
في زمنٍ يشتدّ فيه الضباب أمام طلّاب لبنان الباحثين عن دربٍ واضحٍ نحو مستقبلٍ أكاديميّ واعد، تشرق مبادرة الدكتورة ريم حجيج كنبضِ أملٍ يضيء الطريق من الجنوب إلى سائر أنحاء الوطن. وفي جنوبٍ يضمد جراحه بعد الحرب ويستعيد أنفاسه بعزيمة أهله وكفاءات شبابه، تتحوّل المعرفة إلى طاقةٍ خلاقة تدفع بعجلة التعافي والتنمية.
من هناك، تمضي الباحثة الأكاديمية والمحاضِرة في جامعات ألمانيا، وسفيرة المجلس اللبنانيّ الألمانيّ للثقافة، بخطًى واثقة في مسارٍ تربويٍّ هادف، مستكملةً مبادرتها التوجيهية التي انطلقت قبل نحو ستة أشهر في مدارس النبطية وبيروت، مؤمنةً بأنّ التعليم لا يعرف حدودًا حين تقوده الرؤية وتنهض به الإرادة.
تهدف المبادرة إلى تزويد طلاب المرحلة الثانوية بخارطة طريق عملية لمتابعة دراستهم الجامعية في ألمانيا، وتعزيز جاهزيتهم الثقافية والنفسية للاندماج في بيئات أكاديمية متقدّمة. وقد شملت الجولات الأخيرة مدارس عدّة في الجنوب، منها قدموس، والإنجيلية، والليسه حناويه، وثانوية عيتيت، وثانوية جزين، وثانوية الشهيد بلال فحص، حيث عقدت الدكتورة حجيج لقاءاتٍ مباشرة أثمرت حوارًا تربويًّا حيًّا ورسّخت جسور الثقة والتعاون مع الإدارات التعليمية.
وانسجامًا مع واقع الجنوب بعد الحرب، حيث تتقاطع الحاجة إلى التعافي مع الطموح للسفر والتخصّص، جاءت المبادرة لتقدّم رؤيةً واضحة وخياراتٍ مدروسة، وتحوّل التوجّه الأكاديمي إلى استثمارٍ في رأس المال البشري، يعود إلى بلداته بمشاريع ومعرفة ومهاراتٍ تُسهم في دعم الاقتصاد المحليّ ومسار النهوض.
قدّمت الدكتورة ريم خلال اللقاءات حزمةً إرشادية مكثّفة رسمت مسارًا يبدأ من مقاعد المدرسة وينتهي في مدرّجات الجامعات الألمانية، وسط تفاعلٍ لافتٍ من الطلاب وأسئلةٍ نوعيةٍ دعمتها بتجارب شخصية وأمثلة تطبيقية. وفي ختام كلّ لقاء، أُقيمت مسابقة تفاعلية خُصّصت جوائز رمزية للفائزين فيها، تقديرًا لتميّزهم وتحفيزًا لهم على مواصلة المسيرة بثقةٍ وثبات.
هذه المبادرة، المنبثقة من التزامٍ مهنيٍّ وأخلاقيٍّ راكمته الدكتورة حجيج عبر مسيرتها الأكاديمية في جامعات ألمانيا وخبرتها في الإرشاد العابر للثقافات، تُجسّد نموذجًا لتحويل المعرفة إلى أثرٍ ملموس، وتؤكد أنّ التعليم رسالةٌ تُمارس بروح القيادة والمسؤولية، خصوصًا في بيئةٍ تحتاج إلى إعادة بناء معرفيّ بعد الحرب.
وتغادر الدكتورة ريم محطّاتها الجنوبية وهي تحمل التزامًا بمواصلة المسار في مختلف المحافظات اللبنانية، من خلال تنظيم لقاءاتٍ جديدةٍ بالتعاون مع المدارس والأهالي والمستشارين التربويين، لترسيخ جسورٍ دائمةٍ بين المدرسة والجامعة وتثبيت دور الإرشاد العلميّ في توجيه الطلاب نحو خياراتٍ مدروسة.
إنّ مبادراتٍ كهذه تعمل في المشهد اللبناني كنبضٍ فاعل يُعيد للمعرفة دورَها في بناء الوطن. وحين تلتقي الخبرة بالإرادة، لا يكتفي الجنوب بأن ينظر إلى العالم، بل يفتحه ويعبُره بثقةٍ وعزيمة.













الخيام | khiyam.com
تعليقات: