

بقلمى إبنة الخيام هدى صادق

تعليقات: