أتابع بإهتمام نشاط الفنانة التشكيلية اللبنانية سهى صبّاغ صاحبة المعرض الفني «بيت سهى». وهو معرض فني أقامته الفنانة في بيتها في الحمرا في بيروت للرسم والحب والحياة.
ترسم انامل سهى كل شيء جميل تاركتا لاحساسها قيادة يدها والوانها الباحثة عن ضوء ونور وفرح بين الظلال والظلام.
خليط هو هذا المعرض من الوان مزجتها بدقة في رحلة البحث عن الذات.
و بالألوان ومع الألوان ترسم سهى التفاصيل التي تتسابق على مساحة اللوحات لونا بعد لون ولوحة بعد لوحة.
وتسجّل الفنانة سهى صبّاغ مسيرة فنية مؤثرة ولافتة وغنية أثرت بها الحركة الفنية التشكيلية في لبنان والعالم. فلوحاتها تناغي أعماق المتذوق للفن التشكيلي.
فنانة ترسم الأماكن والوجوه والاحداث مشكّلة بالخطوط والالوان بصمة مميزة صاغت ارثا فنيا عظيما. استطاعت من خلاله ترسيخ المشهد الفني بوضوح و تميز.
وأنت تشاهد لوحات الفنانة سهى صبّاغ عن قرب او من على حسابات و صفحات التواصل الاجتماعي تشعر في لوحاتها أن للمكان والزمان والحدث كينونة وشخصية؛ تفاعل ووجود. وهي حالة القوة الذاتية للفنانة نفسها.
في لوحاتها تكتشف كينونة الاشياء، و تكتشف معها عن قرب التعرف الى جوهر الاشياء الحقيقي وطبيعتها المثلى.
فتجارب سهى متنوعة ومتميزة. كل هذه التجارب سعت الى اقتحام اللوحات من أجل أن تمنحها المعنى واللون الحقيقي للفن التشكيلي.
ان محترف وبيت سهى ينطق بمدى احساس الفنانة بمعايشة الفن عبر عقود من الزمن.
في لوحاتها الفنية شيء من "يبثّني أسراره فأبثّه حبي وتقديري" بجمالية مرجوة وشموخ أبدي. تلك الجمالية الطاغية المتمثلة في صدقها والنابعة من صميم قلبها النابض بالحياة ؛ فهنيئا لها هذه المشهدية.
ولعلّ هذه العينة من عشرات الرسومات واللوحات في "بيت سهى" تشكل او ربما هي أهازيج مؤمنة بالفرح تنساب من روح محبة ومنتمية. محبة للفن ومنتمية للمكان وقدسية الفن والتاريخ الانساني فيه.
وقد قدّمت سهى في هذا المعرض "بيت سهى"خلاصة تجربتها الفنية في معالجة جوهر المواضيع الابداعية فكانت لوحاتها تجريدية تعبيرية إبداعية. ففن سهى يعبر عن نفسه ويعبر عن بيئته.
ما تصوره اللوحات إبداع وهي تروي امام فتحات الابواب والنوافذ ما يتوسل لاعطاء بعض من الحرية والفرح للحياة.
أما رواية اللوحات امام فتحات الابواب والنوافذ فتلك هي مداخل استثنائية تؤتيان سهى بالنور وتقربانها من طبيعة بيروت وانفتاحها.
تلك فتحات الابواب والنوافذ تحتل المساحة من الجدار الجنوبي ربما ل " بيت سهى".
ان الحساسيات الفنية والجمالية في لوحات سهى حجزت لها مكانا حيث حقّقت نوعا من الاستمرار في مزاولة الابداع التشكيلي في أصعب الظروف.
فنانة ذات ذات ابداع وثقافة مسلحة بأدوات جرأتها وتعبيرها عنها.
وهي فنانة حاملة للتناقض للذات المبدعة والممزقة في آن؛ ظلّت تراود قلق الاسئلة والحروب. ولا بد ان اعمالها سوف تكون دوما شاهدا على تاريخ الفن التشكيلي في حقبات حروب من التاريخ الحديث.
سهى صبّاغ فنّانة فاعلة في المجتمع تتذوق الفن وقد تعلمت صناعة الفن المتذوق.
و هي فاعلة على مستوى ربط الابداع التشكيلي بمحيطه الاجتماعي وهو دور مضاعف للفنان يجمع بين الإبداع والاقتراب من هموم المجتمع في آن.
هيفاء نصّار
أوتاوا، كندا
الواقع في ٩ أكتوبر ، ٢٠٢٥
تعليقات: