
سوق النبطية
ماذا لو انتهت الحرب؟
قد نتسرع بالفرح،
ونكتشف سريعاً أن الخراب لا ينتهي مع آخر قذيفة…
هو فقط يغيّر شكله.
بعد الحرب تبدأ:
حرب تلميع الجثث،
وتبرير القتل،
وشرح لماذا كان لا بدّ أن نموت كل هذا الموت؟
كي يشعر أحدهم بأنه انتصر.
لن يكون السؤال: من ربح؟
بل: من سيملك الجرأة ليكذب أكثر،
ويقنع الناس أن هذا الخراب كان استثماراً وطنياً ناجحاً؟
بلادنا بعد الحرب لن تخرج منتصرة ولا مهزومة.
ستخرج فارغة.
دولة منزوعة المعنى،
سلطات بلا قدرة،
وشعوب تعبت حتى من الأحلام.
لا خرائط جديدة للمنطقة.
لا مشاريع كبرى.
فقط دولة قائمة بالحد الأدنى،
وشعوب تعيش بالحد الأدنى من الكرامة،
المطلوب منها أقصى درجات الصبر.
فالأنظمة العقائدية لا تنهار كما في الأفلام بسقوط التماثيل،
بل تتآكل وتتعفن من الداخل،
وتتحول من وعد بالخلاص
إلى فاتورة شهرية يدفعها الفقراء.
ويتحولون،
من بيئة يُفترض أنها بما قدمت من دماء هي الأساس،
إلى أول من يُستنزف،
وأول من يُترك،
ليبرر خسارته وحده.
حين يصبح السلاح سبباً دائماً:
للفقر،
للعزلة،
ولانتظار موت مؤجّل،
لا يعود مقدساً،
يصبح عبئاً،
وتُسحب الشرعية منه بصوت عالٍ.
المشكلة الكبرى ليست بانتهاء الأنظمة،
بل بنا نحن،
الذين حوّلنا الانقسام إلى هوية،
والخندق إلى عنوان سكن.
تعلّمنا لغة التخوين أسرع من لغة السياسة،
وصار أسهل علينا أن نعرف من نكره
من أن نعرف ماذا نريد.
لا نختلف لأننا مختلفون،
بل لأن هناك من عاش على تأبيد هذا الخلاف،
سلّحه،
وربّاه،
وورثه،
كما تورث الكراهية،
حتى صار بنية ذهنية
لا موقفاً سياسياً.
المطلوب:
أن ننسى الخراب،
وننسى الأسئلة،
وننسى الوعود،
وننسى الأثمان،
ونبني ذاكرة مشوّهة
فوق ركام إنكار متبادل.
الخيام | khiyam.com
تعليقات: